لم يجد نتنياهو أمامه إزاء التطورات الجارية علي الساحة إلا أن يقوم بجولة مؤخرا شملت بريطانيا وفرنسا في محاولة منه لصد التداعيات التي قد تلحق بإسرائيل في أعقاب حدثين مهمين.. الأول: المفاجأة التي سجلتها المصالحة الفلسطينية عبر الاتفاق الذي جري تدشينه في الرابع من مايو الحالي لجسر الهوة بين فتح وحماس والعودة إلي وحدة الصف والثاني: التغير الطفري في سياسة الخارجية والذي مهد بشكل تلقائي لهذه المصالحة التي استعصي علي حقبة مبارك تحقيقها. التباين في السياسات لقد ظهر التباين كبيرا بين السياسة التي اتبعها النظام البائد وبين السياسة الخارجية المصرية اليوم والتي كان أكثر ملامحها بروزا الاعلان عن فتح معبر رفح لكسر الحصار المفروض علي غزة، والتعامل مع حماس بنفس القدر الذي يتم به التعامل مع فتح تغيرت المعادلة بالفعل إلي الحدالذي دفع بمسئول إسرائيلي رفيع المستوي إلي أن يحذر من أن مصر أصبحت تشكل خطرا كبيرا علي الأمن الاستراتيجي للدولة العبرية خاصة بعد التغير الذي طرأ علي سياستها الخارجية وبعد فتح معبر رفح مطالبا بتحجيم تلك السياسة التي يمكن أن تدخل العلاقات المصرية الإسرائيلية في أزمة حقيقية خاصة وأن أمن الدولة العبرية القومي والاستراتيجي هو خط أحمر يجب ألا تسمح إسرائيل لأحد أن يمسه. قلق إسرائيل حيال مصر الجديدة ولاشك أن القياس مع الفارق بين السياسة التي تتبناها مصر اليوم والسياسة التي كان النظام البائد يتبناها والذي حدا برئيس الموساد السابق إلي أن يتحدث عن مبارك بوصفه كنزا استراتيجيا لإسرائيل وتشارك إدارة أوباما إسرائيل في القلق الذي يعتريها من إجراء التغيير الطفري الذي طرأ علي سياسة مصر الخارجية وأبرز معالمه تحسين العلاقات مع إيران والذي ظهرت بوادره في السماح لسفنها الحربية بعبور قناة السويس والتلويح باستئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة معها. كما ظهرت معالمه في التقارب من حماس وفتح معبر رفح وهو ما أثار قلقا عارما لدي إسرائيل لاسيما بعد أن صرحت مصر بأنه ليس لإسرائيل حق التدخل في شأن مصري فلسطيني وهكذا تلقت إسرائيل من مصر صفعتين هما الأشد إيلاما منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد: الصفعة الأولي تمثلت في إعلان اتفاق المصالحة بين فتح وحماس والذي تم برعايتها والصفعة الثانية فتح معبر رفح بشكل دائم هذا عوضا عن المظاهرات التي يقوم بها المصريون أمام السفارة الإسرائيلية مطالبين بقطع العلاقات وسحب السفير، وبالتالي فإن حصيلة ذلك كله سيتمخض عنه قلق عارم في إسرائيل حيال مصر الجديدة. جولة نتنياهو والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعود إلي جولة نتنياهو في بريطانيا وفرنسا لنقول بأنه لم يكن لها صدي يذكر.. ربما كان هذا بسبب أن العالم كله كان منهمكا بحدث شغل الجميع وأعني به اغتيال بن لادن علي يد وحدة عسكرية أمريكية في الثاني من مايو الحالي غير أن جولة نتنياهو هدفت إلي تحقيق أمرين الأول: دفع الأوروبيين إلي ممارسة الضغط علي الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية أما الثاني فيتعلق بمطالبة الدول الأوروبية بمعارضة توجه السلطة الفلسطينية إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل من أجل الاعترف بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود سنة 1967 ولا يبدو أن جولة نتنياهو قد أسفرت عن نتائج ملموسة كل ما خرج به تصريح ضعيف أشار فيه نتنياهو بأن ساركوزي يؤيد الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وهو مالم يؤكده ساركوزي نفسه، بكل ما نسب إليه هو أنه يؤيد أي قرار يصدر عن