التذبذبات الحادة التي شهدتها البورصة المصرية بعد موجة التصحيح الحادة التي بدأت في الثالث من فبراير الماضي، تستدعي التوقف قليلاً والاجابة عن بعض التساؤلات.. الاول ما هو وضع البورصة الان مقارنة مع بداية عام مضي؟ وما هو وضع الاسعار مقارنة مع بداية العام؟ ... والاهم اين نحن من الاسواق العربية الاخري تنظيميا وتشريعياً ورقابياً وعلي المستوي العام للاسعار؟... واخيراً السؤال المستمر هل البورصات مضاربة ام استثماراً طويل الاجل؟ وبدراسة سريعة لاوضاع البورصة ومستوياتها السعرية بداية العام، ومستوياتها الحالية وباستخدام المؤشر الرئيسي للسوق CASE30، نجد ان المؤشر اقفل في اخر ايام التداول عام 2005 في 29 ديسمبر مسجلاً 6273.4 نقطة، وسجل المؤشر الخميس الماضي 6320.51 نقطة، اي ان الاسعار مرتفعة عن بداية العام حوالي 50 نقطة بنسبة 0.9% تقريباً. وبمقارنة مستوي الاسعار منذ عام تقريباً نجد ان المؤشر سجل في 11 مايو 2005 حوالي 4468.5 نقطة، ومستواه الان 6320.5 نقطة، بزيادة قدرها 1860 نقطة تقريباً، بنسبة 41.6% ارتفاعاً. اذن فعلي مستوي الاسعار مقارنة عن عام مضي اوحتي بداية العام، فالسوق مرتفع وهناك مكاسب، وان كانت مكاسب العام الحالي محدود للغاية. ولكن الصراخ بانهيار الاسهم جاء نتيجة نزول المؤشر من اعلي مستوياته عند 8200 نقطة تقريباً في 2 فبراير الماضي الي 6320.5 نقطة حالياً وفي كل الاحوال هناك خسائر تحققت للبعض وارباح كبيرة للبعض، نتيجة توقيت اتخاذ قرارات الدخول بالشراء او البيع وجني الارباح. وهي لعبة بين المحترفين من كبار المستثمرين ومديري الصناديق والمحافظ والاجانب في مقابل الهواة من صغار المستثمرين والذين عادة ما يهرولون في اتجاه الشائعات التي يطلقها البعض من السماسرة. وبالتالي فالخسائر هي مسئولية المستثمر في اتخاذ القرار، اذا كان المناخ شفافاً وعادلاً بين الجميع كباراً وصغاراً من المستثمرين. وهنا يحتاج السؤال الثالث هل البورصة مضاربات سريعة ام استثمار طويل الاجل؟.. والاجابة بالقطع ان البورصة تحتاج الي النوعين من الاستثمارات فالمضاربات هي العمل الرئيسي في البورصات بشرط ان تتم علي اسس مالية ورؤية مستقبلية، بمعني ان المستثمر يضارب علي سهم معين ويشتريه اذا كانت الرؤية لارباح الشركة تأخذ منحني تصاعدياً، كما ان ادارة الشركة تملك رؤية مستقبلية واعدة للنمو والتطوير. واذا ارتفعت الاسعار لمستويات قد تتجاوز النمو المتوقع للارباح فالمستثمر يقوم بالبيع وجني الارباح ويدخل في دورة اخري بالشراء والبيع. المضاربات هي عصب السوق وضرورية للغاية واذا لم تتم فإن السوق سيصاب بالانكماش وتنخفض قيم واحجام التعاملات، مما يهدد شركات الاوراق المالية بغلق ابوابها، مثل فترة الركود في السوق المصري بين عامي 1998 و2002. اما الاستثمار طويل الاجل في الاسواق فهو من الافكار الجيدة شرط الاختيار السليم للاستثمار المناسب وادلة سلامة الاداء الاقتصادي الكلي ونمو جيد للاقتصاد، جودة اداء القطاع الذي تنتمي اليه الشركة محل الاختيار، وان يكون من القطاعات الواعدة ذات النمو العالي والارباح الجيدة، والدخول بالشراء بأسعار مناسبة قريبة من القيمة العادلة وبمضاعفات ربحية معقولة لا تتجاوز 14 مرة تقريباً. والمستثمر الذي اشتري في البورصة عام 2001 واحتفظ بأسهمه حتي الان ورغم تراجع الاسعار حقق مكاسب تزيد علي 450%. وفي كل الاختيارين المضاربة والاستثمار فإن افضل وقت للدخول بالشراء هو وقت تراجع الاسعار وانخفاض السوق بالشراء الانتقائي للاسهم الجيدة. اما وضع البورصة المصرية مقارنة مع الاسواق العربية تنظيميا وتشريعياً ورقابياً، نستطيع ان نؤكد بضمير مستريح تماماً اننا الافضل مقارنة مع اي سوق عربي، رغم بعض التجاوزات التي حدثت وهو امر يحدث في كل اسواق العالم المتقدمة والناشئة. وببساطة وطبقاً للمثل القائل "من رأي غير من سمع" فإن السوق المصري بني علي اسس تشريعية قوية ومتينة، والتجاوزات التي حدثت في مصر تعتبر لا شيء مقارنة مع ما حدث في اسواق المال الخليجية. اما علي مستوي الاسعار فإن مضاعفات الربحية في البورصة المصرية تعتبر جيدة، ويتراوح متوسط السوق حوالي 16 مرة، بينما اغلب البورصات الخليجية تدور حول 20 مرة وفي بعض الاسواق حوالي 25 مرة.. اذن السوق المصري جيد علي مستوي الاسعار والرقابة وادارة السوق والتداول. وعلي صغار المستثمرين الذين دخلوا في مستويات سعرية مرتفعة، ان يعوا التجربة ويستفيدوا منها، وان يتجهوا لجني الارباح اذا ارتفعت الاسعار لمستويات جيدة، وان يحددوا استراتيجية للدخول والخروج. لان اداء الشركات جيد والاقتصاد يسير بخطي ثابتة، بشرط الشراء الانتقائي. [email protected]