في الوقت الذي تعيش فيه مصر مراحل فاصلة من تاريخ تضارب القرارات الاقتصادية لاسيما قضية الاقتراض الداخلي والخارجي علي حد السواء اللذين أخذا في الرقص علي السلالم المتحركة خلال السنوات الاخيرة مدعومة بتضارب القرارات من قبل حكومة شرف ومن قبلها نظيف فيما أشبه الليلة بالبارحة عندما كانت حكومة نظيف تدافع عن معدلات الدين المحلي وأنها مازالت في الحدود الآمنة رغم أنها تضاعفت في عهد هذه الحكومة وها هي حكومة تسيير الأعمال تنفي خطورة الدين المحلي وتقول انه آمن ولا يتجاوز تريليون جنيه! وقد قررت الاقتراض من البنوك وتوجيه سيولة البنوك لها وقد اعترف حازم الببلاوي وزير المالية في جلسته التي افتتح بها تداولات البورصة أملا في انعاشها بعد أن أرهقتها المضاربات والأموال الساخنة والسندات لكن يبدو أن الضغوط والانتقادات التي واجهتها الحكومة في السابق جعلها تتراجع وتخفف الضغط عن كاهل القطاع المصرفي في ظل التداخل المخيف بين السياستين المالية والنقدية وبقاء الأخيرة دوما في خدمة الأولي رغم إدعائها الاستقلال التام! وجعل الحكومة تلمح إلي الاتجاه إلي الاقتراض الخارجي ورغم أن تصريحات المالية والمجلس العسكري في السابق ورفضهم مبدأ الاقتراض كان وفقا للكثير هو نوع من احداث الانتشاء السياسي للجمهور بدعوي عدم وجود تبعية للغرب - بحسب وصفهم - فإن الواقع يؤكد استمرار السياسات المنتهجة من ذي قبل فقد انتظر الجميع أن يمتطي الوزراء صهوة جوادهم لمواجهة مخاطر الاقتراض الداخلي والخارجي وزيادة عجز الموازنة إلا أن الأوضاع تنذر بالأسوأ. ووفقا للخبراء فإن المشكلة لا تقتصر علي ادارة الدين العام والخارجي لكن بمنابع هذه الديون فقد كشفت دراسة حديثة أعدها مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة عن العديد من الموارد التي يمكن من خلالها تغطية عجز موازنة الدولة دون الحاجة إلي الإقتراض الخارجي أو الداخلي، بداية من ترشيد دعم الطاقة ويقصد به دعم المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة وهي مصانع الأسمنت والحديد والأسمدة والألومنيوم حيث تبلغ قيمة دعم الطاقة بالكامل في مصر نحو 68 مليار جنيه مصري، منها حوالي 50 مليار جنيه، لدعم المصانع الأربعة اضافة إلي أن ما يمتلكون هذه المصانع لا يتجاوزن 10 أفراد، في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بدعم هذه المصانع بما يتجاوز ال 50 مليار جنيه سنويا حتي تصل السلعة بالأسعار الاجتماعية للمواطن المصري فماذا عن التصدير؟ حيث ان معظم هذه المصانع يتجاوز تصديرها ال 40% من اجمالي الكمية المنتجة وتتم المحاسبة عليها بالسعر العالمي، والآن لماذا لا يتم محاسبة هذه المصانع علي الكمية التي تم تصديرها إلي الخارج علي بند مدخلات الطاقة بالسعر العالمي أيضا وفي هذه الحالة نجد أن دعم الطاقة للمصانع لن يتجاوز ال 28 مليار جنيه أي أن هناك حوالي "22 مليار جنيه مصري" واذا كان بند دعم الطاقة يدخل جيوب أصحاب المصانع ولا يتدخل للمشترين للسلعة في هذه الحالة يمكن دعم مزيد من بنود أخري في الموازنة العامة للدولة مثل التعليم والصحة وبنزين 80 و90 الشعبي. أضافت الدراسة أن المورد الثاني يضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة فإذا كان تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات قد أعلن في تقرير 2009/2010 أن عدد الصناديق الخاصة يبلغ 9800 صندوق بها أكثر من 1.1 تريليون جنيه. أما المورد الثالث فيتعلق بالتمثيل السياسي لمصر في الخارج حيث يوجد لمصر 183 سفارة في دول العالم بعدد دول العالم في الأممالمتحدة فإذا علمنا بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها وهي تعد أكبر دولة في العالم يوجد لها حوالي 73 سفارة في العالم، فأمريكا لها سفير واحد مثلا في كل من النمسا ولوكمسبرج وألمانيا ولها سفير واحد فقط في الدول الاسكندنافية مثلا السويد والنرويج وفنلندا علي عكس مصر التي لها في كل بلد سفارة فلو تم تقليص عدد السفارات في الدول التي لها أهمية قصوي لمصر وهذا سيعمل علي توفير3 مليارات دولار أي ما يعادل حوالي 19 مليار جنيه مصري.