تولي مسئولية وزارة مثل المالية في ظل أرقام تعكس وضعا حرجا للاقتصاد المصري.. السياحة أصبحت زيرو والصادرات تراجعت إلي 40% وتحويلات العاملين تقلصت مع العائدين من ليبيا والصناعة لم تعد تعمل سوي ب50% من طاقتها التشغيلية في ظل تصاعد سقف المطالب الفئوية وزيادة فاتورة الدعم مع جنون أسعار الغذاء عالميا.. ومع إضافة الشائعات بأن مصر عليها إعلان افلاسها خاصة مع تآكل الاحتياطي النقدي من 43 مليار دولار قبل الثورة إلي حوالي 30 مليار دولار أو أقل حاليا.. ورغم أنني حملت العديد من الأسئلة الصعبة التي كان يمكن أن تشعل جو الحوار مع وزير المالية الدكتور سمير رضوان إلا أن ابتسامته التي لم تستطع حقيبة وزارة المالية لمدة مائة يوم في ظل اقتصاد أزمة أن تفارقه وأجاب بأنه متفائل جدا وأكد انه إذا تم توفير الاستقرار يستطيع أن يحقق كل مطالب هذا الشعب والشيء الوحيد الذي يقلقه هو ما يحدث في مصر حاليا من بوادر للفتنة الطائفية متخوفا من أن تتحول مصر إلي لبنان أخري والتي سبقتنا علي هذا الطريق ولم تعد حتي الآن.. والكثير من الوعود المطمئنة تحملها السطور التالية علها تخفف من وطأة الخوف بداخل الاقتصاديين من المجهول القادم. محمد الشيخ * بعد مرور حوالي مائة يوم أو يزيد علي الثورة وتوليك حقيبة وزارة المالية في أصعب الفترات التي تمر بها مصر.. ما الموقف الحالي للاقتصاد؟! ** نحن حاليا في أصعب فترة وأرجو ألا يفهم الناس أنني أستخدم هذا التعبير لتخويفهم أو استخدمه كفزاعة ولكن هذا الوضوح يأتي مع احترامي للمواطن المصري لأنه شريك لي في إدارة هذه الفترة وإذا لم يفهم المواطن هذه الشراكة فهذا يعني أن وزير المالية "ليس له لزمة" - علي حد تعبيره - خاصة أنني لا أضع أمام المواطن المشاكل فقط ولكن أيضا أطرح له الحلول للخروج من الموقف الحالي.. وقبل 25 يناير الموقف علي المستوي الكلي للاقتصاد المصري كانت المؤشرات جيدة فمعدل النمو المتوقع كان 5،8% والاحتياطي النقدي اقترب من 43 مليار دولار بما يوازي حوالي 11 شهرا من الواردات وسعر الجنيه استقر وميزان المدفوعات بدأ في تحقيق فائض وخلال تلك الفترة كانت هناك بعثة من صندوق النقد الدولي وأكد تقريرها الذي تركته يوم 25 يناير جودة مؤشرات الاقتصاد المصري والمشكلة خلال تلك الفترة أن ثمار هذا النمو لم تهبط لأسفل ولم تتساقط عوائده علي ال40% من المصريين الذين يعانون الفقر رغم أن حدوث ذلك يعتبر صمام الأمان لاستمرار هذا النمو في تحقيق أهدافه سواء في مصر أو الهند أو أمريكا ولا يأتي ذلك من منطق الشفقة وأنما وصول هذه الثمار هو ضروري لضمان الاستقرار الاجتماعي والسياسي وتحقيق أهداف صانع السياسة الاقتصادية. وجاءت الثورة وباعتراف العالم كله أنجزت في 18 يوما ما لم يحلم به مصري وأحدثت تغييرا في جميع القطاعات.. وجمالها رغم دماء الشهداء الأبرار أن خسائرها بسيطة نسبيا إلي أن جاءت المظاهرات الفئوية التي ليس لها علاقة بالثورة فشباب الثورة فجر بداخلنا أنبل ما يمكن أما المطالبات الفئوية ففجرت فينا أسوأ ما يمكن فقطاع الصناعة في ظل الاضرابات انخفضت قوته التشغيلية حاليا إلي 50% والصادرات هبطت إلي 40% والسياحة استقرت عند "زيرو في المائة" وخسرنا معها مليار دولار حصيلة السياحة شهريا وبخلاف انخفاض تحويلات العاملين بالخارج أيضا عاد حوالي 250 ألف مصري من ليبيا. وانعكست كل هذه العوامل مجتمعة علي المؤشرات، فمعدل النمو إذا بلغ 2% هذا العام يجب أن نحمد الله علي ذلك خاصة أن معدل النمو في الربع الثالث من العام المالي 2010 - 2011 هبط إلي سالب 7% وهو ما يعني أن معدل النمو للناتج القومي الإجمالي لن يزيد علي 2% وهذا العبء يصب في الموازنة العامة للدولة فبعد أن كان عجز الموازنة 7،9% ارتفع حاليا إلي 9،2% حيث وصل العجز الكلي إلي 119 مليار جنيه ومتوقع أن يرتفع خلال موازنة 2011/2012 إلي 161 مليار جنيه وصافي ميزان المدفوعات يهبط شهريا بحوالي 3 مليارات دولار وكل هذه المؤشرات تعكس خطورة الموقف أمام الاقتصاد المصري. إفلاس مصر * هل هذه المؤشرات تعني أن مصر ستعلن إفلاسها وأن الحكومة كما يقال لن تستطيع توفير الرواتب بعد شهرين من الآن خاصة بعد أن تراجع الاحتياطي النقدي من 43 مليار دولار قبل الثورة إلي حوالي 30 مليار دولار خلال 3 أشهر؟