سوق المال هو الشق الثاني من القطاع المالي والذي تلقي ضربات من الداخل والخارج بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية مما جعلته يسير علي عكازين منذ الأزمة المالية العالمية ثم تحول إلي شلل رباعي بعد الثورة ومازال ينتظر رياح التفاؤل بين الفنية والأخري لكن في كل الأحوال فإن الاستقرار لا يحدد الآن تواجه خطورة تراجع السيولة وثقة المستثمرين وحركة الأموال الساخنة التي تداعب أحلام الحكومة في علاج ديونها فتغوي البنوك والمستثمرين في السقوط في مستنقعها بالاضافة إلي الحاجة الملحة لأدوات جديدة وضرورة القيام بدور تمويلي إلي جانب البنوك. فتقرير موديز ذاته لم يغفل أن يذكر خطورة الدين المحلي الذي تطفل علي القطاع المالي بشقيه علي البورصة من خلال المستثمر الأجنبي الذي يدخلها في جنح الليل ويهزها في الصباح والبنوك التي تحملت وفقا لتقرير موديز الذي أكد أن قيمة الديون الحكومية التي تحملها المصارف ارتفعت إلي 550% من حقوق المساهمين خلال عام 2011 من نسبة 430% في ديسمبر من عام 2010 ما يعمق العلاقة بين الواقع الائتماني للنظام المصرفي والواقع الائتماني السيادي للبلاد ويعني انكشاف المصارف علي الديون السيادي. أكد المحلل المالي محمود المصري أنه يجب تغيير فكر أسواق المال في جذب الاستثمارات إذ ليس من المعقول الاعتماد بشكل كبير علي السندات وأذون الخزانة فمن الممكن الاعتماد علي اصدار أدوات مالية جديدة في السوق مثل الصكوك الإسلامية وهي تعد أحد الحلول المثلي لجذب الاستثمارات الأجنبية مرة أخري إلي البورصة مشيرا في ذلك الصدد إلي التجربة التي خاضتها ماليزيا بعد أحداث 11 سبتمبر حيث عملت علي توظيف مثل تلك الأدوات في استقطاع الأموال العربية القادمة من أسواق المال الغربية وهو ما أهل تلك الدولة لتصبح في مقدمة الاقتصادات الناشئة الجاذبة للاستثمار محققة فائضا ماليا وصل إلي 45 مليار دولار ويتابع قائلا إن استثمارات البنوك في الأوراق المالية وأدوات الدين المحلي "أذون وسندات الخزانة" شهدت ارتفاعا مستمرا ومتتاليا نظرا لأن البنوك باتت هي الممول الرئيسي والأساسي لعجز الموازنة بقيامها بشراء الجانب الأكبر من أذون وسندات الخزانة التي تصدرها وزارة المالية. ويشترك معه في الرأي المحلل والخبير الاقتصادي أحمد عبدالعال ويضيف أن تراجع استثمارات البنوك في الأوراق المالية بسبب أزمة الاتحاد الأوروبي وبعد الاستقرار النسبي في مصر قد يدفع إلي الاعتماد بشكل كبير علي الأموال الساخنة باعتبارها مصدرا لتوفير السيولة من جهة ومن جهة أخري مصدرا مكملا للبنوك في تمويل عجز الموازنة معتبرا أن الفترة الأخيرة شهدت تخوفا كبيرا من قبل الدول مع زيادة حركة الأموال الساخنة بغية تحقيق أرباح استثنائية تعوض حالة عدم اليقين المسيطرة علي أسواق العالم إذ أصبحت السيولة الفائضة لدي القطاع الخاص في العالم تبحث عن فرص المضاربة داخل الاقتصاديات الناشئة مشيرا إلي أن التحدي الأكبر هو تأثير هذه الأموال علي أن الأموال الساخنة لها أضرار سيئة لأنها تعمل علي تحقيق مكاسب ضخمة وتحويلها للخارج بحيث يؤدي ذلك إلي تباطؤ معدلات نمو السيولة المحلية وهي ببساطة الودائع الموجودة بالجهاز المصرفي سواء كانت بالعملة المحلية أو الأجنبية. واعتبر أن إعادة ثقة المستثمر يتركز في الاستثمار طويل الأجل وليس في الأموال الساخنة عبر أذون الخزانة والسندات التي يتم التباهي بها اضافة أن هناك عدة سيناريوهات صعبة لعلاج اصدارات أذون الخزانة إلا أن لها آثارا سلبية علي المواطن المصري ويتمثل السيناريو الأول في لجوء الحكومة لزيادة مواردها السيادية من الضرائب وذلك من خلال تعديل قانون الضرائب علي الدخل ورءوس الأموال وإعادة النظر في الاعفاءات الضريبية التي كانت ممنوحة خلال السنوات الماضية واخضاع شرائح جديدة من السلع والخدمات للضريبة علي المبيعات وهذا سيكون لها تأثير سلبي علي الفقراء ومحدودي الدخل. أما السيناريو الثاني فمثل في قيام الحكومة بترشيد الانفاق وإعلان خطة للتقشف وخفض انفاقها العام الموجه نحو الخدمات الاجتماعية حتي تدبر الموارد المتزايدة لدفع فوائد أذون الخزانة وهذا السيناريو يؤدي إلي زيادة تدهور أوضاع الغالبية العظمي من السكان بينما يتمثل السيناريو الثالث في عودة الحكومة مرة أخري مثلما كان يحدث في الماضي إلي زيادة الاصدار من طبع البنكنوت وهذا يؤدي إلي زيادة حجم المعروض النقدي الذي سيشكل ضغطا علي