بناء 318 ألف عقار عليها خلال عامين.. وقرارات الإزالة فشنك الخبراء: عودة الأمن.. وتحقيق عمل المصالحة الوطنية.. سيسهم في حل جزء كبير من المشكلة مطلوب * تخصيص دوائر قضائية للنظر في مخالفات المباني علي وجه السرعة * إنشاء شركة متخصصة لازالة التعديات في مهدها * سد ثغرات القانون رقم 119 الذي يمنع البناء خارج كردون القري والمدن بعد ن التهمت حالات التعدي علي الأراضي الزراعية أكثر من 30 ألف فدان في العامين الماضيين حسب أحداث تقرير صادر عن وزارة الزراعة.. شدد عدد من خبراء التنمية الزراعية علي ضرورة عودة الأمن وتحقيق التوافق السياسي وعمل مصالحة وطنية حقيقية مع جميع القوي السياسية لتتمكن أجهزة الدولة المعنية من وقف نزيف الأراضي الزراعية المستمر.. والحفاظ علي ما تبقي من هذه الأراضي في الوادي والدلتا وطالبوا بضرورة تجريم التعدي علي الأرض بالبناء والتجريف وفرض غرامات مالية ضخمة علي المخالفين وبتخصيص دوائر قضائية للنظر في هذه المناطق الزراعية التي لها ظهير صحراوي. وحسبما أعلن وزير الزراعة الدكتور صلاح عبدالمؤمن فالحكومة تدرس حاليا اصدار تشريع جديد يجرم البناء علي الأراضي الزراعية يصل بالعقوبة إلي حد نزع الملكية من المعتدين لتؤول إلي الدولة كإجراء استثنائي لردع المخالفين. نزيف الأرض من جهته أشار دكتور عبدالعظيم طنطاوي مدير مركز البحوث الزراعية السابق إلي أهمية الاسراع في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والتشريعي من أجل وقف نزيف الأراضي الزراعية والحفاظ علي ال8،5 مليون فدان الحالية ولفت إلي أن الأمر يتطلب وضع قواعد جديدة للتوسع العمراني في الريف والقري بحيث يحافظ علي الأراضي الزراعية من ناحية ويسمح بالتوسع العمراني المناسب للفلاح من ناحية أخري. وشدد علي ضرورة تعديل سياسة توزيع الأراضي الصحراوية بما يسمح بدخول القطاع الخاص بقوة لزيادة حجم الاستصلاح والاستزراع في الأراضي الصحراوية. قال إن التعامل مع التعديات علي الأراضي الزراعية كان ومازال يتم بدون دراسة حقيقية للقرارات التي تصدر من الجهات الإدارية.. كما أن عدم اتخاذ إجراءات مشددة منذ البناء علي الأراضي الزراعية يدفع الفلاحين في الوجهين البحري والقبلي إلي المزيد من التعدي علي الأراضي الزراعية الخصبة وضرب مثالا علي ذلك بما يحدث في محافظة بني سويف حاليا حيث قام الأهالي بأعمال ردم واسعة النطاق لنهر النيل علي طول الشاطئ ببني سويف بما ينذر بكارثة محققة وهي تضييق مجري النيل. شدد طنطاوي علي ضرورة اصدار تشريعات جديدة لتجريم البناء علي الأراضي الزراعية بعد التهام أكثر من 30 ألف فدان خصبة بالوادي والدلتا في العامين الماضيين. من جانبه يري دكتور محمد مطر الاستاذ بمعهد بحوث الأراضي أن الأرض التي يتم الاعتداء عليها هي أراض رسوبية تكونت علي مدي آلاف السنين ولذا يجب الحفاظ عليها بشتي الطرق والوسائل والتوسع في الظهير الصحراوي للمدن والمحافظات ولفت إلي أن التقارير الرسمية تشير إلي ما قامت الدولة بازالته من تعديات علي الأراضي الزراعية لا يتعدي 4% فقط من المساحات المخالفة. أكد أن استمرار الأوضاع السياسية والأمنية الصعبة التي تمر بها الدولة هي التي تعوق اصدار تعديل تشريعي يغلظ العقوبات علي المخالفين وحذر من استمرار حالات التعدي بما يهدد بفناء الأراضي الزراعية بالدلتا علي سبيل المثال وقال إن ما يحدث في الصالحية الجديدة بمحافظة الشرقية من تجريف لمئات الأفدنة وبيع لرمالها البيضاء لهو أمر مؤسف للغاية ويجب علي الأجهزة المعنية أن تضع حدا لهذه المخالفات المعلنة من أجل الحفاظ علي ما تبقي من الأرض الزراعية. غرامات مالية ومن جهته يشدد دكتور نادر نور الدين الاستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة علي ضرورة العمل بسرعة علي تحقيق التوافق السياسي ووقف حالة الانفلات الأمني لكي تتمكن الدولة من وقف نزيف الأرض الزراعية ووقف حالات التعدي بالبناء عليها بعد التهامها لأكثر من 30 ألف فدان في العامين الماضيين. أرجع دكتور نادر نور الدين استمرار تلك التعديات إلي غياب الأجهزة الأمنية والحرص علي المصالح الحزبية والشخصية الضيقة من جميع القوي السياسية والوطنية وعدم إعلاء المصلحة الوطنية وضعف أداء المحليات وعدم قدرتها علي حماية الأجهزة المختصة بالازالة وقت حدوثها. وقال إن الحكومة يجب أن تسعي لتجريم البناء علي الأراضي وقد تصل العقوبة حسبما أعلن وزير الزراعة دكتور صلاح عبدالمؤمن إلي انتزاع الملكية من المعتدين أو فرض غرامات مالية مضاعفة علي كل من يثبت تعديه علي الأراضي الزراعية بالبناء أو التجريف بجانب عدم تقنين أوضاعها أو توصيل المرافق لها ولفت إلي أن استمرار مسلسل التعدي علي الأرض الزراعية سيرفع من فاتورة استيراد الغذاء من الخارج مشيرا إلي أن مصر أكبر مستورد في العالم للقمح ورابع أكبر مستورد في العالم للذرة ونستورد 92% من احتياجاتنا من زيت الطعام ونستورد حتي الفول والعدس وألمح إلي أن وقف نزيف الأراضي يتطلب وضع استراتيجية للمواجهة تعتمد علي عدم تمكين المخالف من الانتفاع بمخالفته وتعديل التشريع من خلال مجلس النواب القادم ليفرض أقصي العقوبات وسد جميع الثغرات القانونية حتي ينال المخالف العقاب الذي يمنعه من الاستمرار في المخالفة.. بجانب الحرص علي تخصيص دوائر قضائية بعينها للنظر في مخالفات المباني. تغليظ العقوبات ومن جانبه يشير دكتور حمدي الصوالحي الأمين العام للجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي إلي عدد من الأمور المهمة منها: * أن يتم إجراء تعديل تشريعي يغلظ العقوبات علي المخالفين بالتعدي علي الأراضي الزراعية بالبناء و التجريف بجانب الحرص علي إنشاء شرطة متخصصة لإزالة التعديات علي الأراضي الزراعية لضمان إزالة التعديات في مهدها بشكل سريع وحتي لا تصبح أمراً واقعا. * مصر يمكن أن تستيقظ ذات يوم لتجد غابات الاسمنت قد احتلت الرقعة الزراعية بالكامل.. مما يزيد من حدة الفجوة الغذائية وارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية. تقديرات الأممالمتحدة المعلنة تشير إلي أن مصر احتلت المركز الأول في معدلات التصحر بسبب انكماش مساحات الأراضي الزراعية وتدهور خصوبتها واستمرار الزحف العمراني والبناء العشوائي. جهاز التفتيش وحسبما أعلن الدكتور حسن علام رئيس الجهاز الفني للتفتيش علي أعمال البناء فقد بلغ إجمالي العقارات المقامة خلال العامين الأخيرين دون ترخيص علي الأرض الزراعية نحو 318 ألف عقار صدر لها 356 ألف قرار ازالة معتمدة من المحافظين ولم يتم تنفيذ أي منها وقد جاءت محافظة الغربية في مقدمة المحافظات التي تحتوي علي عقارات مخالفة تليها محافظة الدقهلية ثم المنيا ثم الشرقية ثم الجيزة فيما جاءت محافظة الاسكندرية في المرتبة التاسعة وشدد الصوالحي علي أهمية تفعيل دور الأجهزة الرقابية لمحاصرة ظاهرة الفساد في الأجهزة الإدارية وأهمية إعادة هيكلة جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء وتقويته ليقوم بدوره علي نحو صحيح ويوقف نزيف الأراضي الزراعية. ثغرات والقانون في حين يري دكتور صبحي أبو النجا رئيس قسم الاقتصاد الزراعي بزراعة المنوفية أن ظاهرة التعدي علي الأراضي الزراعية تنتشر بسبب الانفلات الأمني وعدم وجود توافق سياسي ووجود ثغرات في القانون رقم 119 لعام 2000 الذي يحظر البناء علي الأراضي الزراعية خارج كردون القرية أو المدينة ولفت إلي أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدي إلي تقليص المساحات المخصصة لزراعة المحاصيل خاصة الحقلية كالقمح والذرة والأرز والبرسيم والقطن الأمر الذي سيترتب عليه زيادة الفجوة الغذائية حيث تستورد مصر 55% من غذائها منها نحو 9 ملايين طن قمح سنويا و6 ملايين طن ذرة ومليون طن زيت أو أكثر سنويا. ومن أجل ذلك يطالب بمنع البناء نهائيا في المناطق الزراعية التي لها ظهير صحراوي وعدم توصيل المرافق للمباني المخالفة.