أثار قرار وزارة الخارجية الذي وجهته إلي جميع السفارات والقنصليات ومكاتب المنظمات الدولية وشددت فيه علي عدم تقديم أية هدايا شخصية للمسئولين المصريين تتجاوز قيمتها ما يعادل 100 دولار أمريكي، وفي حالة تقديم هدايا تفوق قيمتها هذا المبلغ فإنها ستؤل إلي الخزانة العامة للدولة جدلا واسعا بين السياسيين لدرجة طعن البعض في مشروعية هذه الهدايا التي تقدم للملوك والرؤساء والسفراء وذلك لأنها لا تقدم لذات الشخص ولكن بصفته ممثلا عن الدولة القادم منها وبالتالي فقد تحمل في طياتها معاني سياسية كثيرة قد تأتي علي حساب المصلحة الوطنية وبالتالي لابد من أن تخضع هذه الهدايا للتدقيق والرقابة من أجهزة الدولة. ومعروف أن بعض الدساتير في دول الخارج تنص علي أن يتم نشر كل هدايا الرئيس في الجريدة الرسمية للدولة وأن يتم وضعها في المتحف الرئاسي.. ففي بريطانيا مثلا يجب علي أي مسئول بريطاني يحصل علي هدية يزيد ثمنها علي 165 جنيها استرلينيا أن يقدمها لخزانة الدولة. أما في أمريكا فيجب ألا يزيد ثمن الهدية المقدمة عن 150 دولارا، وفي فرنسا يجبر القانون الفرنسي رئيس الدولة أن يسلم جميع الهدايا المقدمة له بصفته رئيسا إلي قصر الاليزيه وذلك حفاظا علي المسئولين من الفساد. وفي مصر صدرت عدة قرارات علي مدار الحكومات الماضية تنظم التعامل مع هذه المسألة وقد صدر أول قرار برقم 115 عام 1982 والذي نص علي ألا تزيد الهدية المقدمة علي 10 آلاف جنيه ولابد من الحصول علي موافقة رئيس الوزراء في حالة زيادتها عن هذا المبلغ مع ارسال اخطار لوزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات بتلك الهدايا، وفي عام 1996 تم تعديل هذا القرار حيث فوض الجنزوري الوزراء في الموافقة علي قبول هذه الهدايا إذا لم تتجاوز قيمتها ال10 آلاف جنيه مع إخطار الأمانة العامة لمجلس الوزراء وأوضح الخبراء أن هذا القرار كان يعد بداية الفساد حتي جاءت حكومة عاطف عبيد التي قامت بتعديل القانون لينص علي قبول الهدايا من أي شخص أو جهات محلية أو أجنبية ومن هنا بدأت الهدايا الرمزية من الأقلام والعطور في الاختفاء ليحل محلها الهدايا باهظة الثمن وأظرف الأموال ومن ثم جاءت حكومة نظيف التي كانت بيئة أفضل للفساد وسمحت بتضخم هذا الأمر حيث وصل إلي حد أن هذه الهدايا كانت يتم طلبها وأصبحت فرضا. حول الهدايا "البروتوكولية" ومدي مشروعيتها ومدي الاضرار بالمصلحة الوطنية التي يمكن أن تسببها ناقش الخبراء القضية مع "الاثنين". يقول د. عمار علي حسن أستاذ العلوم السياسية إن هناك لوائح وقوانين في كل الدول تحدد قيمة معينة للهدايا التي تقدم للمسئول أثناء زيارته للخارج أو كان عضوا في السلك الدبلوماسي وما يزيد علي الحد الموضوع في هذه اللوائح من المفترض أن يقدم للدولة حيث إن هذه الهدايا لا تقدم له لذاته ولكن بوصفه ممثلا للدولة ومن ثم فالهدية منصرفة للدولة أكثر من انصرافها كتقدير للشخص ومن أهم الأسباب التي تجعل الدول حريصة علي عدم استلام دبلوماسييها في الخارج لهدايا باهظة الثمن هو عدم افسادهم أو عدم تجنيدهم علي حساب المصلحة العامة من خلال تقديم هذه الهدايا لهم.. فالهدايا باب للفساد والافساد والتفريط في المصلحة العامة وإذا قننت بشكل معين ستحمي نفوس وضمائر الدبلوماسيين والمسئولين من التفريط في المصلحة الوطنية علي حساب مصالحهم الشخصية. حد للتجاوزات ويشير عمار إلي أن تنظيم هذه المسألة ليس بجديد فهي موجودة منذ القدم ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام أحد الولاة باستلام هدية من ذهب وقام باخبار أمير المؤمنين بأمرها فقال له عمر بن الخطاب: إذا لم تكن واليا لما أهديت إليك هذه الهدية، وقام بأخذها منه ووضعها في بيت المال والأعراف الدبلوماسية منذ قرون طويلة تحاول أن تكرس هذه القاعدة ففي بريطانيا مثلا يجب علي رئيس الوزراء تسديد الضرائب حتي عن الهدايا الشخصية التي يتلقاها، وفي أمريكا كذلك يتم إصدار قائمة سنوية بالهدايا التي يتلقاها الرئيس ونائبه، كما أن هناك قوانين تحكم الهدايا التي تقدم للموظفين الحكوميين والدبلوماسيين.