انتهت بالأمس فقط ولاية الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.. وقد توجه المواطنون في تونس للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وذلك لاختيار رئيس للدولة، وممثلين للبرلمان، وأعلن المجلس الدستوري في تونس عن صحة ملفات 4 مرشحين للانتخابات الرئاسية، هم رئيس الدولة الحالي زين العابدين بن علي، ومحمد بوشيحة، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، ومنير الباجي، رئيس الحزب الاجتماعي التحرري، ومحمد علي حلواني، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد "الحزب الشيوعي سابقا". وقد شارك في الانتخابات التشريعية أكثر من ألف مرشح ينتمون لسبعة أحزاب هي: "التجمع الدستوري الديمقراطي"، و"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين"، و"الاتحاد الديمقراطي الوحدوي"، و"حركة التجديد" و"حزب الوحدة الشعبية"، و"الحزب الاجتماعي التحرري"، و"الحزب الديمقراطي التقدمي"، بالإضافة إلي القوائم المستقلة للمرشحين، والتي تتنافس علي 189 مقعداً برلمانياً منها 37 مقعداً مخصصاً للقوائم التي لا تحصل علي الأغلبية. مما يذكر أن عدد مقاعد المعارضة في البرلمان التونسي قد ارتفع إلي 182 مقعداً مقارنة بما كانت عليه في انتخابات عام ،1999 حيث كان عددها 34 مقعداً، بينما كان العدد في عام 1994 لا يتجاوز 19 مقعداً. ومن الشروط التي ينص عليها الدستور التونسي للترشيح لرئاسة الجمهورية، أن يكون المرشح تونسياً لا يحمل أي جنسية أخري، وأن يكون من أبوين وجدين تونسيين. هذا وقد جرت الانتخابات هذا العام باشراف مراقب وطني تم استحداثه لأول مرة وهو "المرصد الوطني للانتخابات"، ويضم عدداً من الشخصيات المعروفة باستقلالها، ويحصل كل مرشح علي منحة لمساعدته علي تمويل حملته الانتخابية، سواء المرشحين للرئاسة أو للبرلمان، بالإضافة إلي أوقات متساوية في الإذاعة والتليفزيون لمخاطبة الناخبين طوال فترة الحملة الانتخابية التي بدأت منذ حوالي شهر كامل واستمرت حتي الثاني والعشرين من أكتوبر قبل ثلاثة أيام. وعلي الرغم من عدم الإعلان رسمياً عن نتائج الانتخابات الرئاسية، إلا أن كل المراقبين لتطورات الواقع التونسي خلال السنوات الخمس الأخيرة وهي مدة ولاية الرئيس بن علي كانت ولايته تؤكد علي أن الرجل أنجز ما وعد به من إصلاحات علي أكثر من صعيد، وأن برنامجه الانتخابي الذي عرضه علي شعبه قبل الانتخابات كان برنامجاً يجمع بين طموح الأهداف وإرادة الإنجاز. وكل ذلك دعم من مصداقية بن علي لدي شعبه لأنه ابتعد عن الشعارات الجوفاء والوعود الرنانة.. وهذه الخصال السياسية هي التي تفسر حرارة التفاعل الشعبي مع الرئيس بن علي لأن انجازاته تنطق عنه بدلاً من شعاراته.. ثم ان التعديلات الدستورية والسياسية التي وافق عليها المواطنون في استفتاء شعبي حر كانت من أعمق الإصلاحات علي الساحة السياسية التونسية منذ بدء عهد الرئيس بن علي. فهذا الإصلاح الدستوري يحقق نقلة نوعية لنظام تونس السياسي ويؤسس ل"جمهورية الغد". كما يولي حقوق الإنسان والحريات في عالمية مبادئها وشمولها وتكامل أبعادها وتلازمها، منزلة خاصة في نص الدستور. وانطلق هذا الإصلاح من قناعة راسخة بأن ما بلغته تجربة تونس من نضج هو الذي يدعم توجهها إلي تطوير نظامها السياسي للمرحلة القادمة، دون التخلي عن طبيعته الرئاسية، بل بتطوير العمل الحكومي وعلاقة الحكومة بالبرلمان ومزيد تفعيل رقابته عليها. ومن أبرز عناوين هذا الإصلاح كذلك تعميقه للمسار الديمقراطي التعددي من خلال تثبيت تعددية الترشيح للانتخابات الرئاسية وتعزيز شفافية العمليات الانتخابية.