هل اختلف وضع البورصة بعد الثورة عن وضع البورصة قبلها؟.. ولماذا هذا الوضع المتردي في سوق المال المصري والتراجع المستمر لأسعار الأسهم وأحجام وقيمة التداولات؟ وأين ذهبت السيولة وأين ذهبت مدخرات المصريين؟ بعد الثورة كان المتوقع أن تنتعش البورصة أملا في حدوث تغيير حقيقي وسريع في الأوضاع الاقتصادية وفي الرقابة علي التعاملات يكفل تعاملات عادلة وشفافية بين جميع المستثمرين. قبل الثورة انتعشت البورصة بين عامي 2003 و2008 ثم بدأت في التراجع الحاد والمفزع بين عامي 2008 وبداية عام 2011 وقبل اندلاع شرارة الثورة المجيدة وكانت هناك تجاوزات مروعة في السوق قبل الثورة أبطالها من رجال النظام الفاسد وكان أغلبهم من كبار المضاربين في السوق وحولهم لوبي من بعض رجال الأعمال، كان السوق بالنسبة لهم "لعبة كبيرة" وليس وسيلة للاستثمار والتمويل فحدثت عمليات نقل ملكية لصالح علاء مبارك علي أسهم بالم هيلز بما يخالف القانون، واستغل رئيس شركة أجواء نقص الرقابة والتواطؤ من رئيس الهيئة السابق أحمد سعد ليتلاعب في عمليات تقييم وهمية الشركات، ويبيع 33% من أسهم شركة علي الشاشة محققا أكثر من 120 مليون جنيه أرباحا ويسبب خسائر فادحة لصغار المستثمرين، وشركات أخري أبطالها رجال أعمال كبار تلاعبوا بالافصاح كيفما شاءوا وهو ما تسبب في خسائر ضخمة لصغار المستثمرين وأرباح للكبار، والنتيجة أن السوق تحول إلي "غابة".. الكبار والفاسدون يأكلون الصغار وتلاعبت الشركات بالافصاح، ولم يعرف أحد في السوق أن علاء مبارك مساهم رئيسي في بالم هيلز. الأنكت مثلاً أن تلاعبات حول شركة "ليفت سلاب" حولها رئيس البورصة السابق ماجد شوقي للهيئة لتحويلها إلي النيابة ولكن هيئة الرقابة المالية أغلقت الملف لأن المتلاعبين كانوا من جهاز أمن الدولة هل تتصور أن أمن الدولة وصل للبورصة أيضا أيام نظام الرئيس المخلوع؟! وباختصار خرج جزء من أموال الكبار أثناء الأزمة المالية وهرب جانب كبير من أموال الفاسدين وبعض رجال الأعمال من البورصة تخوفا من انفجار الثورة، وخسر صغار المستثمرين أموالهم نتيجة لتراجع الأسعار. فماذا حدث بعد الثورة لم تتغير الأوضاع كثيرا وترك الحبل علي الغارب للمضاربين للتلاعب بالأسهم الصغيرة، واثرت الأحداث السياسية علي السوق بشدة وانسحب الأجانب من السوق، وذلك نتيجة لتراجع الإصلاح في السوق، واحساس المواطن أن الثورة لم تأت بجديد حتي الآن في الملفات الاقتصادية، وكل الأمور تتحرك بشكل بطيء أدي إلي اشتعال الشارع المصري مرة أخري، وأدت التخوفات من تردي الأوضاع السياسية إلي هبوط حاد للبورصة، كما أن بعض كبارالمضاربين وبعضهم موجه من قوي أخري أصبح يعاقب الثورة وأحيانا يضغط علي السوق لإثارة الرعب بين المتعاملين وفي النهاية أصبحت البورصة علي وشك الانهيار، تراجع مستمر للأسعار وانخفاض في أحجام وقيم التعاملات وأصبحت الصناعة مهددة وهناك احتمال لافلاس شركات وتشريد عمالة. ولكن الأهم أن البورصة فقد دورها كوسيلة للتمويل لأن أي اكتتاب أو طرح أولي محكوم عليه بالفشل سلفا لأن أي مستثمر يخاف أن يدخل اكتتابا بقيمة الاسمية ويفاجئ أن سعر السهم بعد تداوله فقد 50% من قيمته، بل إن بعض الشركات الحكومية التي طرحت عام 1966 أصبحت أسعارها الآن موازية لنفس أسعار 1996 فمتي تتدخل الحكومة حتي لشراء حصص من الشركات التي تمتلك الحكومة حصة مسيطرة فيها، ان تدخل الحكومة لانقاذ البورصة ضرورة حتي لا تحدث ثورة في القطاع المالي بعد أن خسر المستثمرون كل شيء ومازالت الحكومة تتعامل مع البورصة علي أنها صالة قمار وليست وسيلة للتمويل، تتعامل علي أن انخفاض القيمة السوقية من 950 مليار جنيه في مايو عام 2008 إلي 350 مليار جنيه حاليا علي انه انخفاض علي الورق ولكن من يحسبها بشكل علمي سيجد أن أكثر من 100 مليار جنيه خسائر في مدخرات المصريين تآكلت في البورصة.. فمتي تتحرك الحكومة؟! [email protected]