وزير الأوقاف السابق: ضبط الكلمة وإعمال العقل ضرورة في الخطاب الديني    إحباط زواج طفلة تبلغ من العمر 14 عاما بمحافظة قنا    التموين: رفع المخزون الاستراتيجي للسكر التمويني ل 12 شهرًا    السكر والدقيق والشاي، ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأسواق    5 ملايين جنيه.. قيمة خطاب ضمان تنظيم العمرة لموسم 2026    البترول تعلن نجاح أعمال الحفر ببئر "ظهر 6" لإضافة 60 مليون قدم مكعب يوميًا    عماد الدين حسين: إسرائيل تمنع المساعدات عن قطاع غزة وتحولها لمصائد موت    بوتين: العلاقات بين موسكو وواشنطن بدأت تتحسن    ترامب يرفض دعوة حضور حفل زفاف جيف بيزوس.. "وول ستريت" تكشف السبب    أولمبيك ليون يحصل على موافقة يويفا للمشاركة في الدوري الأوروبي    الزمالك يعلن عن المدير الفنى الجديد منتصف الأسبوع المقبل    رئيس لانس ينفي تقديم عرض لضم سعود عبد الحميد    رئيس إنبي ليلا كورة: أوفا ودويدار ينتقلان إلى البنك الأهلي    خبر في الجول - تفاصيل انتقال العش إلى الأهلي.. القيمة المالية وإعارة أحمد رضا إلى زد    القبض على السائق المتسبب فى مصرع 19 شخصا وإصابة 2 آخرين بالطريق الإقليمى بالمنوفية    إصابة 10 عمال في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بالمنيا    محافظ البحر الأحمر يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 73.1 %    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة بالوادي الجديد    فيديو يقود مباحث دار السلام لضبط "ديلر الاستروكس"    مجلس الوزراء: الجامعات الحكومية مملوكة للدولة ولا نية لخصخصتها    مواهب باليه الأوبرا تجسد قصة جيزيل على المسرح الكبير    هشام جمال يحتفل بعيد ميلاد ملك أحمد زاهر    حنان مطاوع: بعد مشهد النيل في "هابي بيرث داي" بعتولي حبوب بلهارسيا للوقاية    السر فى الذكاء الاصطناعى.. عادل إمام يعود للأضواء بعد غياب سنوات ما القصة؟    الرعاية الصحية: انتهاء قوائم انتظار جلسات الغسيل الكلوي في بورسعيد (صور)    ننشر مذكرة تحقيقات "صحة الغربية" بواقعة تبديل جثتين بمستشفى زفتى العام    محافظ كفرالشيخ: انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد الضبعة بالرياض    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    قبل أن يتم عامه ال25.. هالاند يدخل نادي ال300 هدف    مقتل العالم النووي الإيراني سليمان سليماني جراء الهجمات الإسرائيلية    ثنائي الأهلي يزين التشكيل الأفريقى المثالى لمرحلة المجموعات فى مونديال الأندية    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    حكم وفضل صيامه.. متى أول عاشوراء 2025؟    خطيب المسجد النبوي: صوم التطوع في شهر المحرم أفضل الصيام بعد رمضان    الصديقة ب35 والتيمور ب40 جنيهاً.. جولة داخل سوق الجملة بأكتوبر.. فيديو    الإثنين المقبل.. المحطة الأخيرة لقانون الإيجار القديم قبل إقراره تحت قبة البرلمان    قافلة طبية مجانية لجمعية رعاية مرضى الكبد عضو التحالف الوطنى فى الدواخلية بالغربية لخدمة أهالي القرية    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    أسماء أبو اليزيد بعد مسلسل فات الميعاد: لو رأيت رجلا يعتدي على زوجته سأتمنى أن أضربه    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    السيطرة على حريق نشب فى ثلاثة سيارات ملاكى بحى شرق أسيوط    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ولن يكسبوا ذرة تراب منه    سعر الحديد اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد كمال مراد عميد كلية زراعة "سابا باشا" بالإسكندرية : * أهملنا زراعة القطن لكي نزرع "الخيار والكانتلوب" وأهملنا صناعة المنسوجات لكي نستورد من الصين
نشر في العالم اليوم يوم 05 - 01 - 2013

* مسلسل انهيارات المحصول القومي جاء مع العدوان الصارخ علي الأراضي الزراعية وإهمال الفلاح المستباح من بنك الائتمان الزراعي
* الحل في دعم أسعار المبيدات والأسمدة ودراسة الآفات والحشرات ووضع حد أدني لسعر توريد الأقطان وسياسة تسويقية وتصنيعية شاملة لعشر سنوات علي الأقل
* مؤتمر دولي في إبريل القادم يطلق ورشة إصلاح مستمرة مدعومة من أصحاب المصلحة
القطن المصري أشهر وأجود أنواع القطن في العالم.. لايزال الجميع يذكرون الأعياد التي كانت تحملها موسم جني القطن في الريف المصري حيث تجتاح الأفراح بيوت الفلاحين كل عام.. موسم جني القطن عرس سنوي في كل بيت يبحث عن الفرحة.. والفلاح ينتظر كل عام الموسم وما يحمله من مظاهر بهجة وسعادة..ل ا يوجد محصول زراعي احتل هذه المكانة في حياة المصريين سوي القطن الملاذ الآمن لكل أسرة في ريف مصر.. مرت عصور كثيرة كان فيها ملكا متوجا ينتظره الجميع.. ثم أتت عصور أخري تراجع فيها وأصبح نسيا منسيا.. د. أحمد كمال مراد عميد كلية زراعة "سابا باشا" جامعة الاسكندرية يقدم عرضا لمشكلات القطاع تاريخيا حتي الآن والحلول الممكنة لوقف مسلسل الانهيار و نتائجه الكارثية.
* كيف تري تاريخ المحصول القومي؟
** لم يكن القطن مصدر الرخاء والاكتفاء في حياة الفلاحين فقط بل كان يمثل الذهب الأبيض الذي يحتل قائمة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية.. أهم وأغلي صادرات مصر.. ومع تطور الحياة والزمن نشأت صناعات عريقة علي ضفاف النيل تعتمد علي محصول القطن منها صناعة الغزل والنسيج والزيوت والصابون والبويات والورق.. وظهر رجل عظيم اسمه طلعت حرب استطاع أن يخلق من هذه الصناعات كيانات ضخمة جمعت في ريف مصر بين الإنتاج الزراعي والوحدات الصناعية في منظومة حضارية جديدة دفعت بالمجتمع المصري إلي آفاق أوسع من التطور والإنتاج.
* كيف وصل القطن للبلاد؟
** لا أحد يعرف متي دخلت زراعة القطن الأراضي المصرية.. هناك دلائل تؤكد أن الفراعنة لم يعرفوا القطن وأن الإسكندر الأكبر حمل هذا النوع من المحاصيل الزراعية بعد أن غزا الهند فنقل القطن إلي البلاد التي غزاها ومن بينها مصر ولهذا يؤكد المؤرخون أن الملابس القطنية كانت شائعة في مصر في عهد البطالمة. عموما لا أحد يعرف بعد ذلك كيف دخل القطن إلي مصر، لكن المؤكد أن محمد علي كان أول حاكم في تاريخ مصر الحديثة يضع القطن في أول قائمة الزراعة في مصر.. لقد استدعي عميد الأسرة العلوية المهندس الفرنسي لويس جوميل ليشرف علي تنظيم زراعة القطن في مصر وهنا بدأ التاريخ الطويل لقطن مصرالذي لم يعد مجرد محصول تنتجه الأرض المصرية ولكنه تحول إلي سلعة زراعية ضرورية لمصانع الغزل والنسيج في إنجلترا في عهد الاحتلال الانجليزي.
* ما قيمته الاقتصادية كمصدر للدخل القومي؟
** في عصور مختلفة تم النظر الي صادرات القطن كمصدر للرخاء أو التراجع في مسيرة الاقتصاد المصري.. كانت أسعاره العالمية تحتل الصدارة في اهتمام الدولة المصرية.. قناة السويس، وصادرات القطن، والسينما أهم مصادر مصر من العملات الأجنبية وبقيت قناة السويس.. وانهارت زراعة القطن وصناعات الغزل والنسيج.. وسادت سينما المقاولات، وفي يوم من الأيام كانت المساحات المزروعة بالقطن في مصر تزيد علي مليون فدان سنويا في أقل التقديرات وإذا أدركنا أن هذه المساحة تمثل خمس الأراضي الزراعية في مصر فسندرك إلي أي مدي كانت أهمية محصول القطن.. في الأربعينيات كان القطن الملك المتوج في الزراعة المصرية ومع برامج طلعت حرب الصناعية اتسعت مصانع الغزل والنسيج وتوابعها من المحالج التي انتشرت في كل أرجاء مصر.
* ماذا بعد ثورة يوليو والانفتاح الاقتصادي الساداتي؟
** كانت الثورة حريصة علي بقاء مكانة القطن خاصة لتمثيله كسلعة تصديرية مهمة تعادل البترول والسلاح.. استخدمت ثورة يوليو القطن كورقة رابحة في صفقات السلاح خاصة مع دول الكتلة الشرقية في زمن الحرب الباردة.. وتوسعت مصانع الغزل والنسيج مع مشروعات التنمية الصناعية في مصر في الخمسينيات والستينيات.. ومع سياسة التحكم في زراعة القطن والدورات الزراعية حافظ القطن علي مكانته في خريطة الزراعة المصرية، ومع سياسة الانفتاح الاقتصادي وتوابعها من الخصخصة إلي بيع القطاع العام منذ بداية التسعينيات بدأت رحلة التراجع في زراعة القطن في مصر.
* كيف حدث التراجع تاريخيا؟
** بدأت رحلة الهبوط بسياسة العدوان الوحشي علي الأراضي الزراعية من أجل المباني والعقارات فشهدت مصر في السنوات الماضية أكبر مذبحة للأرض الزراعية الطينية التي أقيمت عليها العقارات والبيوت في كل أرجاء المحروسة، مساحات من أجود الأراضي الزراعية.. في تقديرات كثيرة أن مصر خسرت في السنوات الثلاثين الماضية أكثر من مليون فدان من أجود الأراضي الزراعية تحولت إلي مبان.. العدوان علي الأرض الزراعية أول عدوان علي محصول القطن.
القطن أم الكانتلوب!
مع سياسة التوسع في المباني في الأرض الزراعية ساد اعتقاد خطأ لايزال ساريا حتي الآن هو أن زراعة الكانتلوب أهم من زراعة القطن وأن الخيار والفراولة أهم من صناعة النسيج، وأن إنتاج هذه المحاصيل يمكن أن يحقق عائدا أكبر بكثير من صادرات القطن والصناعات القائمة علي زراعته في أرجاء المحروسة، والشيء الغريب أن دعاة النظرية الهدامة نسوا أشياء كثيرة، نسوا أن في مصر أكثر من 3000 منشأة صناعية للغزل والنسيج تضم استثمارات تزيد علي 17 مليار جنيه وتبلغ صادراتها السنوية أكثر من 3 مليارات، نسوا أن الخيار والكانتلوب لا يمكن أن يكونا بديلا لمحصول رئيسي كالقطن يقوم عليه اقتصاد مصر في أكثر من مجال وأن تراجع حجم صادراتنا منه يمكن أن يمثل خسارة كبيرة للاقتصاد المصري، ونسوا أيضا أن هناك مئات الآلاف من العمال في الأراضي الزراعية ومئات الآلاف في المصانع الذين تعتمد حياتهم علي محصول القطن زراعة وإنتاجا وحلجا وغزلا وصناعة وتوزيعا وتصديرا.. والنتيجة هي انهيار زراعة القطن وصناعة الغزل والنسيج في ضربة واحدة.
الانفتاح وتوغل جماعات المصالح
* كيف تري تأثيرات عهد الرئيس المخلوع؟
** مع مشروعات الانفتاح توسع الاستيلاء علي الأراضي الزراعية للبناء فكان لابد أن يتراجع الاهتمام بزراعة القطن وإنتاجه وتصنيعه وتصديره.. وظهرت طبقة من أصحاب المصالح استولت علي مساحات كبيرة من الأراضي التي تحولت إلي مشروعات استثمارية عقارية ما بين البيوت والمنتجعات والشقق.. وفي سنوات قليلة أكلت المباني عشرات الآلاف من الأفدنة في كردونات المدن والقري والنجوع.. من بين هذه الطبقة أيضا كان هناك فريق آخر استغل الفرصة وانقض علي مساحات كبيرة من الأراضي في المحالج في جميع المحافظات وهنا أيضا تم بيع محالج القطن في صفقات سريعة.
* ونتائج الخصخصة؟
** علي جانب آخر تم بيع عدد كبير من مصانع الغزل والنسيج ضمن برنامج الخصخصة وتحولت هذه المصانع إلي عقارات أو تم تجديدها لحساب مستثمرين مصريين وعرب وأجانب وهنا أيضا تراجعت مساحات الأراضي المخصصة لزراعة القطن أمام التوسع في زراعة الأرز حيث لم يعد محصول القطن يحقق عائدا اقتصاديا يشجع الفلاح علي زراعته.
* كيف تراجعت عائداته؟
** في عام 89/90 بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالقطن مليون فدان انخفضت إلي 550 ألفاً في موسم 2002/2003 وكان إنتاج مصر من الأقطان في الثمانينيات يتراوح بين 7 و8 ملايين قنطار سنويا انخفضت إلي 4.5 مليون قنطار في عام 2003 الآن أقل من ذلك بكثير، خلال 20 عاما أصبح القطن في آخر قوائم الإنتاج الزراعي في مصر ولم تعد صادراتها من القطن للأسواق الخارجية تتجاوز 150ال مليون دولار وساعد علي انهيار محصول القطن أن الدولة كانت تتلاعب في أسعار توريده.. ففي عام 2003 بلغ سعر القنطار 1300 جنيه لكنه انخفض إلي 600 جنيه في العام التالي مباشرة 2004 ثم وصلت في نهاية 2010 وبداية 2011 إلي حوالي 2000 جنيه/ قنطار زهر ثم الي1300 جنيه قنطار الموسم الماضي إلي أقل من ذلك حاليا.
* هل أثرت مدخلات الإنتاج علي عوائد المحصول للمنتجين؟
** أمام الظروف الصعبة هرب الفلاح المصري من زراعة القطن وبدأ يبحث عن محاصيل أخري أقل في التكلفة مثل البرسيم الذي يستخدم غذاء للماشية. ساعد علي الانهيار ارتفاع إيجارات الأراضي التي تجاوزت ال3000 جنيه للفدان الواحد بعد تحرير العقود الإيجارية بين الملاك وأصحاب الأراضي والفلاحين.. وهنا ارتفعت تكاليف زراعة القطن أمام ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وتكاليف الزراعة.. علي جانب آخر، كانت صناعة الغزل والنسيج تواجه ظروفا أصعب أمام قلة الإنتاج وتراجع الصادرات وغزو المنسوجات الصينية للأسواق المصرية.. ومع هذا التراجع زاد حجم الديون علي شركات الغزل والنسيج حتي وصلت إلي 8 مليارات جنيه، وهنا لم تجد الحكومة حلا سوي بيع هذه المصانع، مع توحش مصالح كبار المستوردين.
* وماذا حدث لأسواق الخام الابيض المصري؟
** ظلت بعض الأسواق للقطن المصري في دول آسيا مثل الصين والهند وباكستان تشتري القطن الخام وتعيد تصديره لنا في صورة منسوجات رخيصة رغم أن مصانعنا كانت الأولي بذلك، خاصة أن مئات الآلاف من العمال يعملون في هذه المصانع وألقت بهم الدولة في الشوارع تحت إغراءات المعاش المبكر..أهملنا زراعة القمح لنفتح أبواب الاستيراد علي مصاريعها للمستوردين.. وأهملنا زراعة القطن لكي نزرع الخيار والكانتلوب.. وأهملنا صناعة المنسوجات لكي نستوردها من الصين.. إنها خيوط متشابكة تصل جميعها إلي مجموعة من أصحاب المصالح الذين يرسمون السياسات التي تخدم مصالحهم وتحقق أهدافهم في المزيد من الثراء علي حساب الشعب الغلبان.
إسرائيل تظهر في الصورة
* ماذا بعد؟
** أمام الانهيارات المتتالية في محصول القطن وجدنا القطن الإسرائيلي يغزو الأسواق المصرية وينافس القطن المصري العريق داخل وطنه. بعد أن كانت مصر من أهم الدول المصدرة للقطن في العالم بدأت تستورد الذهب الأبيض من الهند وإسرائيل وبعض دول إفريقيا.. بل إن الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابق أصبحت الآن من أهم الدول المصدرة للقطن في حين ظلت مصادره الأصلية تحافظ علي إنتاجه خاصة الولايات المتحدة الأمريكية حتي وإن قدمت دعما ماليا للمنتجين حتي لا تخسر إنتاجها وصادراتها.. ولم يكن غريبا أن تدعم الخزانة الأمريكية منتجي القطن بمبلغ 12 مليار دولار سنويا حتي تحافظ علي أسواقها الخارجية وصناعتها المحلية.
جريمة كبري
* من يتحمل المسئولية أمام الشعب؟
** نحن أمام جريمة كبري تتحمل الحكومات المتعاقبة مسئوليتها أمام انهيار زراعة القطن في مصر.. إن الفلاح المصري لم يعد راغبا فيه بل إنه نسي أيامه ولياليه أمام الأزمات والمشكلات وارتفاع تكاليف الزراعة.. المصانع تم بيعها.. والمحالج تحولت إلي منتجعات وبيوت وشقق علي النيل.. والأسواق الخارجية نسيت اسما عريقا كان يسمي القطن المصري.. كانت المنسوجات القطنية التي تحمل اسم القطن المصري من أغلي وأجمل المنسوجات في العالم.
حلقات متعددة من مسلسل الأهمال
* كيف يمكن أن ننقذ ما يمكن إنقاذه حتي يسترد القطن شيئا من مكانه وزمانه؟
** إن البعض يلقي علي الحكومة الحالية مسئولية انهيار زراعة القطن في مصر وانهيار صناعة الغزل والنسيج.. والحقيقة أننا أمام مسلسل طويل من الأخطاء شارك فيها أكثر من حكومة وأكثر من وزير، بدأ هذا المسلسل منذ سنوات بعيدة أمام العدوان الصارخ من العقارات علي الأراضي الزراعية وأمام نقص مساحات القطن وأمام إهمال الفلاح الذي استبيحت حقوقه من قبل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها بنك الائتمان الزراعي.. يبدو الحل أمرا صعبا بل مستحيلا أمام تراكم الأخطاء ولكن يجب أن تسمع الحكومة لأصوات العقلاء وأن تدرس مشكلات الفلاحين لأن خسارتنا في القطن وصناعاته وتسريح عماله وفقدان أسواقه خسارة لا تعوض.
البحث عن أمل
* تعثر الإنتاج وتراجع حجم الصادرات.. فما الحل؟
** نقطة البداية أن تدعم الدولة الفلاحين لكي يعودوا مرة أخري إلي زراعة القطن لأن تكاليف زراعة الفدان تزيد علي 3 آلاف جنيه وهذا يتطلب دعما في أسعار المبيدات والأسمدة، مع دراسة أنواع الآفات والحشرات الجديدة التي أصابت القطن المصري، ولابد من وضع حد أدني لسعر توريد الأقطان من الفلاحين بحيث يتأكد الفلاح أن الدولة مسئولة عن المحصول بالسعر المناسب..
رفعت الدولة يدها عن شراء المحصول من الفلاحين وترتبت علي ذلك نتائج سيئة أبسطها أن أكياس القطن تناثرت في البيوت أشهرا طويلة تحت الشمس والأمطار ولم تجد من يشتريها.. بل إن الأسوأ من ذلك تلك الأنواع من البذور التي استوردتها الحكومة وأنتجت أقطانا ملونة لم تجد لها مكانا في الأسواق الخارجية أو الداخلية.. وأضاف د.احمد كمال مراد قائلا: يجب أن تعود مصر منتجة للقطن طويل التيلة فلا يزال يتمتع بسمعة دولية حتي الآن رغم كل ما حدث للقطن المصري من مخاطر ..إن انسحاب الحكومة تماما من عمليات التسويق الزراعي خطأ فادح.. لقد حررت الدولة العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية ثم حررت أسعار الأسمدة وتركتها للمضاربات.. ثم حررت أسعار المبيدات وتركتها للأسعار العالمية.. وبعد ذلك كله رفضت أن تتسلم المحاصيل من الفلاحين، وكان الحل الوحيد هو أن يهرب الفلاحون من أراضيهم.
القطن من ذهب، وقد ذهب
* كيف يتم تقييم كل السياسات السابقة؟
** أعتقد ان الحكومات السابقة ارتاحت ورضيت بتحويل الأراضي الزراعية إلي مبان ومحال.. وسعيدة ببيع المحالج في كل محافظات مصرفلم يبق سوي بعض المصانع التي تعثرت عمليات تسويقها وتنتظر دورها في البيع.. ماذا سيبقي للمواطن المصري بعد ذلك.. حيث لا قطن.. ولا غزل ولا نسيج.. ولا إنتاج ولا عمل ولا تصدير.. هل استطاعت سياسة الكانتلوب والخيار وبيع أصول الدولة المصرية أن تقضي علي أسطورة مصرية قديمة اسمها الذهب الأبيض؟ يبدو أن هذا الذهب قد ذهب فعلا.. ولن يعود.
تحديات تجارة القطن المصري
* من أين نبدأ الاصلاح المطلوب؟
** يجب ترك الحرية للمزارع في اختيار المحصول الذي يرغب في زراعته حيث تم الغاء نظام الدورة الزراعية الذي كان متبعاً سابقا أدي الي تذبذب المساحة المزروعة سنويا من القطن وارتفاع وانخفاض بدون دراسة فعلية لاحتياجات السوق القطني العالمي وعدم ثبات المساحة المزروعة من القطن المصري سنويا وعدم ثبات الكميات المنتجه منه. وتذذب أسعار الأقطان من موسم لآخر وعدم مسايرتها لأسعار الأقطان العالمية المنافسة، وأخيرا عدم ثبات الطلب علي الأقطان المصرية في الأسواق الداخلية أو الخارجية.
مؤتمر القطن الدولي الثاني
لذا فإننا في أشد الحاجة الي وضع سياسة تسويقية وتصنيعية للقطن المصري ودراسة اثر ذلك علي تحديد المساحة المزروعة منه سنويا والكميات الناتجة ومستويات الأسعار.. هذا هو هدف مؤتمر القطن الدولي الثاني في ابريل 2013 بمحاوره المتعلقة بالمحافظة علي أصناف القطن المصري من التدهور، والتخلص من أثر الشوائب علي تسويق القطن، وتوفير احتياجات المغازل المحلية من الأقطان، وجدوي السياسات السعرية لتحديد سعر مناسب للقطن المصري يضمن تغطية التكلفة الفعلية للزراعة بحث يكون هناك سعر محدد وعادل للقطن وإلا سيهجر الفلاح زراعة هذا المحصول الاستراتيجي نهائيا، سيطلق ورشة إصلاح مستمرة من كل أصحاب المصلحة إنتاجا وتسويقا وتجارة وتصديرا واستهلاكا، النجاح يطلب صناعة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.