وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    «شعبة الأسماك»: 50% ارتفاعًا بسعر الفسيخ عن العام الماضي.. والإقبال أقل من المتوقع    محافظ قنا يتفقد مزرعة الخراف لطرحها للبيع قبل عيد الأضحى    أبرز مستجدات إنشاء وتطوير الموانئ لتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية    افتتاح دار واحة الرحمة في العاصمة الإدارية (صور)    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    رقم خرافي.. عرض قطري ضخم ل"علي معلول" يقربه من الرحيل عن الأهلي    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    زياد السيسي يحقق ذهبية تاريخية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    مع شم النسيم.. ضبط محل بحيازته سجائر أجنبية غير مصرح ببيعها بالإسكندرية    10 تعليمات من تعليم القاهرة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي قبل الامتحانات    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    تعرف على إيرادات فيلم السرب ل أحمد السقا في خامس أيام عرضه    كيف دعم تركي آل الشيخ صديقه محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان؟    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    وزير الشباب يشهد "المعسكر المجمع" لأبناء المحافظات الحدودية بمطروح    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    رئيس لجنة الدينية بمجلس النواب: طلب المدد من ال البيت أمر شرعي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موازنة الثورة تدعم أصحاب المرسيدس ولا تحابى راكبى الميكروباص
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 06 - 2011

جاءوا من مواقع متباعدة. لا تجمعهم مهنة واحدة، ولا يؤلف بينهم حزب، ولا يضمهم تيار سياسى واحد. ومن أعمار متباينة. ولكن ما إن بدأوا الحديث عن موازنة الدولة، التى أقرها مجلس الوزراء مدشنا بذلك أول موازنة فى ظل الثورة، حتى بدا جليا ما يجمعهم ويضمهم، بل ويؤلف بينهم.
فى ندوة عقدتها «الشروق» أجمع عدد من ممثلى قطاع الأعمال، والأحزاب، والمجتمع المدنى، ومجموعات الشباب أن موازنة 2011/2012 أعدت بعقلية يوم 10 فبراير قبل أن يتم خلع مبارك. ولا تتناسب مع أفكار ما بعد يوم 11 فبراير، يوم رحل الرئيس السابق. وبين اليومين يكمن السر.
فالكل قال إن الموازنة جاءت أقل من طموحات الناس، وأكدوا أن غياب مجلس الشعب حال دون مناقشة الموازنة من جانب الرأى العام. والبعض رأى أن الحكومة تسرعت فى استجابتها لضغوط رجال الأعمال لإلغاء الضرائب على أرباح البورصة. وآخر فضل لو كانت الحكومة قد تركت للأجيال المقبلة حق الاختيار إذا ما أرادوا فى المستقبل أن يسلكوا مبدأ الأستقلال الوطنى بعيدا عن مشروطية صندوق النقد الدولى. مائدة «الشروق» ضمت هانى توفيق رئيس شركة الاستثمار المباشر، وهانى الحسينى عضو الأمانة العامة لحزب التجمع، وحلمى الراوى مدير مرصد الموازنة العامة لحقوق الإنسان، وخالد عبدالشهيد أحد أعضاء اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة، ونورا حلمى عضو الحزب الديمقراطى الاجتماعى. وكان السؤال هل الموازنة ستحقق العدالة الاجتماعية كما جاء أول سطر فيها?.
إذا كنت من حاملى البطاقة التموينية فأنت معنى بهذه الموازنة الجديدة، لأنها اقتطعت قدرا لابأس به من دعم السلع التموينية لهذا العام.
وإذا كنت حاملا للبطاقة وتعمل مدرسا أو طبيبا أو عاملا فأنت حتما تحتل حيزا كبيرا من اهتمام هذه الموازنة، حيث تقرر لك أن يكون الحد الأدنى لأجرك 700 جنيه. وإن كنت موظفا تتقاضى أجرا شهريا فأنت مشارك أصيل فى هذه الموازنة، حيث مقدر لك أنت وغيرك تقديم 15 مليار جنيه كضرائب فى العام المقبل من قوت يومكم من التوظف. ولو كنت رجل أعمال فأنت أيضا صاحب مصلحة أصيلة فى هذه الموازنة، حيث أنت وزملائك من البيزنس سوف تدفعون 8 مليارات جنيه ضريبة أرباح نشاط تجارى وصناعى. ويحصل البعض منكم هذا العام على دعم لصادراته 2.5 مليار جنيه. وهو ذات المبلغ الذى كان يتعين على بعض البيزنيس أن يدفعوه كضريبة على جانب من أرباح البورصة قبل أن تلغيها الحكومة. وحتى لو كنت أحد مدمنى التدخين ولا تقوى على الإقلاع فعليك أن تجهز نفسك أنت وكل رفاقك المدخنين لأنكم ستدفعون مع نهاية الموازنة 1.2 مليار جنيه ضريبة على السجاير. ولو كنت مزارعا أو حلاقا أو مكوجيا أو سفرجيا فحتما سوف تجد لك بندا داخل الموازنة يمس قو ت يومك.
فالكل لابد أن تطاله الموازنة من قريب أو بعيد. لذلك نقرأها سويا مع بعض من تمسهم الموازنة.
لحظة ثورة
خالد عبدالشهيد: فى البداية لابد أن نعترف أننا فى لحظة ثورة بما يعنى أن الأولوية يجب أن تكون للعدالة الاجتماعية. لذلك فعندما تحدد الموازنة 700 جنيه كحد أدنى للأجور فيجب أن نعترف أن هذا لا يرقى إلى طموحات الناس. ولذلك يجب أن نعطى الموازنة التوصيف الصحيح لها باعتبارها موازنة للإصلاح وليست موازنة للثورة. فلو كانت الناس استجابت لخطاب مبارك وأعطته الفرصة للاستمرار فى الحكم، لكان قد وضع كل ما جاء فى هذه الموازنة. لأنه أقل ما كان يجب عمله لامتصاص غضب الناس. فهذه الموازنة تصلح موازنة ل10 فبراير وليس لما بعد 11 فبراير.
والحقيقة أن مشروع الموازنه يأتى ليؤكد استمرار الحكومة الحالية فى تجميل السياسات الاقتصادية للنظام السابق، والتى كانت سببا رئيسيا للثورة. ودفعت بالملايين للشارع مطالبين بالعدالة الاجتماعية. بعد أن وصل التفاوت الطبقى فى الفترة الماضية حدا زاد معه الأغنياء غنى والفقراء فقرا.
فالحكومة التزمت بنفس بنود وسياسات موازنات الأعوام السابقة دون اللجوء للحلول الجذرية مثل دخول الدولة كمستورد أساسى للسلع الأساسية (السكر والزيت...) لكسر دائرة الاحتكار الجهنمية لعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من المحتكرين وكلهم من رجال مبارك. بل تم تخفيض الدعم على السلع التموينية من 23.6 مليار جنيه فى موازنة 2010/2011 إلى 18.9 هذا العام.
وبدلا من البدء فى مشروع التأمين الصحى الشامل للمواطنين والاستجابة لمطالب الأطباء بزيادة نسبة الإنفاق على الصحه إلى 10% من الإتفاق العام أسوة بدول عربية مثل تونس والأردن تم خفض النسبة إلى 4.7%.
وتبتلع مصروفات الأجهزه والوزارات السيادية كالعادة جزء كبيرا غير معلن عن تفاصيله فى الموازنة (الدفاع الداخلية رئاسة الجمهورية) دون وجود أى إشارة لخفض الإنفاق الحكومى أو سياسات تقشف لحكومة الثورة.
وبالرغم من تأكيد الموازنة فى مقدمتها على مراعاة الجانب الاجتماعى فإن الأرقام تؤكد عكس ذلك، فالحد الأدنى للأجور 700 جنيه بدلا من 1200 التى أجمعت عليها مطالب معظم التجمعات المختلفة. والضرائب التصاعدية لم تزد على 5% إضافية على الأرباح ما فوق 10 ملايين جنيه.
الضرائب ليست بدعة
هانى توفيق: لا أختلف على حق الدولة فى فرض ضرائب على المتعاملين فى البورصة مثل ما يحدث فى معظم دول العالم. ولكن أتحفظ فى ذلك فى أمرين، الأول هو أن الحكومة الحالية هى حكومة تسيير أعمال، وبالتالى ليس من من بين مهامها إحداث تغييرات هيكلية فى النظام الضريبى. الذى يستوجب أن تقوم به حكومة منتخبة ذات شعبية.
وبالتالى تكون قرارتها موضع موافقة من الجميع. الأمر الآخر أن التوقيت لم يكن مناسبا فى فرض ضرائب على البورصة، خاصة أننا فى وقت نعانى فيه من حالة ركود وانكماش. فكان الأمر يستدعى التريث فى اتخاذ أى قرارات يكون من شأنها تقليل الاستثمار المحلى أو الأجنبى. ولكن لابد أن نعترف أيضا أن الإلغاء لهذه الضرائب كان الخطأ الآخر، لأنه يعطى إشارة للسوق بأن الأوضاع غير مستقرة وهذا أكثر ما يزعج المستثمرون.
ولكن هذا لا ينفى أن الضرائب على التعاملات فى البورصة ليست بدعة، ففى كل دول العالم يتم فرض ضرائب على الأرباح التى تتحقق نتيجة للتداول فى البورصة، وعلى التوزيعات أيضا. ولكن يتم استثناء الأجانب من دفع ضريبة الأرباح الرأسمالية لأنه يدفع ضرائب فى بلده الأصلى حتى لا يحدث إزدواج ضريبى. أما التوزيعات فيلتزم بدفعها كل من المستثمر المحلى والأجنبى. بل وهناك بعض الدول التى تلزم المستثمر بدفع ضرائب حتى على أذون الخزانة مثل البرازيل.
وقال إنه كان من الممكن أن نفرض ضريبة تؤخذ من المنبع عن كل عملية بيع وشراء فى البورصة. وهناك دول يصل فيها الأمر إلى دفع ضرائب على ودائع البنوك.
وفى كل الأحوال ليس من المتعارف عليه أن يؤخذ رأى قطاع الأعمال قبل فرض أى ضريبة كما يطالب به بعض رجال الأعمال. فهل يمكن أن يوافق تاجر سيارات مثلا على دفع ضرائب جديدة إذا ما قررت الدولة ذلك؟ لا أحد يوافق أبدا على دفع أى أعباء إضافية. الحقيقة أنه لا يتعين مطلقا سؤال دافع الضريبة هل توافق على ان تدفع ضرائب زيادة؟.
ولابد أن نعرف أن الخبراء فى مجال الأوراق المالية يتحملون المسئولية عن التراجع فى البورصة من كثرة التخوفات التى طرحوها. مما أثار الرعب فى قلوب المتعاملين، ودفعهم لبيع ما لديهم من أوراق، وهو ما أدى إلى انخفاض البورصة. ولكن يجب ألا ننسى أن الخسائر التى يذكرها البعض لا يعنى أنها خسارة حقيقية، فهى خسارة على الورق إلى أن يتم البيع الفعلى.
التمسح فى الطبقة المتوسطة
هانى الحسينى: الموازنة لم تحابى الفئات الضعيفة والمهمشة وكانت أكثر محاباة للفئات المقتدرة. فكان خطأ كبيرا الاستجابة للضغوط وإلعاء الضريبة على التوزيعات فى البورصة. كما أنه كان من الممكن أن نتعامل مع الضريبة التصاعدية بشكل أكثر عدالة. لو تم التمييز بين القطاعات المختلفة فيمكن أن نميز مثلا بين الصناعات التحويلية وبين قطاع الاتصالات والذى يحقق أرباحا أكثر من غيره من القطاعات.
بينما نخفض النسبة فيما يخص قطاع الغزل والنسيج، والذى يعانى من مشاكل عديدة.
ولابد أن نعرف أن تجميد الضريبة العقارية كان استجابة لمجموعات المصالح، التى مارست ضغوطا كبيرة على صانعى القرار من أجل إلغاء هذه الضريبة. كما أنهم حاولوا التمسح فى الطبقة المتوسطة، وكأنهم من يحمون هذه الطبقة ويخشون على مصالحها. بينما هم فى حقيقة الأمر كانوا يخشون على مصالحهم هم أنفسهم. والحقيقة أن ميزة هذه الضريبة أنها الأولى التى امتدت لكى تخضع أصحاب الأملاك فى الساحل الشمالى، والمجتمعات الجديدة، والمنتجعات إلى الضريبة، وبذلك فهى ضريبة عادلة. بعكس ضريبة العوايد التى عادوا إليها مرة أخرى فهى لم تكن تفرض على أصحاب الأملاك والأراضى فى هده المواقع.
فما العيب أن يدفع صاحب قصر قيمته 15 مليون جنيه ضريبة قدرها 7000 جنيه فى الشهر. فهذا منتهى العدل. ولكن هذه الضريبة كانت تحتاج إلى إدخال بعض التعديلات من أهمها احتساب الضريبة على مجمل ما يمتلكه الممو ل، وليس على كل عقار على حدة، حتى لا يتهرب صاحب عقار به عدد كبير من الشقق.
تقل قيمة كل وحدة منها عن 500 ألف جنيه، بينما يدفع الضريبة كل من يمتلك شقة واحدة وتزيد قيمتها على 500 ألف جنيه.
وهل يعقل أن من حصلوا على أراضى الدولة منذ التسعينيات ولا يزالون يحتفظون بها حتى الآن، وحققوا من وراء ذلك المليارات من المكاسب لا يخضعون لأى ضريبة على الإطلاق ؟ فلماذا لا يتم فرض ضريبة على إعادة تقييم الأراضى؟.
وهناك نص فى المادة 131فى قانون 157 لعام 1981، وقد تم إلغاؤه، يقضى بأنه على كل ممول أن يقدم إقرار ثروته كل 5 سنوات. وهذا النص كان يتيح لمصلحة الضرائب عقد مقارنات بين إقرارات الثروة كل 5 سنوات، وبين إقرارات الذمة المالية التى يقدمها نفس الممول كل عام، وكانت هذه المادة فى القانون تستخدم فى حالات التهرب الضريبى.
ولماذا لا نفرض ضريبة ساخنة مثل التى تم فرضها فى عام 1949 على أغنياء الحرب. وكانت استثنائية فى تلك الفترة، ولكنها تثبت أن التشريع الضريبى فى مصر ظل دائما محملا بجانب اجتماعى. فيما عدا القانون الأخير الذى وضعه يوسف بطرس غالى وزير المالية السابق.
والغريب أن الدولة ألغت الإعفاءات الضريبية، التى ظلت لسنوات طويلة منذ الانفتاح الاقتصادى تسمح بها للمشروعات الخاصة بكبار رجال الأعمال المشهورين. وتم إلغاؤها الأن بعد أن شبعوا إعفاءات. بينما يشهد الوقت الحالى اتجاه عدد كبير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة للعمل فى المدن الجديدة ولا يتمتعون بذات الإعفاء. مع أنهم الأكثر استحقاقا، لأنهم بالفعل يحتاجون إلى تشجيع.
أمسكت العصا من منتصفها
حلمى الراوى: أرى أن المشكلة الأساسية مع الموازنة هى توزيع ثمار الناتج القومى بشكل غير عادل على الجميع. فقد عمدت الحكومة فى الموازنة على الحفاظ على الامتيازات التى حصل عليها بعض أصحاب المصالح. وقد فضلت الحكومة أن تمسك العصا من منتصفها. فقد حاولت أن تعقد توازنا بين الفئات المهمشة والطبقات المقتدرة.
فهى فى جانب ألغت الضريبة العقارية التى كانت يمكن أن تدخل للدولة موردا لا يقل عن 3 مليارات جنيه أو يزيد بسبب ضغوط من أصحاب المصالح. وأقرت الحد الأدنى للأجور الدى يزيد عما وضعته الحكومة السابقة. ولكنه يبقى لا يلبى طموحات كل الذين ثاروا على النظام القديم. ويبدو أن هذا ما جعلها تعتمد نفس المنهج عند إعداد الموازنة الذى كان النظام السابق يعتمده دون قطع مع هذا النظام. فمازالت الموازنة هى موازنة بنود وليست موازنة برامج أو أداء.
بينما موازنة البرامج تضمن التنفيذ الفعلى وليس فقط صرف الأموال من الموازنة.
نورا حلمى: بالرغم من أن الموازنة هدفت إلى تحقيق العدالة الاجتماعية فإنها كانت أميل إلى دعم المقتدرين بدرجة أكثر من متوسطى الحال. والدليل بينما الدولة خصصت فى الموازنة دعما للبنزين، والذى يستهلك نسبة كبيرة منه فئات راكبى السيارات المرسيدس.
وقدمت دعما آخر لأصحاب المصانع الكبيرة بخلت على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. فلم تفرد الموازنة أى تفاصيل عن دعم هذه المشروعات سوى النص على تشجيع هذه الصناعات.
ولا أتفق مع تخفيض قيمة الدعم الموجه لصندوق الصادرات لأن هذا التخفيض سيضر بالتنمية، ويقلل من الحوافز التى يجب أن نحافظ بها على الاستثمار.
وياليتها منتخبة
كيف ترون عودة مصر مرة أخرى مع الموازنة الجديدة للاستدانة والاقتراض من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين بما يحملانه من تخوفات من عودة نفس السياسات لنظام الحكم السابق؟
هانى توفيق: هناك مصادر كثيرة وخيارات عديدة كانت أمام الحكومة بدلا من البدء فى توريطنا مرة أخرى فى فخ القروض، والاندفاع نحو الاعتماد على الخارج، سواء من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد، أو البنك الدولى أو بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة والخليجية. وأول هذه المصادر التى كان من الممكن الاعتماد عليها فى توفير موارد إضافية للموازنة هى الصناديق الخاصة. والتى تتيح التصرف فى المليارات بعيدا عن الموازنة. ويبلغ اقل تقدير لها 36 مليار جنيه. وكان من الأولى أن يتم إدخال هذه المليارات فى حوزة الموازنة حتى تتم مراقبتها والاستفادة منها أقصى استفادة ممكنة. بدلا من إهدار جانب كبير منها على مكافآت وحوافز، على نفر قليل من كبار المسئولين فى الوزارات والهيئات والجهات الحكومية. وهناك وفورات أخرى يمكن للدولة أن تحققها إذا ما أوقفت حنفية دعم الطاقة الموجه للمصانع التى تحصل على أسعار مدعمة، بينما تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية. وكذلك يمكن أن يتم تحصيل ضرائب من شركات الأسمنت وغيرها من الشركات الملوثة للبيئة. وكذلك كان يتعين على الحكومة الإسراع بتطبيق الضريبة العقارية على أصحاب القصور والفيللات التى تصل قيمتها بالملايين بشرط رفع حد الاعفاء الحالى بدلا من تجميد الضريبة أو إلغائها، كما يبدو من تصريحات المسئولين، وأن يتم تحصيلها على المسكن الثانى غير الذى يقيم فيه الممول.
والحقيقة أننا لم نشهد فى الموازنة أى رسائل تدل على تراجع الحكومة عن البذخ أو حتى اتخاذ أى إجراءات تقشفية فى موازنات رئاسة الجمهورية، ولا الأمن، أو الدفاع. كما لا يبدو أن هناك ترشيدا لميزانيات المكاتب السياحية أو السفارات فى الخارج.
وقال هل يعقل أن يكون لتر البنزين فى لندن بما يعادل 15 جنيها، بينما نحن فى مصر مازلنا ندعم سيارات الأغنياء بسعر بنزين أرخص من سعر زجاجة المياه. مفيش رأسمالية فى العالم طايحة مثلما يحدث فى مصر. ولا أعرف لماذا لا تقوم (هيئة السلع التموينية) باستيراد السلع الأساسية من الخارج بدلا من الاستيراد عبر وسطاء من القطاع الخاص. وهو ما يزيد من تكلفة الواردات التى ترفع من قيمة الدعم للسلع التموينية. وهناك أيضا قرار لابد أن يتم دراسته وهو إعادة النظر فى عقود التصدير الغاز لكل الدول بما فيها إسرائيل لأن من يحتاجه البيت يحرم على الجامع.
خالد عبدالشهيد: لا أعرف كيف نعود بعد الثورة مرة أخرى للاقتراض من صندوق النقد الدولى والوقوع فى فخ المشروطية ثانية. وأن تقدم بعض التعهدات لأى طرف أجنبى تلزم به الأجيال المقبلة. فربما تأتى أنظمة للحكم تتبنى سياسات استقلال وطنى وترفض أى تبعية للخارج. وعندها لن تقبل بأى شروط من أى جهة غير شعبها. فلماذا نصادر حق الأجيال المقبلة فى وضع سياساتها. وياليت الحكومة التى تضع هذه القيود على أبناء الوطن القادم كانت منتخبة ولكنها تفعل كل هذا وهى مجرد حكومة تسيير أعمال. وكان من الأجدى لها أن تلتزم بحدود هذا الدور.
نورا حلمى: لماذا لا يعلن للناس الشروط التى يفرضها علينا صندوق النقد قبل الموافقة على الحصول على 3 مليارات جنيه. فمن حق الناس بعد الثورة أن تستشار فى الإجراءات التى تؤثر على مستقبلها وهى التى تقرر ما إذا كانت توافق على هذه الشروط أو ترفض.
حلمى الراوى: كان لابد فى ظل غياب مجلس شعب منتخب أن تطرح الموازنة على الرأى العام وليس داخل غرف مغلقة للتشاور من أجل تحقيق توافق مجتمعى حول توجهاتها، بحيث نضمن مشاركة شعبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.