لم يكن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات والذي صدر الأسبوع الماضي صادما أو مفاجئاً لنا حيث إن ما تضمنه التقرير كان معروفاً للكثيرين وخاصة فيما يتعلق منه ببنود لخصخصة ومعدل الفقر والأزمات المتلاحقة والمتكررة التي لحقت بالشعب المصري منذ تولي الحكومة الأولي لأحمد نظيف في يوليو 2004 ولكن المفاجأة كانت في البند السابع عشر من بيان الجهاز المركزي للمحاسبات والخاص بالدين العام والذي تجاوزت نسب هذا الدين داخيا وخارجيا الحدود الآمنة وذلك من نهاية يونيو الماضي حيث إن صافي رصيد الدين العام الداخلي 888 مليار جنيه بنسبة 73،6% من الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغ مجموع صافي رصيد الدين الخارجي 92 مليار جنيه بنسبة 15،9% من الناتج المحلي الإجمالي، ليصل مجموع صافي رصيد الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي إلي 1080 مليار جنيه بنسبة 89،5% من الناتج المحلي الإجمالي في 30 يونيو 2010 ليؤكد أن الناتج بلغ 1378 مليار جنيه وهو ما جعل الدين العام خارج الحدود الآمنة منذ أكثر من 8 شهور ولاستمرار وزارة المالية في أسلوبها الملتوي في إصدار البيانات والتعامل مع الشعب باستخفاف حيث صدر بيان صحفي نشر في 16 فبراير الحالي يؤكد قدرة الاقتصاد المصري علي استيعاب خسائر الأحداث الأخيرة وتراجع العجز الكلي إلي 4،4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2010/2011 كذلك اتصالنا بوزارة المالية للوصول إلي أي مسئول للإجابة عن هذا التناقض فلم نستطع الوصول إلي أي من مساعدي وزير المالية لتوضيح هذا التناقض. الحدود الآمنة أمجد حجازي بوحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية أكد أن هذه الأرقام الخاصة بالدين صحيحة كأرقام مطلقة ولكن يجب ألا يدعي أحد أنها خارج الحدود الآمنة دون تحديد ما هي الحدود الآمنة التي يتحدث عنها وعلي أساسها قيم حجم الدين بأنه ارتفع عن الحدود الآمنة حيث إن قدرة المصري علي خدمة أعباء الدين العام هي المؤشر الحقيقي الذي يتم من خلاله تقييم ما إذا كانت حدود هذا الدين آمنة أو غير آمنة مؤكدا أن نسبة الدين اعام بشقيه الداخلي والخارجي تقل بكثير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من عام لآخر. وأشار حجازي إلي أن الدين المحلي الداخلي بلغ 810 مليارات جنيه بنسبة 7_% من الناتج المحلي الإجمالي في مارس الماضي وقد انخفض إلي 63% من الناتج ليصل إلي 864 مليار جنيه في نهاية سبتمبر ،2010 في حين كان الدين الخارجي في يونيو ،2010 33،7 مليار دولار بنسبة 16% من الناتج المحلي الإجمالي وانخفض هذا الدين في سبتمبر الماضي إلي 14،3% بقيمة 34،7 مليار دولار. وأشار أمجد حجازي إلي أن الدين العام يزيد كقيمة ورقم مطلق وذلك نتيجة طبيعية لزيادة عجز الموازنة نتيجة قلة الإيرادات عن الموارد في حين ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدلات متسارعة تفوق معدلات نمو أرصدة الدين العام سواء الداخلي أو الخارجي وعلي هذا الأساس يتم تحديد الحدود الآمنة للدين العام. وقد تضمن بيان الجهاز المركزي أيضا تضخم المديونية المستحقة علي وزارة المالية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي حيث بلغت هذه المديونية 121 مليار جنيه في 30 يونيه 2010 نتيجة توقف وزارة المالية عن تحمل الأعباء الملتزمة بها قانونا عن العام المالي 2009/2010 وأعوام سابقة مما أدي إلي حرمان الصندوقين الحكومي والخاص من عائد استثمار هذه الأموال، وأثر ذلك علي حقوق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات، رغم أن وزير المالية السابق أعلن من قبل إصدار صك علي الموازنة لصالح هيئة التأمينات الاجتماعية لصندوقيها الحكومي والأعمال والخاص بقيمة مديونيتها للتأمينات بحوالي 189 مليار جنيه. فأين الحقيقة بين تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وبين ما تم إعلانه من قبل من اصدار هذا الصك الذي مازال الجهاز المركزي يطالب بوزارة المالية باصدار هذا الصك علي الخزانة العامة لصالح الصندوقين بقيمة تلك المديونية والاستيضاح الحقيقة حول هذه المديونية الخاصة بصناديق التأمينات والمعاشات حاولنا الاتصال بالدكتور سمير رضوان وزير المالية عن طريق مكتبه وعلي تليفونه المحمول ولكنه لم يجب وفي مكتبه حولتنا السكرتيرة للإعلام