لا ندري، هل اختزل عدد من السلفيين كل قضايا المسلمين في التفرغ لقضية كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس بالمنيا التي أشهرت إسلامها ويقال إن الكنيسة احتجزتها بعد ذلك منذ شهر يوليو الماضي. ولماذا يفجر هؤلاء فتنة طائفية في قضية فردية لو أن صاحبتها أسلمت فعلا، فلن تستطيع أي قوة أو جهة علي وجه الأرض أن تغير من عقيدتها وأن تعيدها ملتها الأولي حتي وان لاقت في ذلك صنوفا من العزلة والعذاب سوف تضاف إلي رصيدها في الثبات علي الحق والجهاد في سبيل الدين الذي أعتنقته عن إيمان واقتناع. إن الآلاف من الأصوليين السلفيين تجمعوا قبل يومين أمام مجلس الدولة في مظاهرة طالبوا فيها بالزام الكنيسة بالإفراج عن كاميليا، وحملوا لافتات تهاجم الإعلام الذي وصفوه بالكاذب، ووزعوا منشوات لبيان قالوا إنه صادر عن كاميليا تقول فيه إنها اليوم أسيرة في غياهب الظلمات أفتن في ديني ويراد مني أن أعود إلي دين لا أرتضيه ويساومونني بولدي بل يهددونني بمصير عشرات من أخواتي اللاتي وسدن الثري أو لاقين الاسي لا لشيء إلا لأنهن اخترن شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإذا كانت كاميليا كما يقول البيان ومن يوزعونه أسيرة وتعامل بهذه القسوة وفي عزلة وفي مكان غير معلوم، فكيف صدر عنها هذا البيان البليغ الذي لا يمكن صدوره عن سيدة عادية في ظروف صعبة وتتعرض لعملية غسيل دماغ للتراجع عن إسلامها. إننا نقف مع كاميليا شحاتة ومع حقها في أن تعلن اسلامها وأن تمارس عقيدتها في حرية، ونقف ضد أي اجراءات يمكن أن تتخذ لاجبارها علي التخلي عن دينها الذي اختارته، ولكننا نقف أيضا ضد المزايدة بقضية غير واضحة المعالم في ظروف كالتي نمر بها، والتي نحاول فيها أن نطفئ نيران فتنة طائفية مدمرة ومهلكة علي هذا الوطن وعلي المسلمين والأقباط، ونأمل أن يتم دراسة هذه القضية بعيدا عن القضاء والمظاهرات من خلال منظمات المجتمع المدني التي يجب أن تتعامل معها من منظور إنساني لا ديني. إننا نخشي هذه النبرة العالية في المطالب التي تأخذ بعدا دينيا متشددا، والتي تعبر عن إحساس البعض بأنهم فوق الدولة، وفوق كل مؤسساتها وانهم القانون والقوة وأن الفرصة مواتية لهم الآن لفرض أجندتهم الخاصة. إن هذا الاتجاه الجديد أصبح مقلقا إلي حد كبير لإخواننا من الأقباط الذين يشعرون اننا نسير في اتجاه الدولة الدينية التي ستتعامل معهم بأسس ومعطيات جديدة، وهو اتجاه نأمل كثيرا أن يكون في نطاق الغيرة علي الدين والدعوة إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة بعيدا عن أسلوب التهييج والمنشورات والمظاهرات واستعراض القوة، فنحن دولة الاسلام التي ليست في حاجة إلي إثبات ذلك أو التأكيد علي هويتها الاسلامية.