المعادلة صعبة.. ولكنها ليست مستحيلة! تحتاج مصر إلي 150 مليار جنيه استثمارات من اجل تحقيق معدل نمو يدور حول 5.6% سنويا وفي المقابل تشهد الاستثمارات تراجعا مستمرا سواء كانت محلية او اجنبية. هذه المعادلة الصعبة كانت علي رأس اولويات حكومة الدكتور احمد نظيف وجاءت في أول تصريحات له بعد تشكيل الوزارة، كما كانت محور أول اجتماع له والمحور الاساسي لفكر وبرامج عمل الدكتور محمود محيي الدين في وزارة تنمية الاستثمار. وسؤالنا هنا: هل نحتاج الي القانون السادس للاستثمار ام ان القانون الحالي كاف وتبقي المأساة محصورة في تنفيذ الفكر الجديد الذي يحمله الدكتور محيي الدين لتحطيم البيروقراطية وفتح صفحة جديدة للاستثمار في مصر؟ نحاول الاجابة علي ذلك السؤال الصعب في المعادلة الاكثر صعوبة؟ ونبدأ مع لغة الارقام التي تقول لنا ان نسبة الاستثمار المحلي الاجمالي الي الناتج المحلي الاجمالي تراجعت حيث كانت النسبة عام 1990 -1991 هي 26% اما في عام 2002- 2003 فقد تدنت النسبة الي 17% وحتي تظهر الصورة بشكل ادق نجد انه بمقارنة الاوضاع في بعض الدول العربية سنجد ان هذه النسبة تصل الي 24% في المغرب وفي الاردن 25% وفي تونس 26%. وتؤكد أحد الارقام انخفاض الاستثمار الاجنبي المباشر خلال النصف الاول من العام المالي الحالي 2003- 2004 من 552 مليون دولار الي 89 مليون دولار بعد ان كان حجم الاستثمارات الاجنبية حوالي مليار دولار في عام 1999 ومليار و200 مليون دولار في عام 2000 و4.2 مليار دولار في عام 2002. وفي يوليو 2003 بدأت الحكومة السابقة تنتبه لقضايا الاستثمار حيث وافق مجلس الوزراء علي التعديلات المقترحة في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 واضيف للقانون باب رابع بعنوان "تبسيط اجراءات الاستثمار" وبعد مرور عام قامت الحكومة الجديدة بتفعيل هذه التعديلات وقبل ان نحصد اي ثمار لهذه التعديلات خرج علينا هذه الايام احد المجالس السلعية باقتراح يؤكد فيه ضرورة ادخال تعديل جديد علي القانون لادخال نشاط التصدير ضمن الانشطة المعفاة ضريبيا وخاصة ان وزارة تنمية الاستثمار تسعي الي تذليل جميع العقبات امام المستثمرين خلال المرحلة المقبلة لتحقيق اهدافها.. وحتي تكتمل الصورة نرصد التغييرات العديدة المنظمة للاستثمار في مصر حيث صدر القانون رقم 43 لسنة 1974 لاستثمار رأس المال العربي والاجنبي واعقب ذلك صدور القانون رقم 32 لعام 1977 وتم الغاؤه بالقانون رقم 230 لسنة 1989 كما تم صدور القانون 159 لسنة 1981 للشركات المساهمة والتوصية بالاسهم وذات المسئولية المحددة وفي عقد التسعينيات صدر القانون رقم 8 لسنة 1997 ليتم اصدار خمسة قوانين للاستثمار منذ عام 74- 1997 مما يعني صدور قانون للاستثمار كل اربع سنوات وبعد مضي اكثر من 4 سنوات علي اخر تشريع للاستثمار وفي الوقت الذي لا يقوم فيه جذب الاستثمارات الخارجية علي قوانين الاستثمارات وحدها ايا كان حجم الاعفاءات والامتيازات التي تتضمنها تظهر اهمية النظر الي قضية الاستثمار ككل وعلاقتها بمجمل الاوضاع المالية والنقدية والجمارك والطريقة التي تمارس بها عملية تخطيط وجذب الاستثمارات من الداخل والخارج. وتثار هنا عدة تساؤلات اساسية اولها: هل تكفي القوانين الحالية لجذب المزيد من المستثمرين المصريين والعرب والاجانب؟ ثانيها: هل معوقات الاستثمار تستلزم تغييرا جذريا في مجمل التشريعات ام ان الامر يمكن معالجته من خلال الكفاءات القادرة علي تخطي البيروقراطية؟! تعديل مناخ الاستثمار لا.. هكذا اجاب خالد ابو اسماعيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية مؤكدا ان لدينا ما يكفي من القوانيين والتعديلات والحوافز التي تتضمنها كافية مشيرا الي ان الاجراءات البيروقراطية والعاملين عليها وراء تراجع الاستثمارات خلال الفترة الماضية ودعا جميع الاطراف المعنية بالاستثمار الي السعي بتغيير وتعديل مناخ الاستثمار وليس التشريعات فقط حتي نستطيع ان نعيد الاستثمارات الهاربة للخارج. 7 خطوات ومن جانبه يحدد يماني فلفلة رئيس الجانب المصري في مجلس الاعمال المصري المغربي 7 خطوات لابد من تعديلها في المناخ الاستثماري حتي يتحول الي مناخ جاذب: أولا: لابد من استقرار التشريع الاستثماري مشيرا الي اننا بدأنا منذ حوالي 30 عاما نفكر في جذب الاستثمارات وصدر منذ تلك الفترة 6 قوانين اي ان قانون الاستثمار لا يستمر الا لمدة متوسطها 5 سنوات ويتم بعدها تعديله وهي فترة قليلة نسبيا تعكس عدم استقرار قوانين الاستثمار لدينا بالاضافة الي ان التيسرات الواردة بكل قانون لا تكون كاملة ولا تؤتي ثمارها مما يؤدي الي استمرار التعديل فيها. ثانيا: انشاء محاكم خاصة لقضايا الاستثمار لتسوية المنازعات حيث ان الفصل حاليا في قضية من قضايا الاستثمار يستغرق 6 سنوات مما يشكل احدي المعوقات الاساسية.