مؤتمر قليك: لن أضغط على لاعبي برشلونة لهذا السبب.. وأتمنى ألا يحصل إنتر على ركنيات    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    أول تعليق من الحوثيين على هجوم الاحتلال الإسرائيلي على اليمن    صندوق النقد الدولي يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر خلال الأسبوع الجاري    الداخلية تكشف ملابسات تداول فيديو يتضمن اعتداء 3 أطفال على آخر بكفر الشيخ    أمن القاهرة يكشف ملابسات سقوط عامل من علِ بباب الشعرية    سؤال برلماني لرئيس الوزراء ووزير البترول حول وقائع غش بنزين أضرت بمئات المواطنين    ياسمين رئيس: فيلمي فضل تريند لمدة شهر (صور)    داليا البحيري وخالد صلاح وعلاء الكحكي في عزاء المنتج وليد مصطفي    محافظ الإسكندرية: استمرار تكثيف القوافل الطبية المجانية بنطاق الأحياء تنفيذًا لتوجيهات السيسي    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    غدًا.. دينية النواب تستكمل مناقشات قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    سفير العراق يشيد بدور مصر فى دعم العراق.. ويؤكد: نسعى لبناء عاصمة إدارية    تصل ل 40.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة غدًا وخلال الأيام المقبلة في مصر    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    محافظ سوهاج يفتتح المبنى البديل لمستشفى المراغة المركزي لحين الانتهاء من المستشفى الجديد    محافظ السويس يشهد ندوة وجعل بينكم مودة ورحمة لتوعية الشباب بأسس تكوين الأسرة    يونيسيف: قطاع غزة ينهار والأطفال والنساء يموتون جوعا    يديعوت أحرونوت: 4 مليار دولار تكلفة توسيع إسرائيل للحرب في غزة    «جبران»: تصديق الرئيس السيسي على قانون العمل في عيد العمال قرار تاريخي    الرابطة ترفض الاتهامات: لا نفرق بين الأندية    أيرلندا تحذر من توسيع إسرائيل حربها على غزة: ما يتعرض له الفلسطينيون مقزز وعديم الرحمة    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    عقب زيارة «زيلينسكي».. التشيك تعلن دعم أوكرانيا بالذخيرة والتدريبات العسكرية    لاوتارو يعود للتدريبات قبل موقعة برشلونة وإنزاجي يترقب حالته النهائية    وزير العمل: وقعنا اتفاقية ب10 ملايين جنيه لتدريب وتأهيل العمال    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    جانتس: التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر يضر بأمن الدولة    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    محافظ المنوفية: تعزيز منظومة إنتاجية القطن والارتقاء به    الغرف السياحية: التأشيرة الإلكترونية ستؤدى إلى زيادة كبيرة في أعداد السائحين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم 5 مايو    حزب المؤتمر يدعو لتشريعات داعمة للتعليم الفني وربط حقيقي بسوق العمل    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    مصر تحصد 62 ميدالية بالبطولة الأفريقية للمصارعة بالمغرب وتتصدر كؤوس المركز الأول    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    انهار عليهما سور جنينة.. الصور الأولى من موقع مصرع شقيقتين في قنا    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    هيئة الصرف تنظم حملة توعية للمزارعين فى إقليم مصر الوسطى بالفيوم    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعد الدولي والبعد الإقليمي
دارفور بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي
نشر في العالم اليوم يوم 25 - 08 - 2004

بغض النظر عن ازدواجية المعايير الواضحة والفاضحة في موقف الولايات المتحدة من قضية دارفور والإسراع بتقديم مشروع القرار الذي صدر بعد ذلك من مجلس الأمن ويعطي الحكومة السودانية مهلة شهراً لحل المشكلة قبل اتخاذ قرارات أخري قد تصل إلي درجة التدخل العسكري.
وفي الوقت الذي تستخدم فيه حق الفيتو أكثر من ثلاث مرات في العامين الماضيين لمنع اتخاذ قرار من مجلس الأمن يدين العدوان الإسرائيلي اليومي المتصل علي الشعب الفلسطيني ومساندة سياسة الفصل العنصري والعرقي الذي تبعه حكومة شارون اليمينية المتعصبة.
وبغض النظر عن معطيات كثيرة قد نختلف عليها أو نتفق ولكن المؤكد أن هناك مشكلة حقيقية في إقليم دارفور ساعد علي تفاقمها سياسة النظام السوداني في العقود الماضية حين كان يسيطر حزب حسن الترابي والتي أدت إلي تفاقم المشكلات في الجنوب السوداني وعطلت لسنوات طويلة الوصول إلي حلول تحمي وحدة السودان وتسد الطريق أمام محاولات أو حتي مؤامرات القوي الخارجية.
والأمر نفسه ينطبق علي دارفور التي عمل النظام في فترات سابقة علي تهميشها مع تركيز السلطة بشكل يكاد يكون مطلقاً في مناطق الشمال والوسط وتحديداً في أيدي الإخوان المسلمين والاتجاهات الإسلامية التعصبية، رغم أن الغالبية العظمي من سكان أقاليم دارفور الثلاثة غرب السودان هم مسلمون ولكن من جذور إفريقية.
ولقد قفزت قضية دارفور إلي الواجهة السياسية العالمية في الشهور الماضية، وبغض النظر عن حقيقة وأبعاد المشكلة والأطراف المباشرة وغير المباشرة التي تسعي إلي حل المشكلة أو تعقيدها فإننا نعتقد أن الدور الذي لعبته والذي يمكن أن تلعبه منظمة الوحدة الإفريقية أو الاتحاد الإفريقي هو دور أساسي ومحوري ويطرح مرة أخري وبشكل عملي الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الإقليمية في حل المشكلات التي تثور في بلدانها، والعلاقة الإيجابية التي يمكن أن تتطور بين دور هذه المنظمات الإقليمية ودور الأمم المتحدة.
ولعل الكثيرين لا يعرفون أن ميثاق الأمم المتحدة ومواده المنظمة للحركة والعمل لم تنس الدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الإقليمية في حل المشكلات، بل وتعطي لهذه المنظمات الأولوية في محاولة ايجاد حلول عملية لهذه المشكلات قبل تفاقمها وعرضها علي المنظمة الدولية.
ورغم أن هذه النصوص الواضحة يتم تجاهلها في أغلب الأحيان نتيجة ضغوط ونفوذ القوي الكبري خاصة الولايات المتحدة من أجل تدويل المشكلات وطرحها علي مجلس الأمن والذي تملك فيه نفوذاً أكبر مما تملكه في بعض المنظمات الإقليمية، إلا أن الدور النشط نسبياً لمنظمة الوحدة الإفريقية ثم الاتحاد الإفريقي بعد ذلك قد أثبت وجوده وفعاليته، بل ولعب دوراً حاسماً في حل كثير من المشكلات الإفريقية.
ويجب ألا ننسي أن مشكلة أريتريا وأثيوبيا والصراعات بل والحروب الساخنة بينهما لم توقفها قرارات الأمم المتحدة بقدر ما لعب دوراً في ذلك الجهود الإفريقية المكثفة خاصة بعد القرارات التي اتخذت منذ عامين بتشكيل آلية إفريقية لفض النزاعات والوساطة، كذلك مشكلة الحرب الأهلية في أنجولا والتي تواصلت علي مدي الأربعين عاماً الماضية وساحل العاج والصومال وأخيراً دارفور.
لقد كان تدخل الأمم المتحدة وارسال قوات متعددة الجنسية كارثة بالنسبة للصومال، وبالنسبة للقوات الأجنبية علي حد سواء ولعلنا مازلنا نذكر ما جري للقوات الأمريكية والإيطالية وانسحاب تلك القوات بعد ذلك وإخلاء الطريق لجهود منظمة الوحدة الإفريقية في ذلك الوقت وهو الأمر الذي يتولاه الاتحاد الإفريقي حالياً بنجاح نسبي.
وبغض النظر عن أن قضية إعادة بناء الدولة الموحدة في الصومال مازال أمامه بعض العقبات التي يثيرها أمراء الحروب هناك، إلا أن الاتحاد الإفريقي نجح في تشكيل حكومة مركزية في مقديشيو ويساعدها علي تثبيت أركانها وفرض سيطرتها علي كل الأراضي الصومالية، كما أمن الاتحاد الإفريقي مؤخراً انتخاب برلماني صومالي موحد.
وبالنسبة لدارفور، فلاشك أن قرار قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة قد لعبت دوراً مهماً في التخفيف من حدة الموقف وذلك بإرسال قوات إفريقية حددتها آلية فض المنازعات لمنع أي تجاوزات من جانب بعض القبائل ذات الجذور العربية من ممارسة أشكال الاضطهاد العرقي علي القبائل الإفريقية.
لقد ساعد قرار الاتحاد الإفريقي علي نزع فتيل القنابل المتفجرة التي حاولت أن تستغلها بعض الدول والأوساط الشمالية خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا لتدويل مشكلة دارفور ووضعها كلية في أيدي من يملكون إصدار القرارات في مجلس الأمن، وساعد القرار الإفريقي علي تطويق قرار مجلس الأمن الذي كان بمثابة إنذار إذعان موجه إلي الحكومة السودانية إلي الدرجة التي باعدت كثيراً الاحتمالات التي كانت قائمة منذ شهر بتدخل عسكري أمريكي وبريطاني تحصل هذه المرة علي رخصة دولية من مجلس الأمن.
وفي نفس الوقت علي الحكومة السودانية والتي تتحمل ولاشك بعض الأوزار والخطايا بأن تتعاون وبشكل مطلق مع القوات الإفريقية ومع قرارات الاتحاد الإفريقي، وعدم إعطاء الفرصة لتدويل المشكلة من جديد والتخلي عن تلك اللهجة الممجوجة التي يتحدث بها البعض، خاصة حاكم دارفور والذي أعلن أنه يرفض استقبال أية قوات أجنبية حتي ولو كانت إفريقية علي أراضي دارفور، أو ترديد الشعارات الفخمة الضخمة والفارغة والتي تذكرنا بمقولات وشعارات صدام حسين الذي ظل حتي آخر لحظة يوصي بأنه مستعد لمواجهة الغزو وإلحاق هزيمة نكراء به وبجنوده، ثم تهاوي النظام كله في أقل من أسبوعين ودون قتال يذكر.
إن الدور الإيجابي والنشط الذي يلعبه الاتحاد الإفريقي في حل مشكلة دارفور وكثير من مشكلات القارة يعيد اكتشاف وتأكيد الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به المنظمات الإقليمية في حل المشكلات ويبرز مرة أخري أهمية النصوص التي حواها ميثاق الأمم المتحدة بالنص علي عدم تدخل الأمم المتحدة إلا بعد أن تفشل جهود المنظمات الإقليمية.
ولعل هذا يفتح الشهية مرة أخري لتفعيل دور الجامعة العربية وتصديها لمعالجة المشكلات والنزاعات التي تدور في المنطقة خاصة أنه قد ثبت أن الجامعة العربية في تاريخها الطويل لم تنجح مرة واحدة في التصدي لحل تلك المشكلات، وأن معظمها كان يستدعي أو يؤدي إلي تدخل قوي أجنبية وعالمية.
والذي لاشك فيه أن هناك مصلحة إفريقية وعربية مؤكدة في تنشيط وتفعيل دور المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، مع تنشيط وتفعيل العلاقة بينهما وبين الأمم المتحدة، وهذا يتطلب أمرين أساسيين:
* أولهما تصدي الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية كمنظمات إقليمية والتعامل الإيجابي مع المشكلات والعمل علي محاصرتها وايجاد حلول حقيقية لها قبل أن تنفجر وتتفاقم وينفتح طريق التدخلات الأجنبية الواسعة.
* الثاني: التعاون الواسع مع الأمم المتحدة وعدم الوقوع في خطأ الحسابات المؤقتة، وإذا كانت الظروف تحتم التعامل مع الولايات المتحدة باعتبارها القوة الرئيسية المؤثرة، إلا أن ذلك لا يجيز ولا يبرر وضع البيض كله في السلة الأمريكية.
ولعل ما يجري في دارفور وتنشيط التفاعل العملي بين الدور الإقليمي للاتحاد الإفريقي والبعد الدولي للأمم المتحدة والنتائج الإيجابية التي ترتبت علي ذلك، تعطي مثلاً حياً علي ضرورة إجراء تغييرات ضرورية في أسلوب عمل نشاط الجامعة العربية.
وهذه قصة أخري تحتاج إلي حديث آخر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.