يبدو ان التوترت السياسية التي تلوح بوادرها في الأفق مع أحكام الدستورية التي قضت ببطلان قانون العزل السياسي وحل البرلمان سيطيل من الاضطرابات السياسية التي تبعد الجميع عن نقاط الاتزان التي يبحث عن الاقتصاد المترنح بضرباتها في الداخل والحروب الاقتصادية والأزمات المالية في الخارج لتدخل الجنيه المصري إلي نفق مظلم والذي يعاني من سياسات نقدية ترقيعية قضت باستمرار دعمه بحجة المحافظة عليه قويا، ولكن وعلي ما يبدو أنها جاءت فقط في سبيل التشجيع علي سد فوهة الدين المحلي وعجز الموازنة الأمر الذي قد يدخله في دائرة مفرغة باعتباره رمانة الميزان للاقتصاد المصري فالتضخم الذي فشلت السياسة النقدية في السيطرة عليه منذ ان أعلنت أنه توجهها الأساسي في عام 2004/2005 إضافة إلي عدم إتزان المعاملات الخارجية مع ارتفاع فاتورة الاستيراد والتي يطالب الخبراء بخفضها لتجنب مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية علي العملة المحلية إلا أن كثير من البنوك لاتزال غير مكترثة بهذه النداءات وجعلت قبلتها تحقيق الأرباح الناجمة عن فتح الاعتمادات المستندية وهو ما يشكل تعارضا مع مصلحة الاقتصاد المصري فما أشبه الليلة بالبارحة ايضا عندما غيرت البنوك قبلتها وولت وجهها للاستثمار غير المحدود في أذون الخزانة والسندات. تراجع التضخم كان البنك المركزي قد أرجع الاسبوع الماضي تراجع معدل التضخم العام خلال مايو الماضي ب 24% مقارنة بارتفاع قدره 0.98% خلال إبريل إلي انخفاض أسعار سلع غذائية بعينها مثل الدواجن، والأسماك، والأرز اضافة إلي تراجع أسعار اسطوانات البوتاجاز واحتفاظه بمعدل طفيف في الارتفاع بسبب الزيادة بأسعار الخضراوات والفاكهة كما انخفض التضخم الأساسي خلال شهر مايو إلي 0.52% مقابل 0.56% خلال إبريل لينخفض المعدل السنوي له إلي 7.22% في مايو مقابل 8.36% في إبريل. وأظهر أحدث تقرير صادر عن المركزي ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة الطازجة للشهر الرابع علي التوالي بنسبة 1.7% و5.39% في حين انخفضت أسعار الدواجن خلال شهر مايو بنسبة 5.06% بعد أن ارتفعت بنسبة 3.56% في ابريل. كما انخفضت أسعار الأسماك خلال شهر مايو بمقدار 3.61% بعد ان سجلت أكبر زيادة شهرية في إبريل منذ فبراير 2004 وانخفضت أسعار البيض بنسبة 2.79% وأسعار المواد الغذائية المصنعة بما في ذلك الخضراوات المصنعة والأرز انخفض بمقدار 4.94% بعد ان شهدت ثباتا خلال ابريل. وسجلت أسعار السلع المحددة إداريا انخفاضا خلال مايو بنسبة 0.11 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام نتيجة انخفاض أسعار اسطوانات البوتاجاز في مايو بنسبة 17.62% لتبلغ الزيادة التراكمية في أسعار اسطوانات غاز البوتاجاز 110.4% منذ يناير 2011. ترنح قيمته من جانبه يؤكد د. حمدي عبدالعظيم رئيس اكاديمية السادات سابقا ان التوترات السياسية الأخيرة بعد الحكم علي مبارك ثم حكم الدستورية من العوامل الداخلية التي ستزيد من الضربات الموجهة للجنيه المصري والذي فقد جزءا كبيرا من قيمته حتي الآن منذ بداية ثورة 25 يناير. أضاف ان المؤشرات الاقتصادية توضح ان الجنيه المصري فقد قيمته ويلحظ ذلك رجل الشارع العادي الذي يري ان السلع الغذائية ارتفعت قيمتها وحتي في حالة استقرار الوضع السياسي سيستغرق الأمر فترة طويلة لعودة الأمور لمجاريها بجانب حزمة من السياسات أهمها وضع البنك المركزي تحكما علي انفلات أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه، فضلا عن عمل وزير المالية لضبط الإنفاق الحكومي. قال عبد العظيم ان الحرب الدائرة تمثل ضغطا آخر علي الجنيه المصري حيث سيكون لها تأثيرها علي كل اقتصادات العالم، مثلما حدث في الأزمة المالية العالمية. فاذا كان يقال ان أمريكا عندما تصاب بالبرد يتعرض العالم كله للزكام، فما بالنا بحالة عدم استقرار نقدي متعمد مع سبق الاصرار يصيب عملات الاقتصادات الكبيرة في العالم.