الأشجار والمياه المنحدرة من جبال روذبي في شمال شرق اليونان، إلي جانب شواطئ بحر إيجة مع المدن الساحرة سانتي والكسندرو جولي، ودراما تجعل الزائر لمنطقة تراقيا الغربية أو ?ثراكيا? باليونانية محظوظا وسعيدا لأنها أجمل مناطق اليونان والعالم. ?العالم اليوم? قضت خمسة أيام متتالية في جوهرة تراقيا الغربية مدينة ?كوموتيني? اليونانية التي يطلق عليها مدينة الطلاب لأن بها جامعة ?ديموكرايتوس? نسبة للعالم الاغريقي ديموكرايتوس الذي يعني اسمه أنه فرد للجميع وهو أبوالذرة كما قيل لنا وهو معروف بالطبع، وتتسع جامعة ديموكرايتوس لأكثر من 70 ألف طالب، معظمهم من خارج مدينة ?كوموتيني? فبعض الطلاب يأتون من المدن المجاورة مثل ?سالونيكي? وسانتي ودراما، وحتي من خارج اليونان. المدينة أيضا لا تنسي المحاربين القدامي وشهداء الحروب العالمية وحروب الاستقلال، لذا يوجد بالمدينة نصب تذكاري لسيف بطول 15 مترا، ويقول عمدة المدينة الحالي جورج يتريدوس إن مدينة كوموتيني تضم عددا كبيرا من القري المنتجة للقمح والعنب والتبغ والبطيخ أيضا وهو كعمدة مسئول عن المدينة والقري التابعة لها. وأمام مقر العمدية بالمدينة تمثال لأحد الشعراء اليونانيين الكبار، وحسبما عرفنا أن من أبرز مواطني المدينة وعشاقها كوستاس يوابيندوس وهو ينتمي للمدينة من عائلة ارستقراطية ضمت دبلوماسيين وسفراء، كما أن مبني العمدية به مدرج للعمدة السابق لأنه كان يسير علي مقعد متحرك وقد بنيت المدينة في الاصل كمحطة راحة علي سور بيزنطة الذي يصل إلي اسطنبول ?قسطنطينة? القديمة وربما يكون السور جزءا من طريق الحرير المشهور إلي آسيا والصين.. وبالمدينة ما يشبه مجمع الأديان حيث هناك بقايا في وسط المدينة لمسجد قديم لم يتبق منه سوي نصف مئذنة وبقايا معبد يهودي أصبح مدرسة إلي جانب كنيسة قديمة، لكن المدينة تضم كنيسة ذات سقف ذهبي وقد جاء أحد أبرز قساوستها لمصر وتوفي قريبا. ولعل أهم ما يربط بين مدينة ?كوموتيني? ومصر وجود قصر صغير هو مدرسة تبرع بها الثري السكندري من أصل يوناني جناكليس والذي ينطق اسمه باليونانية ?ثناكليوس?، فهذا الرجل كان لديه مصنع كبير للتبغ في كاليفورنيا وآخر في الاسكندرية ولايزال هناك مطار بالاسكندرية يحمل اسمه ويقال إن مبني الجامعة الامريكية الاثري القديم بوسط القاهرة هو بيت جناكليس في الاصل، وقد عرفنا من عمدة مدينة كوموتيني أن المدينة ستقوم باعادة تجديد مدرسة جناكليس مؤخرا وستوزع كتبا ونشرات توضيحية عنه. جانب آخر في مدينة ?كوموتيني? اليونانية له أهمية وهو إذاعة كوموتيني وأبرز صحيفة فيها - قمنا بزيارتها هي صحيفة محلية تعني ?الأوبزرفر? بالانجليزية وتملكها السيدة جيني التي تعشق اللغة العربية وصوت أم كلثوم وتقوم بطبع الكتب داخل صحيفتها التي تضم مطبعة ودار نشر للكتب، وقد قامت الصحيفة بعمل ملحق عن ?جناكليس? وتاريخه وأذاعت أيضا أغنية مصرية إلي جانب الاغاني اليونانية، كما تضم الصحيفة لوحات للخط العربي الجميل وهي تقوم بالطبع بتغطية الاحداث في كوموتيني وتراقيا الغربية. لاشك أن المدينة تعد محطة اقتصادية كبيرة لليونان فهي تنتج المحاصيل الزراعية المتنوعة من النبيذ والفواكه والقمح والقطن، ويحظر فيها وجود الباعة الجائلين إلا بإذن من عمدة المدينة، ورغم اختفاء النهر الصغير الذي كان يقطع المدينة فإن المدينة تتمتع بالسحر والتاريخ الذي يعزف سيمفونية الجمال في كوموتيني التي تمتلئ بالوجوه الجميلة، حيث تضم المدينة متحفا وطنيا به تاريخ الإغريق الرائع فهناك رأس تمثال ذهبي لأحد الملوك وتماثيل اغريقية لآلهة الجمال والفن لدي الاغريق ومنها تمثال الفارس الاغريقي والأم الجنحة ولها في التاريخ اليوناني تكريم كبير. المدينة أيضا أخرجت مشاهير وسياسيين فالسياسي المخضرم ورجل القانون جورج بتالويتس ابن المدينة كان وزيرا سابقا ومتحدثا باسم وزارة العدل وهو لايزال شابا يمارس مهنة المحاماة في كوموتيني وكثيرا ما يدافع عن قضايا الفقراء التي يؤمن بها الفقراء بدون مقابل أحيانا. والزائر لمدينة كوموتيني كما رأينا لا يشعر بأن هناك أزمة اقتصادية في اليونان لأن العمل والنشاط دائم ومستمر في المدينة التي هي جزء من تراقيا الغربية التي تضم مدنا كثيرة أبرزها سانشي ودراما والكسندرويولس وعلي بعد ليس بكبير وفي مقدونيا الغربية وعلي بحر إيجة توجد مدينة ذات جمال رائع هي قولة أو ?كفالا? باليونانية التي ولد بها رائد النهضة المصرية الحديثة محمد علي باشا والمدينة تضم منزل محمد علي ومبني ?إمارات? وهو فندق حاليا مؤجر من الحكومة المصرية لسيدة يونانية والمدينة تضم أيضا قلعة وسور وميناء صناعيا والحديث عنها يطول ويطول، ولكن بقي أن نقول إن منزل محمد علي امامه تمثال لحصان متعب وسيف يتجه للغمد وهو يعني أن محمد علي عاد منتصرا من مصر لمسقط رأسه كفالا التي ولد بها لأب ألباني كان تاجرا للتبغ وأم يونانية يوجد قبرها حاليا في المنزل وهي زينب خانوم، والتمثال بالطبع نتاج دعم من المصريين اليونانيين والجالية اليونانية في مصر مع فنان يوناني قام بعمل التمثال بمكونات وخامات فرنسية وأوروبية ليثبت هذا التمثال عمق العلاقة اليونانية المصرية، ونجاح هذا الرجل العبقري محمد علي أو ?مهمت ألي? كما يقول اليونانيون.