حالة من الاحباط مع الاحساس بالعجز سيطرت علي صناع مصر خلال اجتماعهم الذي عقد أمس الأول واستعرضوا خلاله الكم الهائل من المشاكل التي يواجهونها ولا توجد لها حلول. الاجتماع الذي عقدته جمعية الصناع المصريون برئاسة الدكتور وليد هلال أكد علي حاجة الصناع لكي يتعرفوا من المسئولين بالدولة علي الابعاد الحقيقية لمشكلاتهم والأسباب الحقيقية لعدم القدرة علي حلها رغم وصفهم لها بأنها مشاكل بسيطة وسهلة ومع ذلك فإنه لا يوجد من المسئولين من لديه الاستعداد لمد يد المساعدة من أجل حلها. انتقد أعضاء الجمعية عدم وجود آلية لحل المشاكل المتكررة التي يواجهها الصناع في مصر مشيرين إلي أنه علي الرغم من أن هذه المشاكل تبدو سهلة وبالإمكان حلها، إلا أن المشكلة الرئيسية هي أنه لا توجد إرادة حقيقية من قبل أجهزة الدولة لحها محذرين من تفاقم هذه المشاكل ومؤكدين علي أنه لا يجدي التأجيل المتكرر لحلها لأن هذا التأجيل من شأنه أن يعجل بانفجار الوضع القائم. حضر الاجتماع الدكتور طارق مصطفي رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري وكشف خلاله عن ضوابط جديدة لصرف مساندة الصادرات تقوم لجنة من وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بإعداده ليتم الانتهاء من أعدادها والإعلان عنها خلال 6 أسابيع مؤكدا أهمية استمرار برامج المساندة لدعم الصناعة المصرية ولمساعدتها علي استيعاب تأثير رفع الدعم عن الطاقة للصناعة وأيضا تثبيت سعر صرف الجنيه. أكد مصطفي أنه يجب تحرير سعر الأسمدة وأن يتحول الدعم المقدم للسماد إلي دعم مباشر للمزارعين في صورة شراء المحاصيل بأسعار مرتفعة مشيرا إلي أن لجنة الصناعة بالشوري أعدت دراسة كاملة حول تحرير أسعار الأسمدة وتم تحديد المحاصيل الأساسية التي سيتم دعمها. وكان الدكتور وليد هلال قد استهل اجتماع المجلس بالتنويه عن اختيار لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري للجمعية كمستشار فني لها فيما يتعلق بقضايا الصناعة وعرض المشاكل التي يواجهها الصناع في مصر ومحاولة ايجاد حلول سريعة وحاسمة لها، مؤكدا أن عليهم كجمعية مسئولية كبيرة وهي نقل صوت الصناع ومشاكلهم والعمل "كلوبي" يضغط من أجل حل هذه المشاكل. استعرض الاجتماع نوعيات مختلفة من المشاكل التي يواجهها الصناع حيث عرض المهندس سعيد أحمد رئيس المجلس التصديري للمفروشات واحدة من المشاكل إلي يعاني منها القطاع والتي توثر علي قدرته التنافسية وتتمثل في رسوم التدابير الوقائية المفروضة علي واردات الغزول والتي تصل إلي 3000 جنيه للطن بما يصل إلي نحو 20% من قيمة المنتج إضافة إلي ما أشار إليه من أن سعر القطن في البورصات العامية يصل سعره إلي 71 سنتا في مقابل سعره في مصر والذي يصل إلي 1،1 دولار للكيلو بما يعني أن هناك فرقا في تكلفة الخامة الرئيسية التي تدخل في صناعة المفروشات إضافة إلي رسم الحماية. وشدد أحمد علي ضرورة تبني الدولة لاستراتيجية جديدة في زراعة القطن تعتمد علي التوسع في زراعة القطن قصير التيلة من أجل مواجهة المنافسة الشرسة من منتجات شرق آسيا والتي تسيطر علي حوالي 97% من السوق العالمي. من جهة أخري ناقشت الجمعية الأزمة الجديدة التي تواجهها مصر، والمتمثلة في أنه منذ 15 يوما وأصحاب سيارات النقل الثقيل في اضراب عن العمل في الدلتا والوجه البحري كله، وهو ما شل الحركة التجارية والصناعية لمصر حيث أشار د. وليد هلال إلي أن المصدرين والمستوردين يواجهون غرامات تأخير بمئات الآلاف من الدولارات يوميا لعدم تفريغ شحناتهم في الموانئ بسبب هذا الاضراب والذي قد يمتد لصعيد مصر خلال الأيام المقبلة إذا فشل الاجتماع المقرر مع وزير النقل وجمعية مستثمري النقل الثقيل. وطالب هلال الحكومة بسرعة التدخل وإنهاء هذا الاضراب والذي يهدد أصحابه بأن يمتد من الدلتا والوجه البحري إلي الصعيد. وقال إن هناك ثلاث سفن محملة بشحنات قمح ومواد تموينية لصالح هيئة السلع التموينية، بجانب شحنة من مادة الشبه الواردة لصالح هيئة مياه الشرب والتي تستخدم في تكرير مياه الشرب، وهو ما يعني كما يقول إنه إذا لم يتم ايجاد حل لهذا الاضراب فإنتائجه وتأثيراته السلبية ستزيد يوما بعد يوم. وطالب أحمد هجرس عضو الجمعية الغرف التجارية بإصدار شهادات لإثبات اضراب سيارات النقل وتحديد المدة التي حدث فيها الاضراب واعتبارها من قبيل القوة القهرية طبقا لنصوص القانون البحري الذي اشترط لإلغاء غرامات التأخير التي تفرضها الخطوط الملاحية عن تأخر تفريغ السفن أن يكون ذلك بسبب قوة قاهرة خارج إرادة المصدر أو المستورد. وحول مطالب أصحاب سيارات النقل قال هاني صقر أحد المستثمرين في مجال الشحن إن العاملين في قطاع النقل الثقيل يرغبون في أن يتم التعامل معهم كقطاع له احترامه وليس كحفنة من اللصوص مطالبين بتقنين أوضاعهم وأن يتم المحافظة علي البنية التحتية للطرق والعقاب للمخالف من خلال آلية تساوي بين الجميع. وأوضح أن مطالب العاملون في هذا القطاع تشمل 11 طلبا تم التقدم بها في مذكرة لوزير النقل أهمها مطلبين هما الغاء قرار منع إصدار تراخيص لتسيير المقطورات وليس تأجيله العاملين آخرين، وذلك نظرا لعدم قدرة اسطول النقل علي استيعاب حركة تجارة مصر الدولية استيرادا وتصديرا والتي تضاعف حجمها أكثر من 4 مرات في سنوات قليلة في حين لم يتضاعف اسطول النقل بنفس النسبة بل إن عدده لا يتجاوز ال 120 ألف سيارة بجانب أن شبكة الطرق الحالية لا تتحمل زيادة هذا العدد بصورة كبيرة. وقال إن المطلب الثاني هو إلغاء تحصيل غرامات الوزن الزائد لحمولة سيارات النقل بصورة فورية، علي أن يتم دفعها عند تجديد تراخيص السيارات وذلك بسبب تعدد هذه الغرامات من أجهزة الموانئ وشرطة المرور والمحافظات بل إن حصيلة تلك الغرامات تتسرب ولا تحصل عليها. من ناحية أخري كشف هاني صقر عن وجود مشكلة حقيقية تواجه 17 مصنع زجاج استثماراتها تتجاوز المليارات بجنوب سيناء وهي نقل الخامات اللازمة لتشغيلها، مشيرا إلي أن هذه المصانع تصارع من أجل البقاء خاصة أنه ليس لديها سوي مخزون من المواد الخام ليوم أو اثنين. وأوضح أن المصانع تنتج الزجاج وتكسره مرة أخري وتدخله الأفران حتي تستمر الأفران في العمل لأنه إذا توقفت فلن يكون بالامكان تشغيلها إلا بعد 6 أشهر أخري. وقال إن جمعية "الصناع المصريون" أعدت مذكرة لوزراء الصناعة والنقل والاستثمار ولرئيس هيئة قناة السويس وذلك للمطالبة بإعادة تشغيل معدية السويس وهي الأقرب لجنوب سيناء والتي لا يوجد بها سوي طريق واحد فقط وهو طريق شرم الشيخ الدولي وهو طريق مفرد وغير مزدوج كما لا يوجد بجنوب سيناء أي ميناء علي الاطلاق، مشيرا إلي أن معدية السويس اغلقت في وجه سيارات النقل الثقيل منذ 3 سنوات لتخصيصها فقط لنقل المنتجات البترولية. من ناحية، أخري كشف هاني قسيس وكيل المجلس التصديري للكيماويات عن توقف تصدير منتجات المناطق الحرة بريا إلي ليبي بناء علي منشور أصدرته مصلحة الجمارك وهو ما يهدد بخروج المنتجات المصرية من السوق الليبية مشيرا إلي أن شحن الصادرات المصرية بحريا يزيد من فترة الشحن من أسبوع إلي شهر بجانب زيادة تكلفة الشحن مما يخفض من تنافسية صادراتنا. وقال إن كثيرا من مصانع المناطق الحرة تنتج منتجات مصرية بنسبة 100% مثل مصانع المنتجات الورقية والتي تبلغ التعريفة الجمركية عليها صفرا وبالتالي فلا توجد أي شبهة في استفادتها من التهريب وهو السبب وراء إصدار قرار منع التصدير بريا بالنسبة لشحنات الترانزيت، مطالبا بإلغاء منشور الجمارك والسماح مرة أخري بتصدير منتجات المناطق الحرة بريا إلي ليبيا أسوة بمنتجات الأغذية وسيارات الركوب التي تم استثنائها من الخضوع لهذا القرار. من ناحيته، أثار هشام جزر عضو جمعية "الصناع المصريون" مشكلة رفع أسعار الطاقة وغموض موقف سعر صرف الجنيه وهل ستقدم الحكومة علي تعويم الجنيه أم لا، كذلك مشكلة العمالة والاضرابات العمالية المتكررة علي خلفية مطالب برفع الأجور مشيرا إلي أن أجور العاملين بالقطاع الصناعي ارتفعت بنحو 80% علي الاقل خلال العامين الماضيين وهو أقصي ما يمكن أن يتحمله القطاع الصناعي من زيادات في الأجور، محذرا من احتمالات الدخول في موجة كبيرة من الاضرابات العمالية خلال يناير المقبل حيث يأمل العمال زيادة كبيرة في رواتبهم لا يستطيع رجال الصناعة تلبيتها في الوقت الراهن خاصة مع الزيادات المتتالية في التكاليف الثابتة من أسعار طاقة وكهرباء ومياه وارتفاع للمواد الخام بجانب زيادات الأجور. وطالب جزر بتدخل مجلس الشوري والحكومة والدعوة لإعداد قانون جديد ينظم العلاقة بين أصحاب الأعمال والعاملين لديهم بما يحافظ علي حقوق الطرفين ويضع آلية واضحة لحل أي خلاف ينشأ بينهما. وتعليقا علي ما أثاره جزر أكد رئيس لجنة الصناعة أن إصدار أي قانون جديد في الوقت الحالي أمر متعزر في غيبة مجلس الشعب مشيرا إلي أن موقف الرئيس واضح تماما في ملف سلطته التشريعية حيث يرفض إصدار قوانين جديدة رغم أن هناك قوانين تحتاجها مصر بشدة الآن مثل قانون الثروة المعدنية الجديدة الذي يحقق لمصر مليارات الجنيهات ايرادات جديدة هي في أمس الحاجة إليها. وقال إن الفترة المقبلة لن تشهد إصدار أي قرار جذري من الحكومة يغير من طبيعة الاقتصاد المصري سواء في ملف الدعم أو تحرير سعر الصرف أو إصدار قوانين جديدة فكل الملفات المهمة مؤجلة لما بعد الانتخابات التشريعية القادمة.