جدل واسع بين مجتمع الاعمال والخبراء حول التعديلات المقترحة من الحزب الوطني في مؤتمره الأخير حول الاعفاءات الضريبية الممنوحة للمستثمرين والتي خرجت في شكل توصيات للحكومة تقوم بصياغتها حاليا لاقرارها. فالبعض يري ضرورة الغاء هذه الإعفاءات لانها ستكون بلا جدوي في ظل وجود سعر ضريبة منخفض ومناسب في حين.. يري البعض الآخر انه لا يجب الغاء هذه الاعفاءات بل يجب ان تحترم الدولة التزاماتها عندما قررت تلك الاعفاءات وان تضع البديل لها في حالة إصرار الدولة الغائها لان ذلك سيؤثر علي الاستثمار وسيكون سببا في انكماش الاستثمارات في المناطق العمرانية الجديدة، كما انه سيؤثر علي التنافسية بين المشروعات الجديدة والقائمة. ويقول المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب ان ملف الاعفاءات الضريبية يجب ان يفتح للمناقشة في المرحلة الحالية بهدف ترشيد سياسة الاعفاء بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحقق العدالة والمنافسة المتكافئة مؤكدا ان تشتت الاعفاءات بين مختلف التشريعات الضريبية وغيرها من القوانين اصبح أمرا غير مقبول ويجب العمل علي تطوير سياسة منح الاعفاء في مصر من خلال حوار جاد تشارك فيه كل الجهات المعنية والمهتمين بهذه القضية مع الحكومة. ويؤكد عز ان هناك اتفاقا بين معظم اصحاب الاعمال علي ضرورة تطوير سياسة منح الاعفاءات في اطار مقايضة مع مجتمع الاعمال يتم من خلالها قيام الحكومة بتخفيض اسعار الضريبة الحالية وهذا ما تم الانتهاء اليه في مؤتمر الحزب مؤخرا. محمد تيمور رئيس جمعية الاوراق المالية يري ان الاعفاءات الضريبية ليست عنصرا مهماً في عملية الاستثمار وجذب المستثمرين وبالتالي يجب الغاؤها وهو امر اصبح مطلوبا بشدة خاصة يعد تخفيض سعر الضريبة الي 20% كحد اقصي مشيرا الي ان هناك وسائل اخري ضريبية لتشجيع الاستثمار تتمثل في تنشيط وتسهيل الاجراءات الضريبية، وتحسين اداء الادارة الضريبية وكذلك تحسين العلاقة مع الممولين خاصة ان هناك مشكلة سوف تظهر عند الغاء الاعفاءات حاليا وهي تتعلق بالشركات والمشروعات التي تتمتع بالاعفاء حاليا حيث يمكن الغاء هذه الاعفاءات بشكل تدريجي تبدأ بالغاء 8% منها أو 10% كل سنة بحيث تنتهي هذه المشكلة في ظرف 3 سنوات. وأشار تيمور الي ان تخفيض اسعار الشرائح الضريبية سيؤدي الي ارتفاع حجم الاستثمار بصفة عامة والبورصة خاصة وبالتحديد الاستثمارات الاجنبية وبالتالي لا خوف من الغاء الاعفاءات الضريبية من ان تؤدي الي نقص المشروعات والاستثمارات. وسوف تؤدي السياسة المالية الجديدة التي نتبعها والكلام لتيمور الي تحقيق معدل نمو اكثر من المتوقع، خاصة ان معدل تخفيض الضريبة علي ارباح الشركات بجميع انواعها ادي الي ان اصبح سعر الضريبة في مصر مقاربا لاسعار الضريبة في الدول المتقدمة، وبالتالي لا خوف من الغاء سياسة الاعفاءات التي تهدر موارد الدولة. تبسيط الإجراءات ويري الدكتور رمضان صديق استاذ الاقتصاد والمالية العامة والتشريعات الضريبية ان تخفيض سعر الضريبة وتبسيط الاجراءات الضريبية خاصة في التعامل مع المستثمرين حافز مهم لتشجيع الاستثمار والمستثمرين اكثر من الاعفاءات مشيرا الي أن الدراسات اكدت ان الاعفاء في مصر لا يشجع الا المشروعات الصغيرة التي تريد ان تعوض تكلفتها خلال فترة الاعفاء اما المشروعات الكبيرة فان الاعفاءات لا تحقق لها هذه الميزة لانها عندما تبدأ في الانتاج تكون مدة الاعفاء قد انتهت. واضاف انه اصبح من الضروري الغاء هذا الكم الهائل من الاعفاءات الممنوحة لنشاط الاستثمار خاصة بعد مرور اكثر من 30 عاما علي صدور قانون الاستثمار الذي يحمل كل هذه الاعفاءات. ويتساءل صديق: هل التكلفة التي تتحملها الدولة تعادل هذا السيل الرهيب من الاعفاءات؟ وهل أتت ثمارها والعائد منها؟ مجيبا انه بالتأكيد لا.. موضحا ان الاعفاءات الضريبية الموجودة حاليا ليست في قانون الضرائب فقط ولكننا نجد ان كل قانون يصدر يحتوي علي الكثير من هذه الاعفاءات حتي اصبح الاعفاء هو القاعدة والاستثناء هو الخضوع للضريبة. يقترح رمضان صديق اذا كانت هناك ضرورة لوجود اعفاءات فيجب وضع ضوابط ومعايير لها ومدتها للتأكد من ان هذه المشروعات حققت بالفعل العائد الاقتصادي منها وهل اسهمت في الحد من البطالة وادت الي زيادة التصدير.. واذا لم تحقق ذلك فما الجدوي منها. ويكشف الدكتور محمد حلمي الخبير الاقتصادي فشل الاعفاءات والحوافز الضريبية مشيرا الي ان هذه الاعفاءات لم تنجح حتي الآن في جذب الاستثمارات الاجنبية او المحلية للاقتصاد المصري كما كان متوقعاً وقت صياغة هذه الإعفاءات منذ أكثر من 30 عاماً، بل علي العكس قد أدت إلي نتائج سلبية علي الموازنة العامة للدولة قدرتها بعض المصادر بما يزيد علي 100 مليار جنيه.