أول أمس دهس قطار "الشرق" فتاة أثناء عبورها مزلقان بجوار محطة قطار قرية سلمنت بمحافظة الشرقية، مما دعا أهالي القرية إلي التجمهر وتعطيل حركة القطارات وقطع الطريق إحتجاجا علي حوادث القتل التي تقع تحت عجلات القطار، بشكل روتيني، ورفض المسؤلين تامين مزلقان القرية وتطويره وتعيين غفير له، وتركيت أجراس إنزار وإشارات تحذيرية به، لمنع نزيف الدم علي مزلقان سلمنت الذي تحول ز مصيدة للموت، خاصة أن تلك القرية التي أشرف بالإنتماء إليها يقطنها حوالي سبعة ألاف نسمة، وتقع في مكان حيوي، مابين محطتي قطار مشتول وإنشاص، ويعبر المزلقان يوميا المئات من أبناء القرية، والذين يتهددهم الموت في أي لحظة، بسبب عدم وجود تأمين للمزلقان، بل إن ماشية أبناء القرية أصبحت هي أيضا عرضه للسحق تحت عجلات القطار، ممايسبب خسائر فادحة للفلاحين البسطاء هناك، كما قال لي أحد أقاربي من قاطني قرية سلمنت. لم تكن حادثة مزلقان سلمنت هي الوحيدة خلال الأيام الماضية، بل سبقها في نفس اليوم حادثة مقتل سيدة علي مزلقان في دكرنس، والتي صدمها قطار المنصورة أثناء عبورها المزلقان، وقبلها هشم قطار الجيزة سيارة تاكسي عند مزلقان أرض اللواء بإمبابة، وأسفر الحادث عن مصرع 4 أفراد من أسرة واحدة، وقبل ذلك كانت هناك حادثة بشعة في شهر سبتمبر الماضي، عند مزلقان منفلوط، عندما سحق قطار أسيوط أتوبيس أطفال صغار، وأسفر الحادث عن وفاة خمسين طفلا بريئا وإصابة العشرات، وقائمة الموت علي المزلقانات تطول . مزلقانات السكك الحديدية الغير مؤمنة، أصبحت "مصائد للموت" وحصد أرواح الأبرياء بلا ثمن، وفي كل مرة إما أن نرجع الخطأ إلي العامل البشري، "ويشيل" عامل المزلقان الغلبان القضية، بحجة أنه كان نائم أو يتعاطي المكيفات، وإما تتعلل الحكومة بقلة الموارد، وتعد بأنها ستقوم بحركة تطوير شاملة لكل المزلقانات!! الحكومة دائما تجد الحجج والمبررات، وجاهزة بالرد، وتطلق التصريحات من أجل إمتصاص غضب الرأي العام، حتي وزير النقل الجديد الذي لم يمر علي تعيينه سوي أسبوعين تعلم ذلك الدرس، وقال د. حاتم عبد اللطيف وزير النقل والمواصلات إن قطاع النقل في مصر يحتاج الي 170 مليون جنيه، لتوفير قطع الغيار لإجراء الصيانة الدورية، و300 مليون جنيه لصيانة الجرارات كاشفا عن التعاقد علي شراء 221 عربة قطارات جديدة، وأنه سيتم الإسراع لشراء 336 عربة قطار أخري لافتًا إلي أنه أثناء لقائه بالرئيس مرسي طلب تطوير 150 مزلقانا، وتمت الموافقة عليه.. وأوضح انه بانتهاء عام 2013 سيتم الانتهاء من تطوير أغلب مزلقانات القطارات علي مستوي الجمهورية. وأضاف الوزير خلال كلمته امام لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشوري أول امس : لدينا 3300 عربة سكة حديد، مؤكدا انه من 80 إلي 85% من هذه العربات انقضي عمرها الافتراضي مشيرا إلي إن المشكلة ليست تقادم الاسطول فقط ولكن هناك مشكلة اكبر وهي داخلية متمثلة في منظومة "الصيانة" والتي تحتاج إلي اعادة ترتيب. وقال عبداللطيف: إن العنصر البشري بمرفق السكة الحديد يحتاج إلي تطوير وهذا ليس بالشئ السهل مشيرا الي مدي معاناة قطاع السكة الحديد من الضعف في الكثير من الإمكانيات موضحا أنه فور توليه الوزارة عقد مع قيادات قطاعات الوزارة المختلفة، وقيادات السكة الحديد العديد من الاجتماعات، واشار إلي انه عقب حادث البدرشين عقد اجتماعا مع قيادات السكة الحديد وتم خلاله استعراض ملف "القطار" وتبين ان العربة دخلت الصيانة منذ شهر ونصف تقريبا مما يدل علي سوء عملية الصيانة. ربما يكون هذا الكلام هو الأقرب للحقيقة، ولكن هل هذا تمهيد لخصخصة السكك الحديدية؟، أو تجهيزها من أجل تأجيرها والانتفاع بها عن طريق "الصكوك الإسلامية" المرتقب إصدار القانون الخاص بها؟ الأمر مفتوح للنقاش، سواء خصخصة السكك الحديدية ، أو "تصكيكها" مادام تحول هذا المرفق التاريخي الهام إلي عربات خردة تسير دون هدي لتقتل الالف بدلا من أن تقلهم إلي أماكن عملهم، فالسكك الحديدية تحتاج إلي أموال طائلة لتحديثها وصيانتها، وشركات عالمية لإدارتها، وأشياء أخري؟ فهل الحل في الخصخصة أو "التصكيك "؟ أم في إنشاء وزارة مستقلة للسكك الحديدية، تتولي أمورها حتي تخرج من عثرتها . المهم ألا يكون هناك المزيد من القتلي بسبب حوادث القطارات شبه اليومية، وألا تتحول تلك القطارات إلي نعوش حديدية متحركة، وألا يشيع أبناء القري التي تقع علي شريط السكك الحديدية ومنها سلمنت ضحايا بشكل منتظم، قتلوا علي المزلقانات، وتحت عجلات قطار قاتل "غشيم" وتحت أبصار مسؤلين لايشعرون ولايعرفون الرحمة .