مكرم مهني: استثماراتنا 20 مليار جنيه ونغطي 82% من احتياجات الشعب المصري من الدواء محيي حافظ: إقامة صناعة دواء قوية لن يتحقق بحسن النوايا فقط ..ونحتاج تدابير عاجلة أسامة السعدي: مصر دولة مستوردة للدواء.. والمصانع لا تحتوي علي أي مدخلات محلية.. سوي العمالة حسن عبد العظيم: نمتلك مقومات لعمل ثورة صناعية في مجال الدواء بشرط تغيير الإدارة والعقول! تعد صناعة الدواء احدي كبري الصناعات الاستراتيجية في مصر حيث يزيد حجم الاستثمارات في هذا القطاع علي 20 مليار جنيه وهناك 130 مصنعا تعمل في هذا المجال 8 منها تابعة لقطاع الأعمال العام و 8 لشركات أجنبية والبقية مصانع قطاع خاص وتغطي تلك المصانع ما يقرب من 82% من إحتياجات السوق المحلي من الأدوية ومع ذلك ظلت تلك الصناعة تعتمد في الأساس علي إستيراد المواد الخام من الخارج حيث تستورد شركات الأدوية ما يقارب من 9.99% من المواد الخام اللازمة لصناعة الدواء مما يزيد من تكلفته النهائية الأمر الذي يخلق مشكلة مع الحكومة في تسعير الدواء نتيجة إلزام الدولة الشركات بالبيع بأسعار أقل من التكلفة الحقيقية. ?مصر مقبلة علي ثورة تصنيعية في مجال الدواء والأمصال واللقاحات بعد كبوة في السنوات الأخيرة? تصريح نسمعه بين الحين والآخر علي لسان مسئولين حكوميين وآخرهم كانت الدكتورة عبير بركات مساعد وزير الصحة للطب الوقائي والرعاية الأساسية، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تمتلك مصر مقومات اقتحام هذا المجال في ظل تردي الوضع الاقتصادي وخاصة مع الارتفاع المتواصل للدولار ومن ثم زيادة أسعار المواد الخام وماكينات الإنتاج علما بأن مصنع الأدوية في مصر لا يوجد به شيء مصري سوي العمالة فقط لأنه يتم إستيراد جميع خامات الأدوية بجانب مواد التعبئة والتغليف وماكينات الإنتاج وأيضا في ظل تردي الوضع الأمني والذي يعني المزيد من الصعوبات إن لم يكن استحالة قدوم أي استثمارات أجنبية جديدة للسوق المصري والأمر هنا لا يقتصر علي صناعة الدواء فقط بل تزداد الأمور تعقيدا حينما نتحدث عن صناعة اللقاحات والأمصال هذه السلعة الاستراتيجية التي شهدت تراجعا ونكسات كبيرة خلال السنوات الماضية بعد أن تدهورت خطوط الإنتاج التابعه للشركات المحلية التي تمتلكها الدولة وعدم وجود دور للقطاع الخاص في هذا المجال الأمر الذي جعل مصر دولة مستوردة لجميع أنواع الأمصال واللقاحات سواء علي المستوي البشري أو البيطري والتي يحتاجها السوق المصري. منتج نهائي يوضح د.مكرم مهني رئيس غرفة صناعة الدواء بإتحاد الصناعات المصرية أن قطاع الأدوية في مصر من أكبر الصناعات المحلية حيث يبلغ مجموع الاستثمارات في هذا القطاع 20 مليار جنيه وهناك 130 مصنعا تغطي ما يقارب من 82% من احتياجات الشعب المصري من الدواء وهو ما يؤكد إننا دولة مصنعة حيث نستورد 18% فقط من الدواء ?المنتج النهائي?. مضيفا أننا أفضل من دول كثيرة تعيش علي استيراد كل احتياجاتها من الدواء، مؤكدا في نفس الوقت ان استيراد مصر لجميع خامات إنتاج الأدوية أمر لا يمثل مشكلة كبيرة خاصة وأن دولا كثيرة لا تمتلك القدرة علي تصنيع هذه الخامات والسبب أن هذا النوع من الإنتاج يحتاج لإمكانيات ضخمة من سوق كبير لتغطية تكاليف إنتاجه وتكنولوجيا عالية وأيضا صناعات تكميلية علي مستوي عال مثل صناعة البتروكيماويات إلي جانب وجود منافذ تصديرية عديدة. ومن هذا المنطلق نري أنه من الصعب دخول مصر في مجال صناعة خامات الدواء في الوقت الحالي أو حتي في القريب العاجل لأننا لا نمتلك الإمكانيات التي تؤهلنا لاقتحام هذا المجال والذي تسيطر عليه بعض الدول مثل الصين والهند، ومن ثم لسنا بصدد منافستهم في الوقت الراهن ويكفي إستكمال قدرتنا علي إنتاج الدواء كمنتج نهائي . ويضيف مهني: فيما يتعلق بصناعة اللقاحات والأمصال فقد شهدت هذه الصناعة الاستراتيجية تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية نتيجة عدم تطوير خطوط الإنتاج بالشركات القابضة لتصنيع اللقاحات والأمصال، ومن الضروري عودة مصر لتصنيع الأمصال واللقاحات وتحقيق إكتفاء ذاتي من هذا المنتج بدلا من الإعتماد علي استيراده كما هو حادث حاليا وهو ما يحتاج لوقت وإمكانيات أكبر. تصريحات مستفزة فيما يشير د.محيي حافظ رئيس شعبة الصناعات الدوائية إن إقامة صناعة دواء حقيقية في مصر يحتاج إلي استثمارات كبيرة وهذا الأمر لن يتحقق بحسن النوايا فقط وإنما يحتاج لتدابير اقتصادية واضحة الملامح إذا كنا نسعي بالفعل لعمل ثورة حقيقية في مجال تصنيع الخامات الدوائية، مشيرا إلي إن تصريحات مسئولي الحكومة من قبيل الكلام المعسول ولكن تطبيقه علي أرض الواقع أمر في غاية الصعوبة، والمشكلة هنا أن مصر تستورد 9.99% من الخامات الدوائية وهو ما يعني أننا بحاجة إلي كم هائل من الاستثمارات إذا أردنا اقتحام هذا المجال، مشيرا أيضا إلي إن صدور مثل هذه التصريحات في الوقت الحالي في غاية الإستفزاز "لأننا كصناع نعاني حاليا من خطر توقف الإنتاج في أي لحظة بسبب عدم قدرة الحكومة علي إحتواء حالة الإنفلات الأمني في الشارع والذي تدفع ثمنه المصانع اليوم وغداَ سيدفع ثمنه المواطن. ويطالب بضرورة تدخل الدولة وبسرعة لمساندة صناعة الدواء حتي لا تتعرض في غضون أشهر قليلة إلي إغلاق العديد من المصانع الأمر الذي سيؤثر سلباَ علي توافر المنتج المحلي بالسوق، ومن ثم سيضطر المواطن إلي اللجوء للبديل وهو الدواء المستورد مهما كان سعره، مضيفا ان هناك مشكلة خطيرة أخري تتعلق بإرتفاع تكلفة إنتاج الدواء نتيجة تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار فضلا عن إرتفاع أسعار الطاقة والمياه، ويتساءل: هل يعقل أن تقوم الحكومة برفع سعر المتر المكعب من المياه - والتي تعد مكونا رئيسيا في صناعة الدواء - من 1,68 جنيه إلي 4,68 جنيه بين يوم وليلة، الأمر الذي يعني أن صناعة الدواء باتت مهددة بالانهيار دون مراعاة من الدولة لكونها صناعة استراتيجية. ويوضح أن صناعة الدواء تعتبر من أكبر الصناعات الاستراتيجية في مصر بحجم تجارة وتوزيع يصل إلي نحو 30 مليار جنيه بمعدل نمو سنوي يبلغ 18% وهو أعلي من المعدلات العالمية بما يفوق 8% حيث يوجد ما يقرب من 120 مصنعا دواء محليا في مصر بجانب وجود شركات مصنعه لدي الغير ليتجاوز عدد الشركات العاملة في هذا المجال إلي 700 مصنع. ويؤكد حافظ إن إحتكار الدولة ولسنوات طويلة لصناعة المصل واللقاح كان السبب الرئيسي وراء تدهور هذه الصناعة وبالتالي استيراد كميات كبيرة لتغطية احتياجات السوق المحلي من هذه السلع الهامة، مضيفا أن القطاع الخاص كان غير مسموح له بإقتحام هذا المجال علي مدي فترات طويلة ولكن اليوم تم السماح له ولكن دون جدوي حقيقية لأن الصناعة باتت مدمرة وتحتاج لضخ استثمارات كبيرة وطفرة علمية وتكنولوجية إذا أردنا حقا العودة للعمل بهذا المجال . معاناة الصناع ومن جانبه ينوه د.أسامة السعدي رئيس المجلس التصديري للأدوية أن المشكلة الحقيقية التي نعاني منها كمصنعين هو أننا في الأساس دولة مستوردة وليست مصدرة للدواء ولو كنا نمتلك قاعدة صناعية جيدة لكنا بالفعل استطعنا تحقيق طفرات صناعية كبيرة ولتمكنا من تقليل فجوة الاستيراد وهو ما لم يحدث حاليا لأننا ببساطة نستورد كل شيء جميع خامات الأدوية بجانب مواد التعبئة والتغليف وماكينات الإنتاج فمصنع الأدوية لا يوجد به أي شيء مصري سوي العمالة فقط وهو الأمر الذي معه ارتفعت تكاليف الإنتاج في نفس الوقت الذي تعمل فيه الدولة علي تثبيت أسعار الدواء دون النظر لمعاناة الصناع. ويوضح السعدي أنه لا يعيب مصر كدولة قيامها بإستيراد خامة الدواء خاصة مع توجه معظم دول العالم خاصة دول أوروبا إلي إستيراد الخامات الدوائية من الصين بدلا من تصنيعها نتيجة القوانين المنظمة للبيئة في هذه الدول حيث تحتاج صناعة الدواء لمنظومة من صناعة البتروكيماويات وهو ما يندرج تحت بند الصناعات الخطيرة الملوثة للبيئة ولكن في المقابل ومن الناحية الاستراتيجية يجب علينا أن نتبني توجه تصنيع خامة الدواء في مصر خاصة الأدوية الأساسية تجنباَ لتقلبات السوق العالمي وحتي يصبح قرارنا في أيدينا ومن ثم حال حدوث أي طارئ مثل رفض بعض الشركات المصدرة منحنا هذه الخامة نتيجة ضغوط عليها لأسباب سياسية أو بسبب زيادة الطلب عليها أو كما هو حادث حاليا من عدم قدرتنا علي إستيراد الخامات نتيجة نقص العملة الصعبة. إجراءات تعقيدية بينما يري د.حسن عبد العظيم رئيس إحدي شركات الأدوية أن مصر تمتلك جميع المقومات الحقيقية التي تؤهلها لتكون دولة رائدة في صناعة الدواء فلدينا مصانع متميزة في هذا المجال يمكنها الإنطلاق حال تقديم الدولة المساعدة لها ، منوها إلي وجود مشكلة كبري تتمثل في الإجراءات التعقيدية التي تطلبها الجهات الحكومية وخاصة فيما يتعلق ببند تسجيل الدواء والذي يتم فيه إتباع طرق روتينية منذ سنوات عديدة الأمرالذي يقف عقبة أمام حدوث نهضة في مجال تصنيع الدواء ومن ثم يتضح أن مشكلتنا الحقيقية تكمن في العقلية التي يتم بها إدارة هذا القطاع الحيوي. ويضيف أن مقومات النجاح موجودة ولدينا فرصة لعمل ثورة تصنيعية في مجال صناعة الدواء سواء كخامة أو كمنتج نهائي، مشيرا إلي إن هناك مشكلة تقليدية تتعلق بكوننا دولة تابعة في أشياء كثيرة وهذه التبعية جعلتنا غير قادرين علي تصنيع معظم إحتياجاتنا الأساسية، ودائما ما نجد مشاكل تتعلق بنقص الأمصال واللقاحات سواء علي المستوي البشري أو البيطري وأيضا نجد نقصا في ألبان الأطفال، وأدوية ضرورية مثل الأنسولين وغيره من الأدوية الرئيسية التي تحتاج إليها شرائح عريضة من الشعب، ورغم هذا لم نجد مسئولا يمتلك الجرأة التي تجعله يعمل علي إقامة منظومة صناعية كبري تحقق اكتفاء ذاتيا لبعض أنواع الأدوية والأمصال.