عندما اختفي رجال الشرطة حدث الانفلات الأمني وانتشر اللصوص والبلطجية فلم يكتفوا بسرقة المحلات التجارية وإنما استولوا علي شقق المواطنين وأموالهم وسياراتهم في كثير من المناطق واشاعوا الرعب مما زاد من احتقان الشارع المصري تجاه رجال الشرطة الذين تسببت الممارسات القمعية لكثير منهم في رسم صورة سلبية وسوداء عن أغلبيتهم لدي المواطنين, وهنا كانت الصعوبة في عودة رجال الشرطة الي أعمالهم خاصة أنهم وجدوا المواطنين لا يرحبون بهم بعد أن صاروا رمزا لحماية النظام الفاسد ورجاله, وبعد أن كشف الانفلات الأمني عن أن المواطنين قادرون علي حماية أنفسهم وممتلكاتهم.. لكن التجربة أثبتت أيضا ضرورة عودة رجال الشرطة الي مواقعهم بشرط أن يخدموا شعبهم. بعد أن عاش المواطنون أسوأ أيام حياتهم, حالات من الرعب والهلع والإحساس بعدم الأمان في ظل استمرار عدم الوجود الأمني في كل المناطق, والأسوأ من ذلك حالات التعدي علي رجل الأمن. صحيح أنها حالات فردية لكنها تمثل مؤشرا سلبيا غير مطلوب لأن إهانة رجل الأمن الذي يؤدي واجبه تعلي من قيم البلطجة وتؤدي لمزيد من عدم الاستقرار وعدم الأمن في المجتمع, لابد أن يعي المواطن أن هناك فرقا بين الأمن السياسي ويمثله جهاز مباحث أمن الدولة وبين الأمن العام أو الخدمي وهو الذي يحفظ الأمن للمواطن وللمجتمع فما هو المطلوب لكي نعيد حالة الأمن للشارع المصري ؟ تقول الدكتورة إيمان شريف( خبير أول علم نفس جنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية): لابد أن يميز المواطن مابين الشرطة السياسية المتمثلة في أمن الدولة ومايرتبط بها من سجون ومعتقلات وتعذيب وبين الأمن العام الموجود في الشارع لملاحقة المجرمين, ينظر المواطن للشرطة نظرة سلبية فيها عنف وتلفيق تهم وهي نظرة قاصرة فيها تعميم غير سليم ويتناسي المواطن أهمية دور رجل الشرطة في حفظ الأمن وتنظيم المرور وحماية المواقع المختلفة وأن غياب دور الأمن أدي الي عدم الاستقرار وانتشار أعمال البلطجة والسرقات والفوضي وكثير من الطرقات والميادين تحولت بسبب الفوضي والبلطجة إلي أماكن لا تصلح للسير للمشاه حيث يتم اختراق القانون واستغلال الأماكن المخصصة للسير وأيضا السير عكس الاتجاه. هناك انتشار لعدد كبير من البلطجية والخارجين عن القانون في مختلف المناطق يثيرون الفزع والرعب وقد خرجوا من السجون أو من أوكارهم حيث كان الأمن من قبل يسيطر عليهم ومع اندلاع أحداث الثورة حدث الانفلات وهم ينتهزون الفرصة الآن ويستخدمون كل الوسائل للنهب والسرقة بطريقة غير مسبوقة وليس لها مثيل. والمخيف في الأمر وجود أسلحة بيضاء ونارية مع الكثير من الناس وهذا يمثل خطورة شديدة في ظل اختفاء الشرطة ويحاول كل مواطن الآن أن يحمي نفسه وأسرته سواء كان مؤهلا لذلك أم لا. ويحدث الآن حالة من التناقض بين شباب الثورة الواعي وبين فئة أخري تحمل السلاح وتستخدمه في الترويع مما يمثل خطورة علي أفراد المجتمع. لذا لابد من عودة الأمن للشارع وإعادة الهيبة لرجال الأمن علي اعتبار ان جهاز الشرطة مثل كل فئات المجتمع به الصالح والطالح وكما انه استخدم السلطة في مخالفات وتجاوزات في التعامل مع المواطنين, هناك فئة أخري داخل جهاز الشرطة تحترم الانسان الملتزم وتحميه وتطبق القانون علي الفئة الخارجة عن القانون, نطالب باعادة صياغة وتأهيل ضباط الشرطة للتعامل مع المواطن حتي لا تحدث تجاوزات في المستقبل وإعادة الثقة بين المواطنين والجهاز الشرطي, فكلا الطرفين في احتياج للآخر, الشعب بحاجة للشرطة وملاحقة المجرمين والشرطة بحاجة لأن تعود لها هيبتها ومكانتها لكي تؤدي عملها علي الوجه الأمثل, لو استمر هذا الانفلات الأمني والأخلاقي ولم يواجه بالشدة سوف نسير لمستقبل مظلم لا يعلم آثاره إلا الله. وحول إعادة هيبة ومكانة رجل الأمن في الشارع خاصة في ظل حالات التهكم والتهجم علي الشرطة يقول الدكتور صفوت العالم( الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة): من مصلحة جميع أفراد المجتمع استعادة رجل الشرطة لثقته بنفسه ولوجوده الإيجابي في الشارع لأن التعامي عن غيبة رجال الأمن في الأماكن العامة والشوارع والميادين والأحياء وأماكن التجمعات يعلي ويعظم من أساليب البلطجة والانفلات وعدم الالتزام بكل القواعد المعروفة. والمثير للاستغراب هو اختفاء رجال المرور ولا أعلم ما علاقتهم بما حدث فغيابهم يشكل أزمة مرورية, ولا أعلم إذا أراد المواطن أن يستغيث من أزمة أو مشكلة ماذا يفعل ؟ وبمن يستغيث ؟ الأمر جد خطير ويحتاج لسرعة استعادة رجال الأمن لدورهم وتناول اعلامي مساند لهم في نفس الوقت نطالبهم بالصبر والتريث وإذا واجههم مواطن باسلوب غير لائق, مطلوب من الطرفين الالتزام بالسلوك الإيجابي وعدم تعمد إهانة أي طرف للآخر حتي تعود الثقة كاملة. هناك حالات فردية سلبية في التعامل بين المواطن ورجل الشرطة لا يجوز تعميمها والقياس عليها لأنه في النهاية نحن بحاجة لرجال الأمن وأن المجتمع مرتبط بوجودهم ومن مصلحة جميع المواطنين استعادة هيبة ومكانة رجل الشرطة باعتباره حامي حمي المواطن والأمين علي صالحه وصالح المجتمع وخادم الجميع ووجوده ضرورة حتمية للحفاظ علي الاستقرار خاصة في ظل التوسعات العمرانية في أماكن كثيرة ومعاناة المواطنين في المناطق الجديدة من البلطجية واللصوص ويستلزم مواجهتهم السرعة والحزم من رجل الأمن. ومن هنا أقول لكل مواطن لا تفرح بالفوضي وتعاون مع رجل الأمن يحفظ لك أمنك, لا نريد أمنا سياسيا لكن نريد أمن المواطن الأمن الخدمي. يقول هشام خلف( مدير أحد الفنادق): من المهم عودة رجل الأمن وبقوة للشارع, لأن غيابهم يجعلنا نعيش في عدم أمان واستقرار مما يهدد حياتنا وأرواح أولادنا, البلطجة منتشرة بشكل لا مثيل له لدرجة أننا لا نستطيع الخروج ليلا, وبعد ماكنا نتباهي أمام السائح بأن مصر الأمن والأمان وننصحه أن يتحرك ليلا ونهارا بدون خوف أصبحنا مثل أمريكا لا نستطيع أن نخرج ونسير في شوارع مصر ليلا! لا وجود لأمن ولا أمان وأصبح السائح يخشي القدوم لمصر وعندما ندعو شركات السياحة للتحرك من أجل عودة السائح لا نجد استجابة في ظل الغياب الأمني الواضح والغردقة كمنطقة سياحية تغيب عنها السياح لأن السلطات الروسية منعت هبوط الطائرات الشارتر فيها بسبب حالة القلق وعدم الاستقرار الموجودة بالفعل والتي يكتب عنها في الصحف والغردقة تعتمد بالدرجة الأولي علي السياحة الروسية. وفي المناطق السياحية كان يوجد رجال شرطة السياحة بالزي المدني ودون أن يظهر سلاحهم حتي لا يشعر بوجودهم السائح الآن المدرعات موجودة في داخل المدن وفي الشوارع أمام السائح وهذا شيء يشعره بعدم الأمان. نعلم أن وجودهم ضرورة الآن في ظل الغياب الأمني لكن في الواقع أن مكانهم المفترض علي الجبهة والحدود وليس داخل المدن ولابد أن تعود الشرطة لمواقعها بأقصي سرعة فذلك دورهم ومهامهم وليس دور رجال القوات المسلحة, لذا أرجو عودة المهام الشرطية لكي تعود عجلة الانتاج للعمل ولكي يتحقق الاستقرار للمجتمع ويشعر المواطنون بالأمان ويعود السائح لمصر.