يقول نيكوس تساتالباس البائع بالعاصمة اليونانية أثينا إنه لا يعرف إن كان العجز أو الفساد هو السبب الرئيسي للأزمة المالية التي ضربت بلاده لكنه يعرف بوضوح كيف سيتغلب علي العقبات التي تنتظره. يخطط نيكوس للسفر في أقرب وقت ممكن. سوف يذهب إلي قبرص حيث النظام هناك ككل أفضل علي حسب اعتقاده. وأضاف تساتالباس الذي يبلغ من العمر 29 عاما: "اثنان من أصدقائي غادرا اليونان خلال الشهور الستة الماضية وعثرا علي عمل بأجر أفضل مما كانا يحصلان عليه في اليونان". وتقول مجلة "الايكونومست" إن تساتالباس يعد واحدا من عدد متزايد من الشباب اليونانيين الذين قرروا القفز من سفينة اليونان قبل غرقها من وجهة نظرهم بسبب أزمة الديون الطاحنة التي تسبب فيها الكبار وليس الشباب كما يقولون. بيحث يبلغ إجمالي الدين العام لليونان حاليا حوالي 300 مليار يورو 400 مليار دولار وهو ما يتجاوز إجمالي حجم الاقتصاد اليوناني. وتكافح الحكومة الآن من أجل إصلاح أساليب الانفاق العام وتحفيز نمو الاقتصاد مقابل الحصول علي حزمة قروض من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بقيمة 110 مليار يورو. وفي ظل توقع وصول معدل البطالة بين الشباب إلي 28% بنهاية العام الجاري فإن الكثيرين من الشبان اليونانيين الحاصلين علي شهادات تعليمية رفيعة يشكلون حاليا موجة جديدة من الهجرة حيث يبحثون عن مصيرهم في أسواق أجنبية مثل قبرص وبريطانيا وألمانيا وتركيا ودول الشرق الأوسط. ووفقا لمسح أجري مؤخرا فإن سبعة من كل 10 شبان يونانيين مستعدون لمغادرة البلاد نتيجة إجراءات التقشف التي قلصت الدخول وخفضت آفاق الوظائف. وقال 4 من بين كل 10 إنهم يبحثون عن فرصة عمل في الخارج أو يواصلون تعليمهم من أجل الفوز بفرصة عمل في الأسواق الخارجية. وأجرت المسح شركة "كابا ريسيرش" وشمل 5442 يونانيا تتراوح أعمارهم بين 22 و 35 عاما. من ناحيته قال انطونيس كافوراس من وزارة العمل والتأمين الاجتماعي في قبرص: "نري أعدادا متزايدة من اليونانيين الذين بدأوا يرسلون إلينا رسائل عبر البريد الالكتروني أو يزوروا مكاتب العمل في نيقوسيا خلال الأشهر الستة الأخيرة". وأضاف: "أغلبية هؤلاء اليونانيين من الشباب المتعلم في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهم حيث لا يجدون عملا أو فقدوا وظائفهم.. وقبرص تعد خيارا جذابا بالنسبة لليونانيين بسبب ارتفاع مستوي المعيشة والتشابه الثقافي مع الوطن الأم". كما قال مسئولون قبارصة إن عددا متزايدا من المدرسين اليونانيين تقدموا بطلبات للعمل في قبرص. وكان اقتصاد الاقليم اليوناني من قبرص قد حقق نموا طفيفا قدره 0،5% خلال العام الحالي بعد انكماشه بمعدل 1،7% العام الماضي في حين يبلغ معدل البطالة حوالي 7% أي أقل من متوسط معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي. ويعتقد تساتالباس مثل كثيرين غيره أن السفر هو الحل الوحيد نظرا لأن "باقي الأبواب الأخري مغلقة أمامه". وهناك آخرون مثل بيتروس الكساكيس ذو ال 26 عاما والذين يبحثون عن وظيفة لأول مرة بعد تخرجهم فإن باب العمل لن يفتح أبدا. فالشاب الكساكيس الحاصل علي شهادة في العلوم السياسية من جامعة بانتيون بأثينا يبحث عن وظيفة منذ عامين دون جدوي. ويخشي خبراء أن تؤدي هذه الظاهرة إلي استنزاف العقول اليونانية من خلال رحيل أفضل الشباب المتعلمين وذوي المهارات للعمل في الخارج. مصطفي عبدالعزيز