موازنة جديدة تساوي أعباء جديدة.. هذه هي المعادلة الأصح إذا ما قمنا بعمل سرد لأهم الملاحظات علي ما جاء بمشروع الموازنة والتي يتضح من خلالها توقع الحكومة تحصيل ضريبة تصل إلي 70% من إيرادات الموازنة التي تم الإعلان عنها بأنها ستصل إلي 394 مليار جنيه الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام في ظل استمرار الحالة الأمنية والسياسية المضطربة والتي أدت إلي تدهور الإنتاج المحلي وتراجع التصدير وإيرادات السياحة وأيضا جميع الشركات التي يقوم عملها كصناعات مغذية للمنشآت السياحية ومستلزماتها. الخبراء من جانبهم اختلفوا حول تقدير الأرقام التي تم إعلانها من جانب مسئولي الدولة حيث رأي بعضهم أنها لا تستند إلي أسس واقعية وبالتالي لا يعتد بها حيث إن جانبا كبيرا من الضرائب مبني علي وجود تقديرات جزافية من مصلحة الضرائب سيؤدي حسمها أمام لجان الطعن أو القضاء بعد إجراء الفحص الفعلي العادل لها إلي انخفاض حاد في قيمتها، كما أن الاعتماد بشكل كبير علي تقديرات الضرائب يعد من الأمور الحرجة التي تحتاج إلي إدارة واعية وماهرة في الظروف المستقرة فما بالنا والأوضاع الاقتصادية والأمنية ما زالت تحت رحمة التقلبات السياسية والأمنية غير المستقرة . في حين أكد فريق آخر علي واقعية الأرقام بعد أن وصفوها بالخادعة مشيرين إلي أنها دليل علي السياسة الاقتصادية الخاطئة والتي اتبعتها الحكومة علي مدار ال 20 عاما الماضية حيث إن الاعتماد علي الضرائب كمورد رئيسي للموازنة أمر بالغ الخطورة، مطالبين بالبحث عن بدائل تتمثل في موارد سيادية لسد عجز الموازنة ومنها تعديل أسعار الغاز الذي يتم تصديره للأردن وتركيا وأيضا العمل علي تحويل قناة السويس من مجرد مجري ملاحي إلي منطقة خدمات متكاملة الأمر الذي يعني زيادة حصيلة الموازنة بما لا يقل عن 200 مليار جنيه سنويا . بداية يوضح د. أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي أن الوضع القائم ليس بجديد فالاقتصاد المصري دائما ما يعتمد اعتمادا كليا في النقد الأجنبي علي المصادر الخارجية وفي النقد المحلي علي الضرائب ولهذا فهو بطبيعته ليس اقتصادا إنتاجيا لكنه اقتصاد يقوم علي المضاربات وهو ما يعرف بالاقتصاد الهش ولذلك لم يصمد عدة أشهر حتي بدأ في الانهيار وانخفض تصنيفه الائتماني خمس درجات متتالية ونظرا لأن الاقتصاد غير إنتاجي فهو يعتمد دائما علي التحويلات الممثلة في متحصلات الضريبة والتي تنتقد بشكل صارخ لأسباب عديدة منها أن معظم هذه الضرائب تأتي مما يعرف بالضرائب علي كبار الممولين والتي تمثل ما يعادل 42% من الإيراد الكلي وهذه النسبة يمثل 60% منها أخري إيرادات ناتجة من البنك المركزي والهيئات العامة والقطاع الحكومي وقناة السويس وبالتالي فإنها أرقام غير حقيقية لأنها تمثل إيرادات حكومية داخلة أصلا ضمن إيرادات الموازنة العامة وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها لأنها من والي الدولة، مضيفا وفيما يخص الجزء الآخر والمتعلق بباقي كبار الممولين فالدولة تعتمد ليس علي حصيلة سنة الموازنة لكنها تعتمد علي سنوات سابقة أو لاحقه عليها، منوها إلي أنه فيما يتعلق بالسنوات السابقة فما زال هناك ما يقرب من 50 مليار جنيه متأخرات ضريبية لم تحصل بعد حيث إن قانون حوافز الأداء الذي صدر بالمرسوم العسكري رقم 11 لسنة 2012 لم يفلح إلا في تحصيل نحو 10% منها وقد تزيد قليلا لأن المدة تنتهي في 2012/6/30، أما ما يتعلق بالسنوات اللاحقة فالمعروف أن نظام الضرائب علي الدخل المصري يعتمد علي ما يعرف بنظام الدفعات المقدمة والتي تؤدي إلي سداد الممولين مقدما تحت حساب ضريبة عام 2012 نحو 60% منها وبالتالي فهو يؤدي إلي أن موازنة هذا العام ستجور علي موازنة العام القادم .