كعادته كلما خرج في لقاءات صحفية أو تليفزيونية أطلق د.أحمد نظيف - رئيس الوزراء - رزمة من التصريحات والآراء الصادمة، لكنه - في حواره التليفزيوني الأخير مع الإعلامية لميس الحديدي - تخطي ذلك إلي الزج بأرقام ومعلومات مغلوطة عن حقيقة الدين العام الداخلي في مصر، وهي الأرقام التي تتناقض مع البيانات التي أصدرها البنك المركزي نفسه. ولم يقف الأمر عند حدود الاقتصاد فحسب، بل دخل د.نظيف بثقله في السياسة ووضع شروطاً تعجيرية للترشح علي منصب الرئيس لا تتوافر إلا للرئيس مبارك فحسب، ولا تذهب لأي شخص آخر حتي ابنه جمال!، موضحاً أن أي رئيس وزراء لا يقوم باختيار أعضاء حكومته وإنما يتم ذلك بقرارت مباشرة من الرئيس، وكأنه يؤكد حقيقة أنه موظف ليس أكثر وليس رئيس وزراء.. شكرا علي هذه المعل قال إن الدين العام في مصر لم يتجاوز 70% من الناتج المحلي.. والبنك المركزي يؤكد تجاوزه ال90% كرم أصلان الاندهاش والاستغرب والشعور بأن شخصاً آخر غير رئيس وزراء مصر هو الذي يتحدث، كان ذلك هو انطباع خبراء الاقتصاد بسبب التصريحات التليفزيونية لرئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف التي قال فيها إن حجم الدين العام المحلي (الداخلي) في مصر لم يتجاوز 60% وإذا أضفنا إليه الدين العام الخارجي فإن إجمالي الدين العام في مصر داخلياً وخارجياً لن يتجاوز ال70% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبدو أن رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف لم يقرأ تقرير البنك المركزي الأخير والذي أشار إلي أن حجم الدين العام في مصر قد بلغ نحو 90.3% في نهاية مارس الماضي، كما يبدو أن رئيس الوزراء لم يقرأ أيضا تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة عن العام المالي الماضي 2008/2009 والذي عرض علي مجلس الشعب في مارس الماضي وكشف عن أن نصيب متوسط الفرد في مصر من الدين الخارجي والداخلي بلغ نحو 9526 جنيها عام 2009/2008 مقابل 8478 جنيها عام 2008/2007، وأشار إلي أن نسبة الدين الخارجي والداخلي من الناتج المحلي الإجمالي تصل إلي 90.3%، وأن 25% من الموارد العامة تخصص لسداد الأقساط والفوائد الخارجية، وأوضح أن عبء خدمة الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي وصل إلي 69.6%. وقد انتقد عدد من الخبراء والمختصين بالشأن الاقتصادي في مصر تصريحات رئيس الوزراء أحمد نظيف معتبرين ما قاله عن أن حجم الدين العام في مصر لم يتجاوز ال70% هو من قبيل التهوين والتقليل من شأن مشكلة حقيقية تواجه الاقتصادي المصري، وأن نظيف أراد تجميل وجه السياسات الاقتصادية المشوه التي تطبقها حكومته منذ عام 2004 وأدت إلي ارتفاع الدين العام في مصر بمقدار 234.2 مليار جنيه في أربع سنوات وهي المرة الأولي في تاريخ مصر التي يرتفع فيها الدين العام بهذا الشكل في هذه المدة. في البداية يقول أحمد السيد النجار رئيس تقرير الاتجاهات الاقتصادية الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: إن رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف ووزير ماليته الدكتور يوسف بطرس غالي دائما ما يحاولان التحايل علي حقيقة ارتفاع الدين العام في مصر من خلال التركيز علي الدين الحكومي فقط، وكأن الهيئات الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي تتبع حكومة جمهورية أخري في كوكب بلوتو، وحتي بالنسبة للدين الحكومي الذي تتعامل معه الحكومة ووزير ماليتها باستخفاف لا يليق بمن هو في موقع المسئولية، وتساءل النجار: لماذا لم تستخدم الحكومة هذه الديون في بناء مشروعات تدر عائداً يمكنها من السداد ويساعد في تنمية الاقتصاد وخلق فرص العمل؟! وأوضح النجار أنه نتيجة للعجز الكبير في الموازنة العامة للدولة الذي بلغ نحو 8.5% كان طبيعياً أن تتزايد الديون الداخلية بسبب الاقتراض الداخلي للحكومة لتمويل عجز الموازنة واقتراض الهيئات الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي. وتشير البيانات الرسمية إلي أن إجمالي الدين العام المحلي قد بلغ 745 مليار جنيه مصري في نهاية مارس 2009، مقارنة بنحو 510.8 مليار جنيه في نهاية يونيو 2005، وهذا يعني أن الدين الداخلي قد ارتفع بمقدار 234.2 مليار جنيه، أي بنسبة 45.9% حتي بلغ وفقا لبيانات البنك المركزي الأخيرة نحو 90.3% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، وهي أكبر زيادة تحدث في هذا الدين في مثل هذه المدة القصيرة. من جانبه أكد صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن تهوين رئيس الوزراء الدكتور نظيف من حجم وخطورة مشكلة الدين العام أمر متكرر سواء من رئيس الوزراء أو وزير ماليته يوسف بطرس غالي وأنهما يكرران خلافا للحقيقة أن الدين العام مازال في الحدود الآمنة ولم يتجاوز حد الخطر، ويوضح جودة أن التقارير الرسمية ومنها تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وكذلك البنك المركزي المصري لها رأي آخر بعيدا عن لعبة الأرقام والمتاهات التي تغرقنا فيها الحكومة، فلقد كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي عرضه رئيس الجهاز أمام مجلس الشعب عن أن صافي رصيد الدين العام قد بلغ نحو 90.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلي أن النسبة كانت العام الماضي 74.2%، وأشار جودة إلي إن تقرير الجهاز المركز للمحاسبات أوضح أنه طبقاً للتقرير الاقتصادي العربي والرصد الصادر من صندوق النقد الدولي فإن نسبة الدين العام الداخلي للناتج القومي في الأردن تمثل 38.2% وفي سوريا 17% والجزائر 6.7% وفرنسا 7% وكندا 20%، وأضاف جودة: إن التقرير عقب علي خدمة الدين العام الداخلي والخارجي من أقساط وفوائد سنوياً بأنها بلغت 69.7 مليار جنيه، وهو يمثل 18.6% من جملة الاستخدامات و24.5% من الموارد، مشيراً إلي أن ربع موارد مصر يتم إنفاقها علي الأقساط والفوائد. اللافت للنظر أن حكومة الدكتور نظيف ممثلة في وزارة المالية بدأت منذ أسابيع قليلة طرح سندات دولارية في السوق الدولية بفائدة قدرها 6.8% وهو سعر يبلغ نحو 300% من السعر السائد في الأسواق الدولية، وهو ما أكدته الدراسة التي أعدها مركز الدراسات الاقتصادية والتي أظهرت أن سعر الفائدة المحدد علي هذه السندات يعد بجميع المقاييس سعراً مغالي فيه وبه نوع كبير من الإغراء إذ يصل إلي نحو(6.8%)علما بأن جميع أسعار السندات في السوق تتراوح ما بين (1.75% و2.25%) ولذلك نجد أن وزارة المالية قد قامت باحتساب نسبة عائد علي السند عالية جدا لأنها تعرف أن هذه السندات غير جيدة وأن الاقتصاد المصري غير قوي، ولذلك فأنها قامت بإعطاء إغراءات مالية مماثلة في زيادة نسبة العائد بأكثر من (3) أضعاف الأسعار السائدة في السوق وهذه السندات لمدة (ثلاثين عاما) أي أنها تمثل عبئاً علي الأجيال المقبلة. وأشارت الدراسة إلي أنه كان يجب علي حكومة الدكتور نظيف ممثلة في وزارة المالية أن تقوم أولا بالبحث عن مصادر أخري للتمويل بدلا من اقتراض السندات من السوق العالمية كما أنه كان يجب عليها أن تفاضل بين سعر الفائدة المودع به الاحتياطي النقدي المصري في البنوك والمؤسسات المالية العالمية والذي لا يتعدي سعر الفائدة فيه عن (2.25%) وبين أن تصدر سندات بسعر الفائدة (6.8%) عليها أن تقارن بين الاقتراض من الاحتياطي النقدي المصري أو سندات السوق العالمية كما يجب أن يتم التعقل والتريس والدراسة بدلا من اختيار الطريق السهل وهو الاقتراض بأسعار فائدة لا يعلم إلا الله وحده كيف سيتم تدبير هذه العوائد وسدادها ناهيك عن قيمة السندات ذاتها في ظل معدلات تضخم المصرية التي تقرب من(16%) سنويا أي أن الجنيه المصري تنخفض القيمة الشرائية له كل سنة بما لا يقل عن (16%) فما بالك بعد (ثلاثين عاما) سنخفض القوه الشرائية بنسبة (100%) عن تصنيفها لهذه السندات فإن هذه السندات تعد في الدرجة الثالثة أو بنص الترجمة (سندات خردة) وحذرت جميع المؤسسات المالية من الدخول من هذه السندات. وضع شروطاً لرئيس الجمهورية لا تتوافر إلا في الرئيس مبارك فقط.. وليس نجله جمال حتي! رحاب الشاذلي « أتمني أن يكون الرئيس مبارك هو المرشح المقبل للرئاسة، لأنه صاحب خبرة طويلة وتأتي هموم المواطن علي رأس أولوياته ويعمل علي تشجيع الاستثمار في الصعيد بالإضافه إلي خبراته بالقوات المسلحة التي أفني فيها حياته حتي أصبح رئيسا للجمهورية» تلك هي مواصفات الرئيس المقبل التي حددها رئيس الوزراء دكتور أحمد نظيف خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي لبرنامج « من قلب مصر »، كما أكد أن تغيير الوزراء هو قرار في النهاية من الرئيس وفي بعض الأحيان يضطر إلي عرض الأمر علي الرئيس، نظراً للاحتياج لشخص مناسب في وقت مناسب وفي المكان المناسب.. ما طرحه نظيف خلال حديثه سواء فيما يتعلق بشروط الرئيس المقبل وعلاقته بالمؤسسة العسكرية وطريقة اختيار الوزراء في مصر، هي أمور تحمل كثيراً من المؤشرات، التي تقودنا إلي معرفه ملامح مرشح الحزب الحاكم ورئيس مصر المقبل، لذا سألنا عدداً من السياسيين عن تلك المواصفات التي يطرحها رئيس وزراء مصر عن من يفترض أن يحكم مصر؟ وهل الانتماء للمؤسسة العسكرية هو واحد من أهم الشروط التي تضمن وصوله إلي كرسي الحكم ؟ وهل هذا مؤشر علي أن مصر تستظل تحت الحكم العسكري ولن تشهد يوماً حكماً مدنياً ؟ قال حسين عبد الرازق - عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع-: إنه منذ ثورة يوليو52 والمؤسسة العسكرية هي المؤسسة الرئيسية للحكم في مصر، وخرج منها كل الرؤساء الذين حكموا مصر بدءاً من محمد نجيب وحتي الرئيس مبارك، ولفترة طويلة كان الوزراء من أبناء القوات المسلحة، وحتي الآن هناك نسبة كبيرة من هذا الجهاز يتم تعيينهم في مناصب المحافظين ورؤساء المدن وشركات القطاع العام إلي آخره. ويضيف: علي الرغم من أن مصر تحولت من نظام الحزب الواحد إلي التعددية الحزبية - شكلا- كما أن القوات المسلحة دستوريا ليس لها دور سياسي فإنها مصدر الشرعية في اختيار الرؤساء، وهناك إصرار علي أن يكون رئيس الجمهورية من القوات المسلحة أو بموافقتها. وفيما يتعلق بترشح الرئيس مبارك في الانتخابات المقبلة قال عبد الرازق: هذا الأمر مثار منذ أكثر من عام، واستمر هذا الطرح حتي أثير الجدل حول صحة الرئيس مبارك، ولكن مؤخرا بعد أن استرد صحته أكد ترشحه لولاية جديدة. وعن اختيار الوزراء ودور رئيس الجمهورية في ذلك أشار عبد الرازق إلي أن هناك وزارات بعينها يتم اختيارها من قبل الرئيس شخصيا وتلك الاختيارات تتعلق بالوزارات السيادية، أما باقي الوزارات في الأغلب يرشحها رئيس الوزراء، الذي يقوم أولا بعرض تلك الأسماء علي الأجهزة الأمنية لإعداد التقارير حول الشخصيات المطروحة ثم عرض الملف علي الرئيس لأخذ موافقته. تابع عبد الرازق : من المعروف أن رئيس الوزراء والوزراء لا يصنعون سياستهم، ولكنهم ينفذون فقط السياسات التي تقرها مؤسسة الرئاسة، كما أن الرئيس من الممكن جدا أن يستشير معاونيه - وغير المعروف من هم الآن- لكن من قبل كان من المعروف أن أسامة الباز ومصطفي الفقي وعمر سليمان هم معاونو الرئيس ويقوم باستشارتهم، أما الآن فالأمر غير معروف، لكن في النهاية الوزارات السيادية تحديدا هي التي يتم اختيارها بمعرفه الرئيس والذين يكونون علي اتصال مباشر به وليس عبر رئيس الوزراء. ومن جانبه أكد دكتور أسامة الغزالي حرب - رئيس حزب الجبهة الديمقراطية - أن اختيار الوزراء يختلف من نظام سياسي إلي آخر، لكن في مصر الاختيار مطلق لرئيس الجمهورية وهذا أمر متعارف عليه منذ عام 52، وهذا النظام المطلق جعل مسألة اختيار الوزراء تخضع للقدر والظروف، ومن ثم قد يكون الاختيار مناسباً وقد يكون غير مناسب، وإن كان في النظم السياسية الأخري الاختيار يتم وفق معايير محددة إلا أن الأمر في مصر مختلف والمعيار الوحيد في الاختيار هو رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم في الوقت نفسه، لذا فالطابع المطلق لسلطات رئيس الجمهورية ينطبق علي كل شيء بما في ذلك اختيار الوزراء، فهو مصدر كل السلطات ومن بينها السلطة التنفيذية، سواء وفق الدستور أو حتي الواقع السياسي، إذن ليس هناك ما يحد من حرية الرئيس في اختيار وزرائه. تابع الغزالي: لا توجد معايير محددة في الاختيار، والمعايير الوحيدة هو رئيس الجمهورية شخصياً، وعندما يختار الرئيس شخصاً في الوزارة يضع في اعتباره توافر شرطين وهما الكفاءة والولاء، وهناك عرف جري في مصر وأصبح متعارفاً عليه عند اختيار أي وزير أو تشكيل أي حكومة وهي أن يكون من أهل الثقة والخبرة في ذات الوقت وهذان معياران مهمان للغاية في اختيار أي وزير مصري خاصة في الوزارات السيادية. «ما يتطلب توافره في أي رئيس قادم يحكم مصر هو أن تكون لديه خبرة سياسية شاملة يحدد من خلالها ما يحتاجه الواقع السياسي ويعمل علي حله، لكن ليس من المطلوب علي الإطلاق أن يكون خبيراً مهنياً في كل التفاصيل» هذا ما أكده دكتور حسام عيسي- المفكر الناصري- مضيفاً اللافت للنظر في تصريحات أحمد نظيف أنه يؤكد من خلالها حكم الفرد، والقبضة المطلقة لرئيس الدولة - وهو الأمر الذي يحاول الحزب الحاكم نفيه طوال الوقت والتأكيد علي أن هناك مؤسسات تحكم - إلا إن رئيس الوزراء أكد خلال تصريحاته علي كل ما هو عكس ذلك، مشيرا إلي خبرات الرئيس في كل شيء بدءا من هموم المواطن العادية وخبراته العسكرية وحتي اختياره للوزراء، كل شيء في مصر مرهون بأمر من الرئيس في غياب واضح لدور كل الأجهزه والمؤسسات المفترض أن تكون معاونة له في الحكم. «ظهور البرادعي علي الساحة السياسية أربك كثيراً من الحسابات السياسية للنظام الحاكم، خاصة فيما يتعلق بمرشح الرئاسة القادم، قديما كانت حجة النظام أنه لا بديل ولا يوجد من ينافس علي الحكم، لكن الآن بعد ظهور دكتور محمد البرادعي - رئيس الجمعية الوطنية للتغيير - أصبح الأمر مختلفاً ولا بد من تغيير دعاوي النظام الحاكم من أنه لا يوجد بديل منافس إلي شروط هذا البديل المنافس والتي من أهمها خبراته العسكرية، وهو الأمر الذي أشار إليه وأكده رئيس الوزراء في أكثر من تصريح له». هذا ما أشار إليه المهندس أحمد بهاء شعبان - القيادي بالحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»- مضيفا : تصريحات دكتور أحمد نظيف خلال الفترة الأخيرة كلها تؤكد أن مواصفات الرئيس الجيد الذي يستطيع أن يحكم مصر لا تنطبق علي أي شخص من بين ال 85 مليون مواطن سوي الرئيس مبارك الذي تتوافر فيه كل الشروط المطلوبة، ومن ثم فهو الوحيد الذي يصلح لحكم مصر. موضحا:«ما طرحه نظيف بشأن خبرة الرئيس في المؤسسة العسكرية وطرحها ضمن أهم شروط من يحكم مصر هي واحدة من الدعاوي الجديدة التي يستخدمها الحزب الحاكم ونظامه السياسي في الترويج ل«مبارك الأب» كرئيس قادم وفي الوقت نفسه الرد علي ما يمكن تسميته بالطرح البديل الذي كشف عنه دكتور محمد البرادعي في الفترة الأخيرة، والذي أسقط بظهوره علي الساحة السياسية جميع الدعاوي الكاذبة التي تقول إنه لا بديل ولا منافس علي كرسي الحكم، لذا استبدل رجال الحزب الحاكم تلك الدعاوي بأخري وهي التي أكدها رئيس الوزراء أكثر من مرة والمتعلقة بالخبرة العسكرية، ولكن هذا الطرح الذي يتبناه أحمد نظيف وغيره، هو إعلان رسمي من قبل رئيس الوزراء أن جمال مبارك لا يصلح لحكم مصر، ذلك لأنه لا تتوافر فيه واحدة من أهم الشروط التي يروج لها». تابع شعبان: كما أن الحديث عن عدم وجود أي بديل للرئيس مبارك في حد ذاته دليل إدانة ضد النظام القائم الذي يحكم منذ ثلاثين عاما وفشل طوال هذه المدة في تحقيق الحد الأدني من مواصفات قيادة الدولة إلا في فرد واحد، هذا فشل ذريع يستحق إسقاط النظام الحاكم من أساسه، وعلي الرغم من ذلك، إلا أن الواقع يؤكد ويقول عكس ذلك وهو أن مصر لديها آلاف من الشخصيات العامة والسياسيين والمفكرين والعلماء الذين يستحقون حكم مصر ولديهم كل المقومات لذلك، والدليل علي ذلك هو دكتور محمد البرادعي نفسه الذي لاقي تأييداً جماهيرياً واسعاً بمجرد ظهوره علي الساحة السياسية مما حقق زخماً جماهيرياً غير مسبوق خلال السنوات الماضية، وذلك كان سببه هو أن «البرادعي» كشف عن وجود بدائل أفضل بكثير من الموجودة علي الساحة. وأضاف قائلاً : تدخل رئيس الدولة في اختيار الوزراء بدءاً من الوزارات السيادية وحتي باقي الوزارات هو أمر يؤكد أن كل شيء يدار من خلال الرئيس ومؤسسة الرئاسة هي صاحبة الكلمة الأولي والأخيرة، مما يعني أنه لاتوجد مؤسسات تحكم مصر بل يوجد فرد واحد هو الذي يحكم ويتحكم، ولأن كل السلطات في يد الرئيس تدار من خلاله أصبحت إدارة الدولة أمراً صعباً - حسب ادعاءات الحزب الحاكم - تحتاج إلي شخصية عبقرية ملمة بكل شيء وجميع التفاصيل بكل المجالات في الوقت ذاته، وهو بالطبع الأمر غير متوافر في الرئيس مبارك ولا أي إنسان علي وجه الأرض. موضحا:«إدارة الدولة ليست مسألة معقدة إلي هذه الدرجة ولا تحتاج إلي رجل ذي قدرات خاصة ليحكمها، لأن الدول الحديثة تدار من خلال مؤسسات، أما دور الرئيس فهو دور ثانوي - تركيا نموذج - حيث يلعب الرئيس دورا أقرب إلي الدور الشرفي، وهذا هو النظام المعمول به في دول العالم حتي في كثير من دول العالم الثالث باستثناء مصر وبعض الدول الأخري التي مازالت تحتفظ بالأسلوب القديم في الحكم الذي تسقط فيه سلطة المؤسسة ويعلو ويتعاظم به سلطان الفرد».