بعد مرور 20 عاما عادت مصر هذه المرة الي احضان صندوق النقد "مرغمة" ورغم انها لم تطلب أي قروض من الصندوق منذ عام 1993 فإن العلاقة بينهما اقتصرت طوال تلك السنوات علي المشاورات والمساعدات الفنية.. فمصر نفذت منذ الثمانينيات وحتي عام 1998 أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق بقيمة اجمالية 850.1 مليار دولار أمريكي غير أن 20% من المبلغ المتاح فقط هو الذي تم صرفه بالفعل أي حوالي 3.421 مليون دولار أمريكي بأسعار صرف نهاية مايو 2011 وقد انتهي آخر هذه البرامج في عام 1998 وتم سداد المبالغ المستحقة بالكامل. وفي الوقت الذي تلقت فيه حكومة الجنزوري ردودا رسمية من المسئولين بالسعودية وقطر والبحرين بإرجاء الحزم التمويلية لوقت لاحق مبررين ذلك برغبتهم في دعم حكومة مستقرة ومنتخبة أعلن صندوق النقد انه سيبدأ مباحثات الأسبوع الجاري مع مصر بشأن برنامج قرض محتمل بنحو 3 مليارات دولار مدته 18 شهرا وان عودة المباحثات جاءت بناء علي طلب رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري وسيقود المحادثات المبدئية مسعود أحمد مدير الصندوق لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وكان المجلس العسكري قد رفض الاقتراض من الصندوق في نوفمبر الماضي للمرة الثانية في ظل حكومة الدكتور عصام شرف وذلك انتظارا لتشكيل البرلمان الجديد الذي ستكون له سلطة اتخاذ مثل تلك القرارات حفاظا علي حقوق الاجيال القادمة من تحمل الدين العام والاقتراض الخارجي ولكن حالة الاقتصاد المصري التي يرثي لها جعلت الاقتراض ضرورة حتي لو كان بشروط النقد الدولي الخاصة بالاصلاحات الاقتصادية وهو ما دفع المجلس العسكري لبحث اصدار مرسوم بقانون يسمح لحكومة الجنزوري بالاقتراض من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.3 مليار دولار رغم التوقعات بأن الصندوق سيسعي لزيادة قيمة الفائدة علي القرض التي كان متفقا عليها اثناء حكومة شرف وهي 5.1%. والسؤال الآن: هل الحصول علي قرض بقيمة 3 مليارات دولار من الصندوق كاف لتهدئة المخاوف بشأن مشكلات مصر الاقتصادية المتصاعدة؟ خاصة ان مصر في حاجة الي مبلغ اكبر يقدره الخبراء بحوالي 15 مليار دولار للتغلب علي أزمتها الاقتصادية. الخبراء أكدوا ان مصر فقدت بالفعل فرصتها لتأمين العرض الاصلي للصندوق والذي رافقه عدد قليل من الشروط التي تتطلب الاصلاحات وبمعدل فائدة مناسب بحوالي 5.1% وارجعوا ذلك للحالة الاقتصادية التي أصبحت من سيء لأسوأ.. وهو ما أكدته صحيفة الجارديان البريطانية حيث اعتبرت ان عودة مصر الي صندوق النقد تمثل حرجا للحكومة المؤقتة بعد تعاملها "الأخرق" علي حد تعبير الصحيفة مع المفاوضات السابقة للحصول علي قرض مشابه في يونية الماضي. إجراءات التقشف أكدت الجارديان ان التوقعات القائمة للمصريين البسطاء ستتفاقم علي الأرجح بسبب تدابير التقشف الجديدة التي أعلن عنها وزير المالية ممتاز السعيد ومنها تخفيض مكافآت موظف الحكومة بنسبة 10% وتخفيض الانفاق الحكومي بنسبة 3% وإلغاء دعم الطاقة للصناعات الثقيلة. تمهيد الطريق وكانت الحكومة مؤخرا قد بدأت في إجراء بعض المعايير التي تضمن موافقة صندوق النقد الدولي علي اقراض مصر ومنها مراجعة بعض التعريفات الجمركية واضافة ضريبة علي التبغ والسجائر وإلغاء دعم الطاقة علي الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة والتزام المستوي المستهدف من عجز الموازنة وهو 6.8% من الناتج الاجمالي اي حوالي 134