سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وسط توقعات بأن يصبح متوسط دخل الفرد الألماني هو الأكبر عالميا 2030
الإيكونوميست تطالب الألمان بزيادة استهلاكهم وتحذر من تنامي الكراهية لألمانيا بين جيرانها الأوروبيين؟!
تنتشر المنتجات التي تقدمها شركة بيكهوف أوتوميشان الألمانية لمعدات الاضاءة والتهوية في كل مكان من العالم تقريبا من مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت إلي أشهر مسارح ميلانو إلي اليخوت الفاخرة في عرض البحر إلي صالات الرقص في لاس فيجاس إلي توربينات الرياح التي تنتجها الصين. وهذه الشركة رغم انتشار منتجاتها حول العالم غير معروفة جيدا للناس وهي أيضا مملوكة ملكية عائلية وتقول مجلة الايكونومسيت إن بيكهوف واحدة من آلاف الشركات الألمانية التي تستحق لقب "البطل المجهول" والتي تقدم جزءاً كبيرا من الصادرات الألمانية تمثل شريحة كبيرة من الصناعات التحويلية في ألمانيا. وفي العام الماضي زادت مبيعات بيكهوف 34% لتصبح 465 مليون يورو (608 ملايين دولار) وتأمل أن تقفز إلي ملياري دولار عام 2020 وتصدر بيكهوف أكثر من نصف إنتاجها إلي الخارج وبفضل هذه النوعية من الشركات الصناعية المتوسطة والصغيرة صارت ألمانيا نموذجا استثنائيا بين الدول المتقدمة صحيح أن معدل انكماش النمو في الاقتصاد الألماني خلال ركود 2008 2009 كان أكبر من المعدل الذي ساد في الاقتصادات المتقدمة الأخري ولكن الارتفاع في معدل البطالة الألماني كان أقل من غيره ولم يتجاوز خلال ذروة ارتفاعه 7،9% وإذا كان بعض الرسميين الفرنسيين ينتقدون منهاج ألمانيا الاقتصادي فإن هناك في إسبانيا من يري فيها أشياء تستحق الاعجاب بل وربما الاستنساخ مثل نظام التعليم المزدوج الذي يجمع بين الدرس والتدريب في آن واحد وفي مقدمة هؤلاء وزير التعليم الإسباني أما في بريطانيا فإن جون كويدلاند مدير اتحاد الصناعات البريطاني الذي يتمني أن يكون لدي بريطانيا قاعدة من الشركات الصناعية المتوسطة تشبه تلك الالمانية وحتي في فرنسا وجد المرشح الرئاسي ساركوزي نفسه مدفوعا إلي مداعبة خيال العاطلين عن العمل في بلاده واعدا إياهم بتبني سياسة اقتصادية تشبه الساسية الألمانية التي تركز علي إيجاد الوظائف أولا وثانيا وثالثا. ولكن مجلة "الايكونوميست" تري أن النموذج الألماني القائم علي قاعدة عريضة من الشركات المتوسطة والصغيرة ملئ بالثقوب وتقول إن الشركات الألمانية لديها طموحات عالمية ولكنها لا تزال تعمل بثقافة إقليمية وإن آلمانيا ربما تكون قد عمدت إلي إصلاخ واعادة اتساق وإنتظام عمل هذا النموذج ولكنه ظل بهيكل عظمي قديم وربما إيضا بصورة لا يمكن أن يضاهيها أحد. صحيح أن الاقتصاد الألماني صار أكثر رشاقة وأن العمال الألمان خوفا من تداعيات العولمة قدموا بعض التنازلات التي جعلت سوق العمل أكثر مرونة من حيث مستوي الأجور وعدد ساعات العمل مقابل قدر أكبر من الأمان وقد أدي هذا بالفعل إلي زيادة نصيب الصناعة التحويلية من اجمالي الناتج المحلي الألماني في تسعينات القرن الماضي ولكن ظل معدل النمو منخفضا والبطالة 10% أو أكثر وفي مواجهة ذلك عمد المستشار الاشتراكي جيرهارد شوردر إلي انتزاع مزيد من التنازلات العمالية التي جعلت سوق العمل أكثر مرونة حيث خفض قيمة اعانات البطالة وحرر سوق العمالة المؤقتة. ومنذ صعود ميركل إلي السلطة عام 2005 رفعت سن المعاش من 65 سنة ليصبح 67 سنة وعدلت الدستور لاجبار الحكومة الفيدرالية إلي جانب حكومات الولايات علي خفض عجز الموازنة إلي ما حول اصفر وهي السياسة التي تحاول بقية دول الاتحاد الأوروبي تطبيقها حاليا. وتبع هذا خفض بعض المزايا الاقتصادية التي يتمتع بها المواطن الألماني بعد أن كانت مزايا مقدسة لا تمس. وادي هذا إلي زيادة مقدار عدم المساواة الاقتصادية ولكن مستوي التشغيل زاد هو الأخر وانخفض معدل البطالة وانخفضت أسعار الخدمات ولم يتأثرسلبيا من هذه العملية عمال الصناعات الأساسية والتصديرية فيها بوجه خاص إلا بشكل غير مباشر ولكنه مقدور عليه. وخلاصة القول أن الألمان بعد وحدتهم الثانية قد تقدموا إلي الأمام من الناحية الاقتصادية تماما مثلما حدث أيام وحدتهم الأولي علي يد بسمارك وإن اختلفت الظروف كثيرا بين القرن التاسع عشر ونهايات القرن العشرين وما تلاها حتي الآن.. ولكن النموذج الصناعي الألماني رغم تقدمه وتطوره لايزال يرتكن إلي أسس تقليدية من حيث ثقافته وعلي سبيل المثال فإن هانز بيكهوف رئيس شركة بيكهوف التي تحمل اسمه يعد من الصناعيين التقليديين. فهو يرفض فكرة الاستدانة ولو كانت من أجل الاستثمار والتوسع ويفضل أن يكون تمويل التوسعات من الأرباح وليس القروض. وهذه الرؤية موجودة في كثير من الشركات الألمانية المتوسطة الأخري مثل شركة ميلي القريبة من بيكهوف في ريف ولاية ويستقاليا. وإذا كان تقدم الشركات الألمانية المتوسطة يعتمد علي مهارة عمالها فإن ذلك يرجع إلي مزايا نظام التعليم المزدوج