لم يدر بخلدي ولم أتصور أن يأتي يوم من الأيام لنري علماء الدين ودعاة العقيدة يسعون جاهدين لشق الصف الإسلامي وترسيخ الطائفية وإثارة الفتنة المذهبية وتهييج ذوي الدين الواحد علي بعضهم البعض، فهل هذا هو الزمن الرديء؟ وهل هؤلاء هم دعاته الذين يقومون اليوم بالمهمة التي أرادتها أمريكا منذ أن اجتاحت العراق في 20 مارس 2003 واعتمدت في اجتياحه علي تعميق الطائفية البغيضة وإثارة الفتنة المذهبية العرقية الإثنية بين أبنائه ونجحت إلي حد كبير وبات هناك ما يسمي بنظرية المحاصصة. راعني ما يحدث اليوم، فلقد انبري علماء ينتمون إلي الدين الإسلامي يمارسون نفس المهمة وكأن أمريكا أوكلتها لهم ومن ثم شرعوا في تنفيذها بحرفية بالغة من خلال دعاوي مغرضة لتعميق الفرقة بين المواطنين وتحريض سافر علي كراهية الآخر بعد نعته بأوصاف ونعوت كريهة، أشعلوها حربا بين السنة والشيعة، قاد المسيرة الشيخ ?القرضاوي? رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فعلي مدي عدة أسابيع اندفع في اتجاه إثارة الفرقة واطلاق تصريحات تهييجية تؤدي إلي اشعال النار وإضرام الصراع بين المسلمين، حمل حملة شعواء علي الشيعة فأطلق عليهم صفة الروافض وتطاول علي حزب الله ووصفه بأنه حزب الطاغوت والشيطان بدلا من أن يوليه الاحترام والمكانة الرفيعة بوصفه رمزا للمقاومة ضد الكيان الصهيوني، فهل غاب عنه أن دعواته هذه تصب في مسار أهداف أعداء الإسلام خاصة الصهاينة! في 31 مايو الماضي كفر ?القرضاوي? العلويين وجعلهم أكفر من اليهود والنصاري. ولا أدري كيف سمح لنفسه أن يكفر من يشاء؟ ألا يعلم بأن من يكفر مسلما فقد كفر؟ وما الذي سيربحه القرضاوي من رؤية هذه الحرب الطائفية في سوريا؟ لقد أظهر هذا الشيخ نفسه وكأنه داعية للقتل والعنف والحرب والفتنة، أولم يدر بأن مثل هذه الدعاوي المغرضة تشوه وضعه ومكانته ورمزيته الدينية؟ ثم ما الذي سيجنيه من وراء التحريض علي حرب طائفية؟ وكيف سمح لنفسه التدخل في شأن الآخرين قولا وفعلا وفي غير مكان وزمان؟ لقد حاد عن الطريق عندما دعا علنا للقتل والفتنة والاحتراب بين الشعوب والطوائف الآمنة المتعايشة منذ أمد بعيد، قاد حملة ضارية للتحريض الطائفي الحاقد وكان الأجدر به لو أنصف أن يحقن دماء المسلمين، بيد أنه جعل من نفسه رأس حربة في فتنة طائفية مقيتة تغذيها القوي المعادية للإسلام والمسلمين عاد إلي حديثه الطائفي الكريه بالدعوة إلي الجهاد في سوريا منددا بالتدخل الروسي والايراني وأعلن مشروعية الجهاد ضد حزب الله وضد النظام السوري، فهل غاب عنه أن دعوته هذه تحقق مآرب إسرائيل التي طالما حلمت بالنيل من حزب الله عدوها اللدود الذي قهرها وأجبرها علي الانسحاب بليل من جنوب لبنان في 25 مايو ،2000 وقالتها عندما شنت عدوانها علي لبنان في يوليو ،2006 وألحق بها الهزيمة المنكرة؟ ?القرضاوي? الذي عارض دخول حزب الله في ?القصير? لم يعارض في المقابل دخول عشرات الآلاف من المقاتلين المرتزقة الإرهابيين إلي سوريا بل ودعا قبل ذلك أمريكا إلي التدخل في سوريا!! هل غاب عن الشيخ أن الفتنة أشد من القتل؟ وأن العالم الداعية يجب أن يتورع عن هدر دم المسلمين وعن دعاوي تكفير الآخرين وهي الدعاوي التي أزهقت نفوسا بريئة؟ وكأني بالشيخ يريدها حربا طائفية تقسم من جرائها سوريا ولا تقوم لها قائمة بعدها، أما ثالثة الأثافي فلقد تمثلت عندما ظهر الشيخ في المؤتمر الذي نظمته رابطة علماء المسلمين بالقاهرة في 13 يونيو الجاري ليتحدث باسلوب الفتنة ويدعو إلي الجهاد في سوريا لنصرة مقاتلي المعارضة، وكم تمني الكثيرون أن تكون دفقة الحماس هذه من أجل نصرة فلسطين وليس من أجل إضرام النار في سوريا. والسؤال الملح ما الذي سيربحه ?القرضاوي? من إشعال حرب طائفية في سوريا قد تمتد بعد ذلك إلي دول أخري في المنطقة؟ ألم يعلم بأن الفتنة أشد من القتل؟ ليته يتقي الله ويثوب إلي رشده ويسارع فيدعو إلي حقن الدماء ويكف عن إثارة الفتنة المذهبية وترسيخ الطائفية وهي السلاح الذي تعمد أمريكا جاهدة علي شحذه وتفعيله في دول المنطقة حتي يمكنها تنفيذ أجندتها الرامية إلي تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، وقانا الله من سوء العاقبة.