رغم أن من أولويات حكومة شرف الجديدة توفير الأمان وعودة الاستقرار إلي الشارع المصري والقضاء علي الانفلات الأمني، فإن الحالة الأمنية لم تصل بعد إلي الوضع الصحيح، وإن كان هناك وجود أكبر لرجال الشرطة في المواقع الأمنية، ولكن لم تظهر بعد بصمات وزير الداخلية الجديد منصور العيسوي، وأسلوبه في العمل، خاصة أنه تعهد بعودة رجال الأمن إلي الشارع بقوة أكبر وروح جديدة وأسلوب راق في التعامل مع المواطنين، وبحزم أكثر مع الخارجين علي القانون. والحقيقة أن حالة التراخي الأمني مازالت موجودة في بعض المناطق الشعبية والمدن الجديدة، ولا أقصد الاختناقات المرورية المزمنة، وعمل أقسام الشرطة بنصف طاقتها، ولكن أقصد استمرار أعمال البلطجة وترويع الآمنين، وبقاء آلاف السجناء الفارين مطلقي السراح، الذين يشكل معتادي الإجرام منهم وأصحاب السوابق خطرا حقيقيا علي المجتمع المصري، ليس علي المستوي الأمني فقط، بل الاقتصادي أيضا. فهناك شكاوي من رجال أعمال في المدن الجديدة يتضررون فيها من تعرض مصانعهم ومخازنهم لعمليات سرقة وسلب ونهب وفرض اتاوات عليهم، وأيضا تعرض العمال لديهم، خاصة الذين يعملون في "الورديات الليلة"، لاعتداءات من لصوص وبلطجية، والذين يقومون بسرقتهم بالإكراه، كما أن بعض المشروعات السكنية تحت الإنشاء في تلك المدن شبه متوقفة لنفس الأسباب ولاشك أن دوران عجلة الإنتاج وعودة النشاط الاقتصادي لحالته الطبيعية يتوقف علي توفير الأمن والأمان للمنشأت الاقتصادية والعاملين فيها. وهناك صور جديدة من البلطجة ظهرت في الأونة الأخيرة بعد الانسحاب المشبوه من الشرطة منذ يوم 28 يناير الماضي، وتدل علي أن أعمال البلطجة شبه منظمة وتهدف إلي ترويع الآمنين وبث الرعب في قلوب الأسر المصرية وإيجاد حالة من الفوضي "غير الخلاقة" داخل المجتمع. فعلي سبيل المثال اعتاد بلطجية في الفترة الأخيرة مهاجمة بعض المدارس لسرقتها في وضح النهار وترويع تلاميذها ومدرسيها، بل اقتحم بلطجية محترفون الأسبوع الماضي إحدي المدارس الإعدادية في مدينة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية وحاولوا الاعتداء علي بعض بنات الإعدادي لخطفهن ولولا تعرض الأهالي لهم وإمساك الشرطة بهم لتم اغتصاب هؤلاء التلميذات القاصرات، وترتب علي ذلك أن بعض الأهالي خشوا علي أبنائهم ومنعوهم من الذهاب إلي المدرسة. جانب آخر من البلطجة وهو السرقة بالإكراه في وضح النهار، بل إن الجديد هو عمل كمائن في المقطم وعلي الطريق الدائري واستيقاف بعض مالكي السيارات وإجبارهم تحت تهديد السلاح بالتوقيع علي عقود بيع لسياراتهم! وأيضا هناك اعتداءات حدثت علي آلاف الأفدنة الزراعية خاصة المملوكة للأوقاف، بل قام بلطجية باحتلال شقق سكنية في مشروعات جديدة بمدن مختلفة وأقاموا فيها بقوة السلاح. تلك أعمال بلطجة منظمة يقوم بها بلطجية جدد تربوا في حضن الشرطة، وهم محترفون ومدربون من أجل ضرب الاستقرار في المجتمع وترويع الآمنين وإيقاف عجلة الإنتاج وتعطيل إقامة المشروعات الجديدة والنيل من هيبة الدولة. نعم هناك محاكمات عسكرية سريعة وشبه يومية للبلطجية والخارجين علي القانون، بل إن هناك أمرا عسكريا بقانون سيقضي بإعدام البلطجية إذا أدت اعتداءاتهم القذرة إلي وفاة المجني عليهم. ولكن لابد من الحكم صراحة بعقوبات مشددة بإعدام البلطجية ولا ننتظر أن يتوفي المجني عليه حتي نعدم البلطجي بل يكفي قيامه بعمل من أعمال البلطجة في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لأن ذلك يعد تخريبا متعمدا من مجرمين منزوعة منهم الرحمة والوطنية والأخلاق، فلا تكفي خمس سنوات لبلطجي اقتحم مدرسة واختطف تلميذة وهي تتلقي دروسها من أجل أن يغتصبها مرات عديدة، إنه هنا قصد ترويع الآمنين ومنع ذهاب التلاميذ إلي المدرسة وليس مجرد نزوة طارئة يرتكبها حقير عديم الأخلاق والوطنية. حمدي البصير [email protected]