يطالب عدد من المستثمرين وخبراء الاقتصاد بضرورة تعميق الشراكة الاقتصادية بين السودان ومصر بعد اتفاق السلام النهائي الذي جري توقيعه في كينيا في 9 يناير الجاري بين كل من حكومة الانقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان.. وأكدوا أن النجاح في تنفيذ الاتفاق في الفترة الانتقالية ومدتها 6 سنوات سيساهم في تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.. وأشاروا إلي أن بقاء أزمة دارفور التي مازالت مشتعلة في غرب السودان، والخوف الدائم من انفصال الجنوب بعد انتهاء المرحلة الانتقالية يمكن أن يساهما في عدم تنشيط الاستثمار الزراعي والمشروعات المشتركة بين البلدين.. وطالبوا بوضع حلول سريعة للمشكلات التي تفوق انسياب حركة التجارة المحدودة بين البلدين. يوضح في البداية الدكتور رياض عمارة الخبير السابق بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية بالخرطوم وأستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية زراعة القاهرة: إن اتفاق السلام الذي تم توقيعه أوائل هذا العام بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان يمثل نقطة تحول كبري في تاريخ السودان.. كما سيساهم بلاشك في توفير المناخ الملائم لإقامة شراكة اقتصادية حقيقية بين مصر والسودان، ذلك لأنه سيساهم في تأسيس علاقة جديدة بين الشمال والجنوب ستنعكس ايجابياً بلا شك علي العلاقة مع مصر في شتي المجالات. الشراكة الاقتصادية ويضيف د.عمارة: إن الاتفاق سيؤسس أيضاً لعلاقة جديدة بين الخرطوم والأطراف، يتمتع فيها الإقليم الجنوبي باستقلال شبه مطلق وصلاحيات كبيرة في إدارة الشئون السياسية والاقتصادية والأمنية.. وبالطبع فإن هذا سينعكس ايجابياً علي العلاقة مع مصر. وإلي جانب ذلك كما يقول عمارة سيمكن اتفاق السلام الجنوب من أن يشارك بصورة فاعلة ومؤثرة في الحكومة المركزية من خلال اعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة السودانية التي سوف يحتفظ فيها ممثل الجنوب بحق الفيتو تجاه كل الأمور الأساسية في إدارة السودان، سواء أكانت سياسية أو تتعلق بالعلاقة مع مصر أو أمنية.. حتي البرلمان السوداني سيكون به مجلس للولايات يقوم بدور الرقيب علي التشريع حتي يضمن التوزيع العادل للثروة وللتنمية في أقاليم السودان الجنوبية والغربية والشرقية.. وكل هذا سينعكس بشكل إيجابي علي العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر. وحدة السودان إننا يجب أن نعلم والكلام مازال للدكتور رياض عمارة ان جنوب السودان ستكون له حكومة شبه مستقلة، ويمكن لها أن تقيم علاقات جيدة مع مصر، تمكنها من عمل مشروعات تنموية في جنوب السودان الغني بالبترول، إلي جانب ذلك سيحظي الجنوب بنصيب الثلث في وزراء الحكومة المركزية.. ومن كل هذا يتبين أن اتفاق السلام يؤسس لعلاقة اقتصادية وسياسية وأمنية جديدة بين الشمال والجنوب، مما سينعكس ايجابياً في حال تنفيذ الاتفاق علي مصر وعلي المجتمع السوداني ويؤدي لحفظ وحدة السودان والانتقال به إلي مرحلة التنمية والوئام الوطني والاستقرار السياسي والأمني. وكل هذا سيوفر مناخاً جديداً لتعميق الشراكة الاقتصادية بين مصر والسودان. صعوبات عديدة لكن يبقي هناك كما يقول رجل الأعمال هشام عبدالعزيز العديد من الصعوبات التي ستحول دون تعميق هذه الشراكة الاقتصادية بين البلدين ومن أهمها: 1 أزمة دارفور التي مازالت مشتعلة في غرب السودان، لا شك في أنها ستحول دون تنشيط الشراكة الاقتصادية والاستثمار الزراعي في السودان.. ومن هنا يجب أن تعمل الحكومة السودانية علي وضع حل سياسي سريع لها، علي غرار الحلول التي وضعت للجنوب، بشرط ألا ينتهي بها المطاف إلي الاستفتاء علي الانفصال مثلما سيحدث في جنوب السودان. 2 الخوف الدائم من انفصال الجنوب بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ومدتها 6 سنوات والتي يمكن أن تكون بداية لاقتتال جنوبي جنوبي، وبداية لعدم استقرار طويل، قد يؤدي في نهاية المطاف لتمزيق السودان كله.. مما سيؤثر سلباً علي الاستثمار والمشروعات التنموية وعلي العلاقة التجارية المتواضعة مع مصر. تقسيم الثروة ومن هنا يجب أن يتنبه طرفا الاتفاق حكومة البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان إلي ضرورة العمل علي تنفيذ الاتفاق وخاصة تلك الجوانب المتعلقة بالشراكة السياسية والاقتصادية.. فمن المعلوم أن اتفاق السلام ينص علي تقسيم عادل للثروة.. إلي جانب تخصيص 52% من مقاعد الحكومة التي ستدير الفترة الانتقالية للإنقاذ، و28% للحركة الشعبية و20% للقوي السياسية الأخري. وكل هذا يجب أن ينفذ بدقة لكي يبقي السودان موحداً، ويستطيع بالتالي جذب الاستثمارات إليه.