لم يكن يتوقع أحد أن منظمة محلية لليسار المتطرف عناصرها من الطلاب و صغار السن تنجح خلال يومين فقط في إعداد نحو20 طردا مفخخا و تقلب بهم اليونان رأسا علي عقب . و تتسبب في إثارة البلبلة حول الوضع الأمني في اليونان عبر أرجاء العالم في الوقت الذي تعاني فيه هذه الدولة الأوروبية من أزمة مالية تضعها علي حافة الانهيارحتي وقت كتابة التقرير.. و وفقا لمصادر من الشرطة اليونانية فإنه خلال يومين فقط( الاثنين و الثلاثاء) تم التوصل إلي نحو20 طردا مفخخا العديد منها تم إبطاله أو تفجيره تحت سيطرة تامة و لكن عددا منها أدي الغرض المراد منه سواء كانت نهايته الانفجار أم أنه وصل إلي هدفه مثل مكتب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل. ظهر أول طرد الاثنين الماضي في مكتب للبريد و توصيل الطرود في ضاحية بنقراتي الشعبية القريبة من وسط أثينا و التي عادة ما تشهد مثل هذه الأعمال الإعتدائية و الإرهابية و لكن تحرك الشرطة كان سريعا بناءا علي مكالمة تليفونية من السيدة التي ألقت الطرد علي الأرض فانفجر فيها و اصابها بإصابات طفيفة و كان المعتدي مرسل الطرد لا يزال خارج مبني المكتب و تمكنت الشرطة خلال دقائق من اعتقال الشخصين المشتبه فيهما و بحوزتهما الدلائل الأكيدة علي جريمتهما. وبعد ذلك توالت أحداث مسلسل استلام و انفجار الطرود و انفجر طرد ظهر الثلاثاء في ساحة السفارة السويسرية وسط أثينا و لم يسفر عن إصابات في الأرواح بل خسائر مادية بسيطة كما تمكن رجال المفرقعات أيضا من تفجير طرد مفخخ داخل سفارة بلغاريا في ضاحية بسيشيكو شمال أثينا و الآخر في ساحة البرلمان اليوناني حيث وصل هناك أيضا طرد مفخخ كان في طريقه إلي سفارة تشيلي و انفجر طرد في السفارة الروسية و هو عبارة عن صندوق حديدي قام مجهول بإلقائه من خارج سور السفارة و أيضا لا إصابات. وقد طالت الطرود المفخخة طالت في أثينا كلا من سفارات هولندابلجيكاالمكسيك بلغاريا سويسرا ألمانيا تشيلي بنما روسيا وأيضا البرلمان اليوناني وعنوان منزل الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي بالإضافة إلي طرد مفخخ تم توجيهه إلي قيادة مطار الفسينا الحربي غرب أثينا و طرد آخر تم إرساله إلي قسم شرطة ضاحية بنقراتي و التي يوجد فيها مكتب البريد الذي انفجر فيه أول طرد ملغوم و أصاب موظفة في المكتب و ايضا طرد ملغوم وصل إلي مكتب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل. كما ذكرت الشرطة أنها أبطلت مفعول طردين في مخزن لإحدي شركات البريد في مطار أثينا الدولي كانا في طريقهما إلي المحكمة الأوروبية و المفوضية الأوروبية و أيضا هبوط اضطراري في بولونيا لطائرة كانت متجهه إلي إيطاليا وعلي متنها طرد مفخخ لرئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني. وعلقت السلطات اليونانية عمليات إقلاع طائرات الشحن لمدة يومين للسيطرة علي الطرود الملغومة كما أنها طلبت من مكاتب البريد عدم تسلم أي طرود أو مظاريف إلا بالبطاقة الشخصية و كتابة بيانات كافية عن المرسل. وتشهد أثينا حاليا إجراءات أمنية مشددة في إحياء وضواحي العاصمة للسيطرة علي شبح الطرود المفخخة و اعتقلت الشرطة شابين عمرهما22 و24 سنة و عثر في حوزتهما علي أسلحة و سترة واقية من الرصاص ومعهما طرد مماثل لذلك الذي انفجر في شركة البريد و هذا أكد للشرطة صلتهما بعملية الطرود و وزعت الشرطة صور المتهمين و طلبت من المواطنين التعاون مع الشرطة و الإدلاء عن أي معلومات تخص المتهمين الاثنين للتوصل إلي بقية أعضاء المنظمة. وذكرت الشرطة أن أحد الشابين المقبوض عليهما والذي يبلغ من العمر22 سنة هو اتهم من قبل بالانتماء لمنظمة خلايا مؤامرة النيران و لذلك تستبعد الشرطة صلة الطرود المفخخة في اليونان بمنظمة القاعدة وذكرت أن لها صلة بمتمردين يساريين و خاصة هؤلاء الذين يحتجون علي السياسات الحكومية. وفي هذا الصدد اعتقد أن هذه الأفعال و إن أكدت التحقيقات أنها من فعل المنظمة اليسارية فقد تأتي من جراء السياسات الأوروبية ضد اليونان حيث يري الشعب اليوناني أن أوروبا هي السبب في سقوط اليونان في الأزمة المالية الحالية وإن كان الاتحاد الأوروبي قد ساعد اليوناني بمبلغ110 مليارات يورو, ولكن هذه مساعدات علي هيئة قروض ويري اليونانيون أنهم سوف يدفعونها أضعافا مضاعفة. كما تأتي ظاهرة الطرود مع اقتراب البلاد من اجراء انتخابات محليات يوم الأحد المقبل و هناك اهتمام كبير بهذه الانتخابات من قبل الحكومة و رجال السياسة خاصة وأن الشعب يعاني من إجراءات تقشفية صارمة و بدأ يتجرع كاس مرارة التقشف و الفقر و البطالة و ركود الاسواق مما قد يكون دافعا لأن يقوم بعض المتطرفين بأعمال عدوانية في بلد طالما كانت الديمقراطية الحقيقية و الميسرة عنوانا لها. ووفقا للمصادر فإن أحد المعتقلين المشار إليهما كانت الشرطة تبحث عنه منذ اشهر لانتمائه إلي مجموعة' مؤامرة الخلايا النارية' الفوضوية و هذه المنظمة عناصرها من الشباب و الطلاب صغار السن و تبنت هذه المنظمة منذ2008- وقت ظهورها- العديد من الاعتداءات التي لم توقع ضحايا من بينها هجوم بالمتفجرات علي البرلمان اليوناني في يناير الماضي. وكانت الشرطة قد القت القبض علي تسعة من أعضاء هذه الحركة منذ ظهورها إثر عثور الشرطة في سبتمبر2009 علي مخبأ للتفجرات في إحدي ضواحي أثينا وكانت قد استخدمت الجماعات اليسارية المتطرفة والمسلحة اليونانية الرسائل الناسفة في الماضي ضد الوزارات والشركات الحكومية. و في بيان رسمي صادر عن الحزب الشيوعي اليوناني حذر من التهديدات و إثارة البلبلة و التي تأتي في إطار المنافع الشخصية لجهات أو دول معينة و خلق مناخ استفزاز في البلاد,. ودعا بيان ثالث أكبر الأحزاب السياسية في البلاد إلي توخي الحذر و الذي جاء فيه أن هذه التهديدات تشبه تهديدات زعيم القاعدة بن لادن ضد فرنسا و الرئيس ساركوزي. يذكر أن في يونيو الماضي انفجر طرد مرسل إلي وزير حماية المواطن( وزير الأمن العام) حينذاك ميخاليس خريسويودس و انفجر الطرد في غرفة انتظار مكتب الوزير ما أدي إلي مقتل المسئول عن أمن الوزير. وأعتقد أن مثل هذه الأحداث تهدف إلي إثارة الارتباك فقط ويقوم بها شباب أو صبية هدفهم الرئيسي هو زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد, وقد يأتي ذلك خوفا من المستقبل الذي ينتظروه حيث يرون أن الحكومة والمعارضة لا تهتم بمستقبلهم الغامض في ظل الازمة التي تعاني منها البلاد, ويري الكثيرون أن اهتمام الحكومة بالانتخابات وكيفية الحصول علي أكبر عدد من الأصوات ويأتي علي حساب اهتمامها بالمعاناة التي يعيشها الشارع اليوناني. و تشير دوائر المراقبة إلي أن عملية الطرود الملغومة و العمليات الاعتدائية من وجهة نظرهم قد تظهر في الفترة المقبلة بصورة اكثر نظرا للاحتقان الذي يعيشة الشعب اليوناني لاسيما من جراء السياسات الأوروبية السلبية ضد اليونان حيث تم عرض اقتراح في القمة الأوروبية الماضية أن أوروبا بصدد حجب الدولا المتعثرة و المدانة, وفي مقدمتها اليونان بالطبع عن التصويت في قرارات الاتحاد الأوروبي, وقد أدي ذلك إلي إيجاد قاعدة عريضة من الشعب اليوناني تكره و تغضب من الاتحاد الأوروبي. و أخيرا و ليس آخرا يبقي السؤال المحير.. هل هذه الأعمال العدوانية و الاعتدائيه التي طالت مسئولين و جهات و دولا متعددة و مختلفة.. هل فعلا يقف وراءها منظمة خلايا مؤامرة النيران كما ذهبت إلي ذلك أذهان القيادات الأمنية في البلاد.. أم أن هناك قوي خفية خارجية تخدم أغراضا سياسية أو اقتصادية أو أمنية تختبئ خلف هذه المنظمات المحلية و لم تعرف بعد؟ عموما التحقيقات مستمرة و سوف يظهر ذلك جليا في الأيام المقبلة و قد يكون في الساعات أو الدقائق المقبلة.