الناس مواقف.. لحظة أن أبلغوا جورج بوش نبأ ارتطام طائرة أمريكان ايرلاينز، الرحلة رقم ،11 بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي بنيويورك، في تمام الساعة الثامنة و46 دقيقة، صباح 11 سبتمبر ،2001 وهو في أحد فصول مدرسة ابتدائية بفلوريدا، يطالع مع التلاميذ سطوراً من قصة خرافية.. ألجمه الصمت وظل 9 دقائق كاملة في حالة شلل ذهني تام لا يبدي رداً ولا صداً ولا تصرفاً علي مستوي الموقف المذهل.. هذا هو "رئيس الحرب" لحظة أن تدلهم الأمور ويندلع اللهب.. وهو لهذا يكره المباغتة.. ويخشي المؤتمرات الصحفية بأسئلتها الجارحة غير المتوقعة.. ولذات السبب مازال يراوغ منافسه جون كيري في تحديد جدول المناظرات السياسية المرتقبة بينهما.. رغم أن المناظرة الأولي قد تحدد بالفعل موعدها، نهار الخميس 30 سبتمبر في جامعة ميامي بفلوريدا.. وموضوعها: السياسة الداخلية..! لكل من المرشحين فريق يعد للمناظرات الساخنة ويرتب، وكأنها ساحة حرب.. علي جانب بوش: جيمس بيكر، وزير الخارجية في عهد والده. هالي باربر الرئيس السابق للحزب الجمهوري الحاكم.. وماري ماتالن نجمة الإعلام ذات الشخصية القاطعة كحد السكين..! وعلي جانب كيري: فيرنون جوردان، وروبرت بارنت، وهما من ألمع نجوم المحاماة في واشنطن.. جنيفر جرانهولم، حاكمة ولاية ميتشيجان، وجانيت نابوليتانو، حاكمة ولاية أريزونا. هؤلاء هم وكلاء كل من المرشحين، ونائبيهما، في لجنة المناظرات الرئاسية التي تحدد: عددها، ومكانها، وموضوعها، ومواقع الكاميرات التي ستصورها، وتوزيع الإضاءة ووضعية المرشحين، جلوساً كان أو وقوفاً.. وكل تفصيلة بحساب! حتي الآن لم يعلن بوش موافقته علي أية مناظرة! رجال حملته الانتخابية يؤكدون أن أي شيء لم يتم الاتفاق عليه بصورة نهائية!.. وهم يفضلون أن يشارك الرئيس في مناظرتين فقط.. بينما يفضل مساعدو كيري أن يشارك في ثلاث مناظرات، بالإضافة إلي مناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس..! والمفاوضات بين وكلاء المرشحين متشابكة وجارية.. ومنهم من له خبرة سابقة في فن التعقيد والإرباك "tangling".. جيمس بيكر، مثلاً، كانت له ألاعيبه في إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا في انتخابات الرئاسة الماضية التي فاز فيها بوش بفركة كعب.. بينما كان رون كلين يواجهه نائباً عن آل جور.. وتتكرر المواجهة بين الاثنين مرة أخري في الانتخابات المقبلة، مع فارق بسيط، أن رون كين هذه المرة سوف يمثل جون كيري! بيكر.. ودهاء معاوية! تكاد المفاوضات السابقة للمناظرات الرئاسية تفوق في تعقيداتها مفاوضات السلام في الشرق الأوسط!.. جون كيري عين فيرنون جوردان المحامي رئيساً لفريقه، وأعلن ذلك مبكراً في مايو الماضي.. بينما لم يعلن بوش ترشيحه لأعضاء فريقه حتي الآن، تاركاً كيري يتقلب كالسمكة في المقلاة..! ويتكتم كل من الفريقين أخباره وكأنها أسرار عسكرية.. لكنهم من حين لآخر يسربون خبراً له مفعول "بالون الاختبار".. من ذلك ما سربه معسكر جون كيري، هذا الأسبوع، عن ضمه لمايك ماكيري المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في عهد كلينتون.. والرسالة التي يحملها انضمام ماكيري: "إن اقتضي الأمر معركة إعلامية.. نحن هنا"..! الوقت يجري.. ومسئولو اللجنة التي تعد ترتيبات المناظرات الرئاسية منذ عامين، وأعلنت قبل أسبوعين جدولها وأسماء الوسطاء الذين سيديرون الحوارات وجميع التفاصيل.. في انتظار انضمام "الرئيس جودو" للركب الانتخابي! وأول مناظرة حددتها اللجنة سوف تعقد في جامعة ميامي بفلوريدا، الخميس 30 سبتمبر، لتناقش السياسة الداخلية. تتلوها مناظرة في سانت لويس. وثالثة في ولاية اريزونا تخصص للسياسة الخارجية. بينما تعقد في كليفلاند مناظرة بين المرشحين لمنصب الرئيس في أكتوبر.. وكلها مواعيد ليست نهائية! أي المرشحين يحتاج أكثر الظهور في مناظرة رئاسية؟ ديفيد لانو رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة ألاياما، يدلي بدلوه..: "بوش بوجوده في منصب الرئيس، وقياسات الرأي العام تميل لصالحه، يتمتع بنفوذ أعظم greater/everage.. والمرشح كيري في حاجة أكثر للمناظرة لكي يصبح علي قدم المساواة مع رئيس الولاياتالمتحدة المرشح"..! ويري خبراء الاستراتيجية في معسكر بوش أنه يكفي الرئيس أن يشارك في مناظرتين فقط.. وأن يتم تخفيض وقت المناظرة إلي ساعة واحدة بدلاً من 90 دقيقة. وقد التقي جيمس بيكر بالرئيس بوش، قبل أيام، ليعرض عليه لأول مرة ترتيبات المناظرات وجداولها الموضوعة.. ولا أحد يدري ماذا كان قرار بوش.. وكل رموز الميديا الأمريكية تطارد الآن جيمس بيكر لكي تعرف وجه الحقيقة.. لكن بيكر بدهاء معاوية لا يرد علي التليفونات، ولا يعلق..!