«معهد ناصر» يستقبل وزير صحة لاتفيا لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية    الأسهم الأوروبية تسجل مكاسب أسبوعية رغم تراجعها اليوم    فرنسا: نسعى لإجبار روسيا على العودة للمفاوضات    مباحثات لتعميق التعاون وترسيخ صداقة "حسن الجوار "بين الصين وتايلاند    الرئيس الفنزويلي يدعو نظيره الأمريكي إلى السلام وسط تصاعد التوتر في الكاريبي    السنيورة: إسرائيل لم تنتصر عسكريا بحرب 2006.. وسلاح حزب الله لم يعد يردع تل أبيب    هشام حنفي: ارتباط صبري بالزمالك أكثر من مجرد كونه نجم سابق    طقس غير مستقر غدا السبت.. أمطار خفيفة وشبورة مائية واضطراب الملاحة البحرية    للتسهيل على الركاب.. هيئة السكك الحديدية تعلن طرق حجز تذاكر القطارات ووسائل الدفع المتاحة    مدبولي يدشن مهرجان الفسطاط الشتوي الأول: من مقالب قمامة إلى أكبر حديقة بالشرق الأوسط    باحثة: 90% من مشاكل الشباب سببها البيت والمجتمع    مركز بصيرة يشارك في المؤتمر العالمي للصحة والسكان    مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    الطفل آدم مهنى: عندى 11 سنة ومبسوط إني جزء من أوبريت يالا بينا    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    من بينها الأهلي والزمالك.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    الحكومة تعتزم إنشاء مركز تعليم الحرف اليدوية بمدرب اللبانة.. صور    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    انقلاب سيارة نقل مقطورة وإصابة سائقها في قرية بمنشأة القناطر    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات صدارة بطولة العالم للرماية    وكيل وزارة الشباب تشهد انتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي للدورة 2025 – 2029    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العربى كتاوت.. و نِبْلَة الماكوكو
نشر في الأيام المصرية يوم 26 - 02 - 2012

العربى كتاوت هو ميكانيكى سيارات ماهر يجيد إصلاح الأعطال ويستطيع فك شفرة أى سيارة ومعالجة الخلل بها فى وقت قياسى، لهذا فإننى أثق به وأتعامل معه من زمان. غير أن هناك عيبا خطيرا فى العربى كتاوت ولا بد أن تكون محبا له حتى تحتمل هذا العيب. عيبه أنه فشار كبير يدمن تأليف القصص الخيالية على نهج أبو لمعة الأصلى النجم الشهير لبرنامج «ساعة لقلبك». فى زيارتى الأخيرة له بورشته الكائنة بحارة «سباخ ناشف» أخذ -بينما يقوم بإصلاح سيارتى- يحكى لى حكاية النبلة الجديدة التى شاهدها فى أدغال إفريقيا عندما كان يساند الثورات هناك ويحارب فى صفوف الثوار فى السبعينيات ضد حكم الماكوكو. سألته: أى ثورة هذه؟ قال: ثورات كثيرة وقد شاركت فيها كلها. قلت: وهل قامت هذه الثورات ضد حاكم اسمه الماكوكو؟ أجاب: الماكوكو هو اسم القبيلة، أما الحكام فلا أتذكر أسماءهم. قلت له: وهل حاربت إلى جوار الشعوب الإفريقية يا كتاوت؟ قال: طبعا حاربت إلى جوارهم.. هل نسيت أننا ننتمى إلى القارة السمراء وأننا أفارقة مثلهم؟ ثم أضاف فى لهجة مؤثرة: لقد تأسيت فى هذا بما فعله الثائر جيفارا الذى كان يحارب الظلم والطغيان فى أمريكا الجنوبية كلها لا فى بلده فقط، حتى إنه لقى مصرعه وهو يحارب فى بوليفيا بعيدا عن وطنه الأصلى. قلت له: وما موضوع النبلة التى شاهدتها هناك يا أسطى كتاوت؟ قال: كان ولاد الإيه محاربو الماكوكو يستخدمون ضدنا نوعا من النبال المتطورة التى يضعون بها قطعة حديد، ثم يشدّون النبلة ويطلقون الحديدة التى كانت عند اصطدامها بالجسم تخترقه وتبحث عن الكلى والكبد فتجرى وتختبئ داخلها وتحدث للمصاب تمزقات تؤدى إلى الوفاة. سألته مشدوها: هل كان لنبلة الماكوكو كل هذا التأثير؟ قال: وأكثر من هذا، وربما لن تصدقنى إذا قلت لك إن جنود الماكوكو لم يكونوا يستخدمون العربات أو المركبات فى هجومهم، وإنما كانوا يقتحمون تحصيناتنا ويطلقون علينا نبالهم الحديثة وهم يعتلون ظهور السباع والنمور وكل أنواع الضوارى! قلت فى دهشة: يا لها من ذكريات يا أسطى.. أعتقد أن عودتك سالما بعد كل ما واجهت تعتبر من قبيل المعجزات. قال: إن رب العرش نجانى، لكن من قال إننى رجعت سليما؟ لقد أصبت أكثر من مرة، وما زال كثير من قطع الحديد قابعا فى جسمى بعد أن خشى الأطباء من استخراجه خشية حدوث مضاعفات. قلت: لماذا لا تكتب مذكراتك يا كتاوت حتى تعرف الأجيال الجديدة تضحياتك فى سبيل الحرية؟ قال وهو يتنهد: هذا الأمر متروك للمستقبل ولا أظننى أستطيع أن أكشف عن كل شىء لاعتبارات تتعلق بالأمن القومى. سألته: أمن إفريقيا؟ قال: لن أستطيع الاستفاضة كثيرا ويبدو أننى تورطت وتحدثت إليك بأكثر مما ينبغى ولك أن تعلم أنك الشخص الوحيد الذى أسررت إليه بهذا الأمر، لذلك أرجو أن تكون عند حسن ظنى ولا تفشى ما أطلعتك عليه. قلت له: عيب يا كتاوت.. سرك فى بير.
ظللت أتذكر حدوتة كتاوت وأضحك على كذبه المفضوح وخياله العجيب الذى يجعله يعيش فى الأوهام وينسج القصص الخيالية بسهولة شديدة، ولم أندهش بعد أن علمت أن حارة «سباخ ناشف» كلها كانت تعرف مغامرات كتاوت فى إفريقيا وأننى لست الوحيد الذى فاز بهذا السبق!
غير أن شيئا حدث غيّر موقفى من العربى كتاوت وجعلنى أعيد النظر فى موقفى منه ومن حواديته. ما حدث هو أننى شاهدت بالتليفزيون وزير الداخلية السابق اللواء منصور العيسوى فى لقاء مع عماد الدين أديب يتحدث عن الموضوعات الأمنية التى تشغل الرأى العام، ويجيب عن أسئلة أديب الخاصة بمن قتل الشباب فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها من المواقع التى سقط فيها من أبناء مصر شهداء ومصابون. نفى العيسوى أن تكون الشرطة قد أطلقت النار على المتظاهرين، ونفى كذلك أن يكون الجيش قد تورط فى إطلاق نار، وعندما سأله المذيع عمن يمكن أن يكون قد فعلها إذن ما دامت الشرطة والجيش بريئين، خصوصا أن مسؤوليته مفترضة فى كل الأحوال بحكم قيادته وزارة الداخلية، قال اللواء العيسوى إنهم استطاعوا القبض على أحد المجرمين من «الطرف الثالث» الذين قاموا بقتل الثوار وإنهم وجدوا فى حوزته 200 نبلة من التى تطلق قطع الحديد فيدخل الجسم ويقتل الإنسان فى الحال، وأضاف العيسوى بثقة أن حركة حماس هى التى تنتج هذا النوع من النبال! وربما يكون المشاهدون قد اندهشوا من هذا الحديث غير المتوقع عن نبلة حماس، التى قتلت وجرحت الآلاف من الثوار دون القبض إلا على شخص واحد لم يسمع به أحد! لكن واحدا مثلى سبق له أن سمع حديثا مشابها عن نبلة الماكوكو لم يكن له أن يستغرب، وإنما شعرت أننى مدين للعربى كتاوت باعتذار مصحوب بالندم على سوء ظنى به لأن ما اعتقدته من قبيل النخع والنتش والفشر هو معلومات أمنية لا يجوز التهاون بشأنها، ولعل كتاوت كان محقا فى عدم إطلاعى على كل التفاصيل خصوصا ما يتصل بحماس، وذلك لحساسية الموضوع. لا مفر إذن من الذهاب إلى حارة «سباخ ناشف» وجمع كل من استهان بالميكانيكى النبيل لنقف فى حضرته مطرقين قائلين فى خجل: إحنا آسفين يا كتاوت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.