تخوف الخبراء المصرفيون من استمرار تراجع الاحتياطي المصري من النقد الاجنبي خلال الفترة المقبلة والذي يضع مصر تحت وطأة الافلاس ويهددها بعدم القدرة علي توفير احتياجاتها من السلع الاساسية خاصة في ظل انخفاض الموارد السيادية التي تعتمد عليها الدولة في توفير العملة الاجنبية من سياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والعمليات التصديرية, ويأتي ذلك بعد اعلان البنك المركزي عن تراجع احتياطيات النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري, بنحو2 مليار دولار, في شهر إبريل الماضي, ليصل إلي28 مليار دولار وكانت احتياطيات النقد الأجنبي تراجعت لدي البنك المركزي المصري, بنهاية شهر مارس الماضي بمقدار2,3 مليار دولار, ليصل إلي1,30 مليار دولار,وفي نهاية شهر فبراير الماضي, بمقدار7,1 مليار دولار, بنسبة85,4%, ليصل إلي3,33 مليار دولار, ووصلت إلي35 مليار دولار خلال يناير2011, مقابل1,36 مليار دولار في ديسمبر2010, لتسجل الاحتياطيات الدولية انخفاضا إجماليا خلال4 أشهر ب8 مليارات دولار. وأكد محمود عبد العزيز رئيس البنك الاهلي السابق ان تراجع احتياطيات النقد الاجنبي لدي البنك المركزي هو نتيجة طبيعية خاصة وان الاقتصاد المصري يقوم علي الخدمات الخارجية بالدرجة الاولي والتي تأثرت بشكل مباشر بعد ثورة25 يناير وتداعياتها السلبية علي النشاط الاقتصادي فانخفضت القدرة التصديرية نتيجة توقف العديد من المصانع عن الانتاج بكامل طاقتها الانتاجية وتقلص النشاط السياحي وتحويلات المصريين العاملين بالخارج نتيجة الاضطرابات الموجودة في بعض الدول العربية, مشيرا الي ان جميع هذه العوامل دفعت مصر للسحب من احتياطياتها من النقد الاجنبي لتلبية احتياجاتها عن طريق استيراد السلع الاساسية خاصة وان مصر تعتمد علي الاستيراد بنسبة كبيرة لتوفير احتياجات من السلع المختلفة. واشار عبد العزيز الي انه في حالة استمرار الاوضاع كما هي من مطالب فئوية وانفلات امني وعدم اتخاذ الدولة اجراءات صارمة تجاه تحريك عجلة التنمية مرة اخري والتي تعتبر شبه متوقفة فان الاحتياطي النقدي سيستمر في الانخفاض ويكسر حدود الامان وستصبح مصر علي حافة الافلاس وبالتالي لابد من العمل خلال الفترة المقبلة علي استعادة الاستقرار الامني والسياسي لتهيئة المناخ امام النواحي الاقتصادية حتي لا تصبح مصر عرضة لحدوث اي ازمات مستقبلية. وقال أحمد قورة رئيس البنك الوطني السابق انه من المتوقع استمرار تراجع الاحتياطي الاجنبي في ظل الظروف السياسية والامنية والاقتصادية المضطربة, مشيرا الي ان مصادر العملة الاجنبية تكاد تكون متوقفة في ظل انخفاض الموارد السيادية الخاصة بها وتأثرها بالسلب ومنها قطاع السياحة والتصدير وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وهو الامر الذي يضطر مصر للجوء للاحتياطي الاستراتيجي من العملة لانفاقها علي استيراد السلع الاساسية كالقمح والسلع الغذائية المختلفة, موضحا انه في حالة استمرار الوضع كما هو, قد تحدث ازمات غذاء لانها ستكون غير قادرة علي توفير الاموال اللازمة لاستيراد السلع الغذائية. وطالب قورة الحكومة المصرية بسرعة اتخاذ اجراءات فورية من شأنها زيادة موارد الدولة من العملة الاجنبية وتهيئة المناخ الاقتصادي في مصر من خلال العمل علي تنشيط السياحة وازالة المعوقات الخاصة بالاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والاجنبية خلال الفترة المقبلة والقضاء علي البيروقراطية والاجتماع المستمر مع ممثلي القطاعات الصناعية والتجارية المختلفة لحل المشكلات الموجودة بالقطاعات المختلفة لدفع عجلة التنمية والانتاج للامام ومن ثم زيادة موارد الدولة وتقوية الاقتصاد خلال الفترة المقبلة. وفيما يتعلق بحدود الامان الخاصة بالاحتياطي النقدي أوضح قورة ان البنك المركزي يرفض الافصاح بشفافية عن القيمة الفعلية لحدود الامان, مشيرا الي انه يتم حسابها حاليا بانها النسبة التي تكفي حجم الاستيراد لمدة تصل الي نحو6 أشهر والتي تساوي في تقدير البعض حوالي15 مليار دولار والتي تعتبر قيمة غير دقيقة. وأكد الدكتور صلاح جودة استاذ الاقتصاد بكلية تجارة الازهر ومدير مركز الدراسات الاقتصادية ان مصر تكبدت خسائر وصلت الي نحو3.5 مليار دولار خلال ال18 يوما الاولي منذ ثورة25 يناير وحتي11 من فبراير نتيجة توقف اغلبية الانشطة الاقتصادية ولجوء مصر خلال هذه الفترة للاستيراد من الخارج لسد احتياجاتها من السلع الغذائية, مشيرا الي ان الاحتياطي الاجنبي استمر في الانخفاض خلال الاربعة اشهر الماضية نظرا لانخفاض ايرادات السياحة وتراجع عائدات قناة السويس وتوقف التصدير وانخفاض حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج نتيجة وجود اضطرابات في عدد من الدول العربية والتي تأتي في مقدمتها ليبيا والبحرين واليمن وسوريا. وتخوف جودة من كسر حدود الامان الخاصة بالنقد الاجنبي خلال الاربعة اشهر المقبلة في ظل استمرار الغياب الامني والسياسي واستمرار الاضطرابات التي تشهدها البلاد خلال الفترة المقبلة مع استمرار ايضا انخفاض الموارد السيادية للدولة والتي توفر من خلالها العملة الاجنبية. واشار جودة الي ضرورة القضاء علي ظاهرة الوقفات الاحتجاجية واستعادة العمل في المصانع بكامل طاقتها الانتاجية وبالتالي يزيد الانتاج ويقل الاعتماد علي الاستيراد لتوفير السلع الغذائية الاساسية وهو الامر الذي يؤدي بدوره الي انخفاض عمليات السحب من الاحتياطات النقدية الاجنبية, كما شدد علي اهمية وضع مجموعة من الحوافز الاستثمارية لجذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة فمصر لا تحتاج لمنح أو معونات خاصة وان زيادة الاستثمارات ستزيد من معدلات الانتاج والتشغيل وتدفع عجلة التنمية للامام.