بعد موافقة الكونجرس علي رفع سقف الاستدانة من الخارج شاع الحديث في مواقع إعلامية شتي بأن هذه الموافقة انقذت أمريكا من اشهار افلاسها في حالة اعلان عجزها عن سداد ديونها.. وان كان هناك من رأي فيما حدث من مفاوضات بين الإدارة الأمريكية الديمقراطية والجمهوريين في الكونجرس أنها مسرحية سخيفة وانه لم يكن متوقعا ان يترك الأمريكيون بلادهم تتعرض لموقف حرج مثل التوقف عن سداد ديونها الخارجية.. فهل صحيح ان أمريكا كانت علي وشك اشهار افلاسها كما كان يقال؟ ابتداء للاجابة عن هذا السؤال يجب أن نتذكر ان أمريكا هي أكبر مدين في العالم كله فهي صاحبة أكبر ديون خارجية في كل أنحاء العالم مثلما هي أيضا صاحبة أكبر عجز في موازنتها مقارنة بكل دول العالم.. وهي علي هذا الحال منذ سنوات طويلة ولم تتعرض لمأزق عدم سداد ديونها أو اشهار افلاسها. بل ان سندات الخزانة التي تصدرها أمريكا وتستدين بها ما تشاء من أموال كان ولا يزال يتسابق عليها كثيرون منها دول كبيرة ومتقدمة مثلها ومنها دول نامية.. وكل الدول تري في سندات الخزانة الامريكية الدولارية استثمارا آمنا ومضمونا ولذلك تحتفظ باحتياطياتها من النقد الاجنبي أو جزء كبير منها في شكل سندات خزانة أمريكية. وهكذا ترتبت مصلحة لدي قطاع عريق من الدول في حماية أمريكا من الافلاس واستمرار اقتصادها قويا وقادرا علي الوفاء بأية مستحقات عليه.. وقد شاهدنا وتابعنا من كثب إبان الأزمة المالية العالمية كيف حرصت الصين علي عدم القيام بأي تصرف يكون من شأنه الاضرار بقيمة الدولار الامريكي نظرا لانها تعد أكبر مستثمر في سندات الخزانة الامريكية وكان انخفاض الدولار الأمريكي من شأنه تخفيض قيمة مدخراتها أو تآكل هذه المدخرات مما كان سوف يلحق بها خسائر فادحة. أي ان افلاس أمريكا ليس بهذه السهولة لا أمريكيا ولا عالميا خاصة أن الاقتصاد الامريكي رغم الصعاب التي يواجهها الآن ومنذ سنوات لا يزال هو صاحب أعلي انتاج في العالم وبفارق ليس قليلا عن الاقتصاد الذي يليه وهو الاقتصاد الصيني بل إن التقديرات العالمية التي تتحدث عن صعود الاقتصاد الصيني لا تتوقع أن يتساوي مع الاقتصاد الامريكي قبل 10 سنوات علي الأقل. لكن ذلك لا ينفي أن الاقتصاد الامريكي لا يعاني مشكلات أو لا يمر بمأزق أو لا يتعرض لمتاعب.. كما أن هذا لا ينفي أن هذه المشكلات والمآزق والمتاعب تؤثر علي الاقتصاد العالمي كله وتلحق الأذي باقتصادات كل دول العالم بلا استثناء. باختصار، الاقتصاد الامريكي ليس علي مشارف إشهار افلاسه الآن ولا حتي في المستقبل القريب.. ولكنه في ذات الوقت هو يعاني الهبوط في وقت تصعد فيه اقتصادات اخري عديدة علي رأسها الاقتصاد الصيني الذي تشير توقعات شتي إلي أنه في سبيله إذا لم يتعرض لمشكلات مفاجئة لتخطي الاقتصاد الامريكي. عبدالقادر شهيب