ألقت الاضطرابات السياسية التي تشهدها مصر بظلالها علي الاقتصاد العالمي بشكل مباشر لاسيما أن الاقتصاد المصري مساو لاقتصاد إحدي الولاياتالمتحدةالأمريكية فضلا عن انها تعتبر منطقة جغرافية حيوية لامتلاكها قناة السويس التي تعتبر الرابط الوحيد بين أوروبا وآسيا والمعبر الرئيسي لناقلات النفط القادمة من الشرق الأوسط إلي دول شمال المتوسط والأمريكتين. يقول المحلل الاقتصادي لشئون الشرق الأوسط وآسيا في مؤسسة روبيني جلوبال ايكونوميكس ريشيل زيمبا إن ما يجري الآن في مصر يعزز من عدم القدرة علي إمساك زمام الأمور في التنبؤ في التأثير علي الأسواق العالمية وان الاقتصاديين والمستثمرين يخشون من مخاوف تعطيل صادرات النفط من المملكة العربية السعودية والدول المجاورة وهو ما أدي إلي حدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط العالمية والتي وصلت إلي 100 دولار للبرميل وهو رقم يقارب اسعار النفط قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية من1 عام 2008 . واذا كان اسعار النفط قد ارتفعت إلا انها لا تشكل خطرا كبيرا علي الامدادات النفطية بسبب الازمه المصرية لكن الخطر الأكبر هو امتداد الاحتجاجات إلي مختلف إنحاء الشرق الأوسط. ويشير المحلل الاقتصادي إلي إن كل زيادة 10.70 دولار علي سعر البرميل النفط الخام من شأنه ان يضيف 25 سنتا علي سعر جالون البنزين في الولاياتالمتحدةالامريكيه ويؤدي إلي تقليص الوظائف بحوالي 270 ألف وظيفة سنويا. إضافة إلي أن امتداد الاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط يثير مخاوف المستثمرين من التنبؤ بسوق المال العالمي لاسيما في السنوات الاخيره. حيث شهدت قدوم عدد كبير من المستثمرين إلي الدول النامية لما لها من مصادر عاليه في ارتفاع سعر الإرباح والفائدة في السوق التجاري. اما نائب رئيس مركز التنمية العالمية تود موس يقول في صحيفة وول ستريت جورنال ان استمرار الاحتجاجات في كل من تونس ومصر واحتمال انتقالها إلي دول عربية أخري قد يزعزع الاستقرار ويكون لها أثار سلبية علي الاقتصاد العالمي تفوق ما ترتب علي أزمة الديون السيادية في كل من اليونان وآيرلندا لاسيما وانه عقب أندلاع ثورة الغضب المصرية خسرت كثير من أسواق المال العالمية مليارات الدولارات وهو ما وصفه بأنه كسراب حقيقي. واشار إلي أن الاحداث في مصر. وفي بريطانيا سادت حالة من القلق بين دوائر المال والأعمال من استمرار الأزمة السياسية في مصر واحتمالات تأثيرها علي المنطقة. فمع ارتفاع أسعار النفط يخشي أن يؤدي ذلك إلي ارتفاع أسعار الوقود للمستهلكين في بريطانيا. وكانت أسعار البنزين وغاز التدفئة والكهرباء قد شهدت زيادة بالفعل بداية الشهر الجاري بالإضافة إلي زيادة ضريبة المبيعات من 17.5% إلي 20% مما يؤدي إلي ارتفاع تكلفة نقل البضائع ومن ثم زيادة أسعار أغلب السلع. لكن الامر لا يقتصر علي ارتفاع أسعار النفط فقط فهناك مصالح بريطانية مباشرة بدأت تتأثر. اذ تعد بريطانيا أكبر مستثمر أجنبي في مصر ووصل حجم الصادرات البريطانية إلي مصر فيما بين يناير ونوفمبر العام الماضي إلي 1.14 مليار جنيه استرليني. وتخشي بعض الأعمال التي تستورد من مصر استمرار الاضطرابات بما يؤثر علي طلبياتها خاصة من المنسوجات والملابس. وتستورد سلاسل محلات التجزئة منسوجات من مصر بما يصل إلي 200 مليون دولار سنويا ويخشي العاملون في هذا القطاع من انتقال حمي التوتر إلي بلاد كالمغرب التي تورد أيضا المنسوجات لسلاسل محلات مثل ماركس اند سبنسر وأركاديا. وحسب بنك التسويات الدولية في بازل بسويسرا يصل حجم الانكشاف المالي للمصارف البريطانية في مصر إلي 10.6 مليار جنيه استرليني. وأكبر مصرفين بريطانيين يعملان في مصر هما اتش اس بي سي بنحو 100 فرع في عدة مدن مصرية يليه بنك باركليز ولديه 65 فرعا في مصر. ومن أكبر شركات الطاقة البريطانية العاملة في مصر بريتش غاز التي علقت أعمالها في موقعيها في القاهرة وأدكو قرب الإسكندرية وبدأت في إجلاء موظفيها الأجانب من مصر. وتتراوح الشركات البريطانية العاملة في مصر من شركة الاتصالات الكبري فودافون التي لديها 26 مليون مشترك في مصر وخسرت في غضون الأيام الأولي للإضرابات ما يزيد عن 7 ملايين جنيه استرليني نتيجة قطع خدمة الموبايل إلي سلسلة مقاهي كوستا. مصطفي عبدالعزيز