في حين تعاني شركات الطيران المدني علي مستوي العالم كله من مشكلات متعددة علي رأسها بطبيعة الحال ارتفاع أسعار الوقود وتقادم ما تملكه من أساطيل الطائرات وهوما يضطرها إلي إلقاء بعض الخطوط أو تقليل عدد الرحلات أؤ الدخول في تحالفات وعقد صفقات استحواذ واندماج لعلاج هذه المشكلات فإن شركة الطيران التركية ?توركيش ايرلاينز? تقف وحدها كنموذج للنجاح الذي يستحق أن يدرس ويستفاد من خبراته. وتقول مجلة ?فورتشن? إن شركة الطيران التركية صارت في مارس 2012 أول شركة دولية خلال العشرين عاما الماضية تفتح خط طيران مع الصومال وهذه خطوة بارعة أن تذهب الشركة إلي بلد تمزقه الحرب الاهلية ولكنها تخدم دون شك مصالح الأمن القومي التركي وارتباطات تركيا المتزايدة مع العالمين العربي والاسلامي، ووجه الشجاعة أن درجة الآمان في السفر إلي الصومال تكاد تكون معدومة أرضا وجوا وبحرا، ففي الأرض يوجد مقاتلو حركة الشباب المجاهدين وفي الجو توجد صواريخ أرض جو وفي البحر يوجد القراصنة.. ولاشك أن رحلات الطيران التركية إلي مقديشيو حفز الحكومة القائمة هناك علي إصلاح مطارها وإذا كانت هذه شجاعة من شركة الطيران التركية التي تحتل المركز رقم 11 علي الصعيد الدولي بين شركات الطيران فإن هذا لم يمنع الشركة من إيقاف بعض رحلاتها التي تذهب من اسطنبول إلي مقديشيو عبر الخرطوم مرتين كل أسبوع، وقد حدث هذا الايقاف مرتين حتي الآن بسبب التحذيرات الأمنية التي تتلقاها الشركة من مصادر متنوعة وإن كان المسئولون فيها قد أعلنوا أن هذا الايقاف ناتج عن التقلبات الجوية. والحقيقة أن الجرأة والشجاعة صارتا من سمات شركة الطيران التركية التي تعد من أسرع شركات الطيران في العالم نموا، ففي الوقت الذي تصارع فيه بعض بل كثير من شركات الطيران من أجل البقاء نجد أن الشركة التركية تتوسع بشراسة فطائراتها الآن تقوم برحلات إلي 98 دولة أي أكثر من أية شركة أخري علي المستوي العالمي في عدد المقاصد التي تذهب إليها طائراتها وهي أيضا تسعي بسرعة لكي تصبح اسما عالميا مرموقا في عالم الطيران المدني. ومنذ قامت تركيا في عام 2003 باعادة هيكلة صناعة الطيران المدني التركية نجحت الشركة في زيادة عدد المسافرين علي طائراتها بنسبة 400% وعدد ما تقتنيه من طائرات بنسبة 003% تقريبا وضاعفت عدد المدن التي تحط فيها طائراتها علي مدار العام، أضف إلي ذلك أن متوسط عمر طائرات الشركة التركية لا يزيد علي 5.6 عام أي نصف متوسط عمر الطائرات التي تسيرها الشركات الاوروبية المنافسة وقد فازت درجة رجال الاعمال علي طائرات الشركة التركية والمطابخ التي تورد لها أطعمة المسافرين بلقب أفضل شركة طيران أوروبية علي مدار عامين متتالين وهو لقب تمنحه سكاي تراكس لشركات الطيران المتميزة، ولذلك فإن بعض المحللين بدأوا يقارنون الشركة التركية بشركات الطيران الخليجية رفيعة المستوي التي تقدم خدمة راقية للمسافرين ومنها شركة الامارات وشركة الاتحاد والشركة القطرية. وفي عام 2010 شنت شركة الطيران التركية حملة ترويج استعانت فيها بنجوم مثل كوبي بريانت ولاعب برشلونة لكرة القدم ليونيل ميسي، وقد بدأت الاستثمارات التي قامت بها الشركة التركية تؤتي ثمارها ففي الاشهر التسعة الاولي من عام 2012 زادت أرباح الشركة بنسبة 665% أي نحو 7 أضعاف مما كانت عليه في الفترة المماثلة من عام 2011 لتصبح 482 مليون دولار وذلك عن ايرادات بلغت 2.6 مليار دولار. والشيء المؤكد أن شركة الطيران التركية تستفيد من النمو السريع للاقتصاد التركي ومن ازدهار حركة السياحة من تركيا وإليها، فهناك 35 مليون سائح يزورون تركيا سنويا لقضاء عطلاتهم بعد ان كان هذا العدد لا يتجاوز ال 14 مليونا حتي عام 2003 والآن يسعي تيميل كويتل الرئيس التنفيذي للشركة للاستفادة من الموقع الجغرافي لتركيا حيث لا تبعد اسطنبول سوي ثلاث أو أربع ساعات طيران عن كثير من مدن أوروبا وآسيا وإفريقيا.. وهو يحاول أن يجعل من شركة الطيران التركية أو محور السفريات والسياحة الدولية ويقول كوتيل إن تركيا بلد أوروبي وآسيوي في آن واحد وأن علي شركته أن تستفيد من هذه الميزة الجغرافية. ولم يكن غريبا والحال كذلك أن تفتتح الشركة في العام الماضي 22 خطا جديدا إلي 22 مدينة جديدة مثل إنيورج ومالاديف ومقديشيو كما سبق أن اشرنا وهناك عشرات من الخطوط الجديدة الاخري سيتم افتتاحها خلال العام الحالي وتشمل مطار جورج بوش الدولي في هيوستن.. وعلي الاجمال فإن الشركة زادت من عدد خطوطها بنسبة 43% منذ عام 2009 حتي الآن ويراهن كوتيل أيضا علي الوهن الذي أصاب شركات الطيران الاوروبية والذي وصل إلي حد خروج بعضها كلية من الخدمة مثل الشركة المجرية الرئيسية ماليف والشركة الاسبانية ?سبانير?