وجه المستثمرون انتقادات حادة للبنوك لقيامها باستثمار أموالها في سندات حكومية وأذون الخزانة. وقال المستثمرون إن هذا التوجه من قبل البنوك يؤثر علي القطاع الصناعي حيث وجدت البنوك في هذه الأذون والسندات طريقا سهلا للاستثمار وبعيدا عن "وجع دماغ" تمويل المشروعات الانتاجية. في الوقت نفسه حمل المستثمرون الحكومة جزءا كبيرا من المسئولية عن ذلك حيث تشجع البنوك علي استثمار أموالها في مثل هذه السندات والأذون. وكانت استثمارات البنوك في اذون الخزانة قد شهدت ارتفاعا في الفترة الأخيرة، حيث بلغت قيمتها في أذون الخزانة 766.89 مليار جنيه، وبالنسبة للسندات علي الخزانة فقد بلغت قيمتها 13 مليار جنيه نهاية يوليو الماضي، بالاضافة الي 6 مليارات جنيه تم طرحها مؤخرا، وجاري طرح 3 مليارات جنيه أخري ليبلغ إجمالي الاذون والسندات 766.111 مليار جنيه وذلك طبقا لأحدث نشرة احصائية صادرة عن البنك المركزي المصري. يؤكد عصام الجمال نائب رئيس جمعية مستثمري 6 أكتوبر ان تأثير اتجاه البنوك لاستثمار أموالها في السندات وأذون الخزانة خطير جدا وله مردود سلبي علي الصناعة، حيث لوحظ قيام البنوك منذ فترة حيث تقوم بتقييد الاستثمارات في هذا المجال، فإذا ما طلب الصانع عشرة ملايين يقوم البنك باعطائه اربعة فقط أو خمسة رغم وجود دراسات الجدوي المطلوبة. ويري الجمال ان تردد البنوك في تمويل المشروعات الصناعية يؤخر عجلة الانتاج وهو ما يؤثر بالسلب علي الناتج القومي الاجمالي، فكيف نطالب بزيادة الانتاج والتصدير في حين لا يوجد التمويل اللازم، فالمصانع المصرية تعمل بنصف طاقتها الانتاجية نظرا لاحجام البنوك عن التمويل. وأكد أن البنوك تلجأ للحلول السهلة لتوظيف أموالها نتيجة ما حدث في أوقات سابقة من مشكلات التعثر لبعض رجال الصناعة، ومن ذلك شراؤها سندات حكومية وأذون خزانة وهو ما يعني أن أموال البنوك تتوجه للاستهلاك وليس للانتاج. ويري الجمال أن الحكومة تشترك مع البنوك بل وتشجعها علي توظيف أموالها في سندات واذون الخزانة حيث تقوم برفع معدل الفائدة عليها وتعفيها من الضرائب. ويؤكد الجمال أن عمل المصانع بنصف طاقتها ينتج عنه تعطل طاقات الشباب وزيادة البطالة وانخفاض الناتج القومي، بالاضافة الي ارتفاع تكلفة الوحدة الانتاجية وبالتالي تقل قدرتنا التنافسية في الاسواق العالمية فكلها دائرة متصلة ببعضها فاذا ما حدث خلل بأحد اجزاء هذه الدائرة تأثر باقي الاجزاء. ومن جانبه يري د. جمال الدين بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان عند نزول الدولة مقترضة من السوق يكون ذلك بغرض سحب السيولة حتي لا يزيد الطلب الكلي الفعال ويحدث التضخم، فالحكومة تؤثر علي قدرة البنوك علي الاقراض والبنك المركزي يسهم في ذلك حيث ينزل بائعا للسندات لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة وهو ما يؤثر بالسلب علي قدرة البنوك في تمويل المشروعات الاستثمارية والمشروعات الصغيرة. ومن جانبه يوضح محرم هلال عضو جمعية مستثمري العاشر من رمضان أنه نظرا لارتفاع نسبة السيولة داخل البنوك وخوفا من ارتفاع الاسعار وحدوث تضخم تلجأ الحكومات لطرح أذون للخزانة وسندات حكومية، ونظرا لارتفاع العائد عليها وخوفا من ظاهرة التعثر تستثمر البنوك أموالها فيها وتكون النتيجة عدم وجود أموال كافية لاقراض المستثمرين حتي يتمكنوا من التوسع في استثماراتهم. وطالب محرم البنوك بالتوسع في منح التسهيلات للمستثمرين ورجال الصناعة تنشيطا لحركة الاستثمار، مؤكدا أن دخولها في شراء سندات حكومية وأذون خزانة ليس في صالح المستثمر من ناحية وكذلك الاستثمار لما يترتب علي ذلك من عدم تشغيل المواد المتاحة وبطالة ومن ثم حدوث ركود فضلا عن ارتفاع الاسعار فتكون النتيجة حدوث ركود تضخمي وهو أسوأ شيء يمكن ان يحدث لاقتصاد أي دولة، فأسوأ الامور أن يتزامن الركود مع التضخم، وطالب الدولة بتشجيع البنوك علي ضخ الأموال في السوق وعلي إقامة مشروعات جديدة تعمل علي تشغيل العمالة الزائدة والحد من البطالة. ويري محمود الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة تجارة القاهرة أن اتجاه الدولة لسحب السيولة من السوق خوفا من التضخم يجعلها تتجه لطرح أذون وسندات حكومية. وبفائدة مرتفعة نسبيا، وانتقد الداعور بشدة توظيف البنوك لاموالها بهذه الكيفية، لانها لا تعود بالنفع علي المجتمع وعاب الداعور علي القائمين بالعمل في البنوك لقصورهم في التفكير بل وشبههم بمن يقومون باكتناز المال موضحا ان الاكتناز حرام لعدم استفادة الناس منه حيث لا ينتج عنه المساهمة في حل مشكلة البطالة عن طريق تمويل اقامة مشروعات جديدة وغيره.