بعد 48 ساعة من إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية.. لا أظن أن النتيجة قد حسمت بفوز أحد.. خبراء الانتخابات أجمعوا علي احتمال تأخر إعلان النتيجة النهائية المتنازع عليها، ربما حتي منتصف نوفمبر.. أما إن كانت النتيجة قد تم طبخها وتزويرها لحساب جورج بوش، فتلك الطامة الكبري التي ستشغل القضاء الأمريكي بمئات الطعون في صحة الانتخابات.. بعضها بدأ بالفعل، ورصد له الحزب الجمهوري 10 ملايين دولار تكلفة للتقاضي بصفة مبدئية، من أجل ألا تتكرر خديعة اَل جور في فلوريدا مرة أخري! كيرتس جانز رئيس اللجنة غير الحزبية لدراسة قاعدة الناخبين يقول للهيرالد تريبيون: "أؤكد لكم أن هذه الانتخابات سوف تكون أكثر الانتخابات خصومة قضائية Litigiovsl في التاريخ السياسي الأمريكي. والناخب الأمريكي يحس في أعماقه بالاغتراب، وفقدان الأمل في مرشحي الرئاسة!.. ليونيل هوايت مهندس معماري بمدينة كولومبس أوهايو يقول للنيويورك تايمز قبل أن يدلف إلي مركز الاقتراع: "هذه أول مرة في حياتي 54 سنة أمارس فيها حقي الانتخابي.. جئت لأنتخب جون كيري، وإن كنت علي يقين من أن كليهما بوش وكيري لا يعير مصالح ناخبيه.. بصقة اهتمام"!. الأدهي أن فتح أبواب تسجيل الأصوات عشية الانتخابات، زحمت الجداول بأسماء ملايين من المتشردين والأفاكين، أقبلوا علي التسجيل مقابل وجبة طعام، وتلقين مهم باسم المرشح الذي يختارونه.. تماما مثلما يحدث في دول العالم "الترسو".. هؤلاء أجمع الخبراء عشية نهار الاقتراع علي أنهم سوف يربكون كل التنبؤات بالنتائج الصحيحة للانتخابات! سطور أنيقة وبليغة سطرتها مجلة تايم علي غلافها أول نوفمبر تحت عنوان "في الصباح التالي".. تقرأ: إن افترضنا أن الانتخابات سوف تجيء بفائز جلي بلا مشكلات.. سوف يستيقظ العالم علي رئيس يعود إلي مكتبه، أو رئيس منتخب جديد.. وأيا كان المنتصر، فإنه سيتسلم أمة منشطرة ومقسمة: حول مكانتها في العالم.. وقيمها الأساسية.. واتجاهها في المستقبل.. وسوف تستمر الحرب الهمجية Uncivil War التي جاءت بها ضغائن الحملات الانتخابية! هل سيصبح من الممكن رأب الصدع، وإعادة توحيد الولايات المتحدة؟! هل سنستعيد الثقة بقيادات الوطن، وببقية دول العالم؟! وتختتم المجلة سطور غلافها الأكثر بلاغة من ألف صورة ملونة: "إن مخاطر الرهان أكبر من قدرتنا علي التخيل وتجسيد الظنون"! الرقص علي النغم! قضيت صيف وخريف سنة 1996 في أمريكا أتابع انتخابات تجديد بيل كلينتون في مواجهة منافسه عن الحزب الجمهوري بوب دول.. كان دول "العضو النائم" في المنافسة.. إذا سلم علي أحد أنصاره وقع من علي المنصة! وظهوره علي التليفزيون كئيب Droopy يثير مزيجا من الملل والإشفاق.. مقدم البرنامج الضاحك الشهير "جيي لينو" وصف حملة بوب دول في التليفزيون بأنها: "منوم"! يعترف الخبراء بأن نفس الوصف طال الحملة الانتخابية لكل من بوش وكيري.. وإن تميزت في نظرهم بأنها مزيج من السم والغضب الشديد Passion And Poison! 20 ألف محام يتابعون الحملة الانتخابية، وفي يد كل منهم نصل مشرع بتحريك قضايا الغش والتخويف والتهديد بالإكراه.. وكلها في قانون العقوبات الأمريكي جنايات معاقب عليها.. زد علي ذلك قانون التصويت الأمريكي الذي صدر قبل عامين، وفيه تغليظ شديد للعقوبة أيا كان مرتكب الجريمة! في قياس للرأي العام أجرته مجلة تايم أجاب 48% أنهم يتوقعون أن يكسب الانتخابات رئيس غير شرعي.. و56% قالوا إن ثمة خدعاً انتخابية Shenanigans سوف تلغي سلطة المجمع الانتخابي المنوط به اختيار الرئيس. تيد جيلين رئيس قسم علم السياسة بجامعة نيفادا لاس فيجاس يحقن الموقف بصرخة رعب أكاديمي "هذا أمر مخيف.. يخيفني أكثر من جهنم"!