سيصل العالم في غضون سنوات قليلة إلي نقطة تاريخية ان لم يكن قد وصل إليها الآن بالفعل وهي ان نصف البشرية سيكون لديهم اطفال يكفون بالكاد لعمليات الاحلال الضرورية التي تحتمها الوفاة أي ان تعداد العالم السكاني لن يزيد كثيرا علي عكس ما كان متوقعا من قبل، حيث ان معدل الخصوبة لدي نصف نساء العالم سيصبح 2.2% أو أقل وهذا هو بالضبط المعدل اللازم للاحلال والتجديد وتقول دراسات قسم السكان التابع للامم المتحدة إن 9.2 مليار نسمة من اجمالي سكان العالم البالغ تعدادهم 5.6 مليار نسمة عام 2000 2005 كانوا يعيشون في بلدان هبط فيها معدل الخصوبة إلي تلك الدرجة أو أقل وان هذا العدد سيصبح 4.3 مليار نسمة من اجمالي يناهز ال 7 مليارات نسمة مع مطلع العقد القادم أما في منتصف ذلك العقد فإن النسبة ستبلغ 50% أو أكثر من اجمالي سكان العالم وان ذلك سيشمل ليس فقط روسيا واليابان وإنما ايضا البرازيل واندونيسيا والصين وربما كذلك جنوب الهند. والحقيقة ان تدني مستوي الخصوبة إلي نقطة الاحلال يعد واحدا من أهم وأكثر التغيرات الاجتماعية الدرامية في التاريخ الانساني وهو يأتي مصحوبا بتمرد طلاب إيران علي حكامهم وزيادة اعداد الناخبين من أبناء الطبقة الوسطي في دول مثل الهند واندونيسيا وظهور قري أكثر غني وأقل تعدادا في ماليزيا تحيطها المزارع الكبيرة المميكنة، وهو في الاماكن الاخري من العالم يغير حياة الاسرة التقليدية، حيث يمكن النساء من العمل ويتيح للاطفال حق التعليم ويحبط نبوءات مالتوس المتشائمة حول مستقبل البشرية والتي تري ان المطلوب لانقاذ العالم من الكوارث هو تقليل عدد السكان وليس مجرد خفض معدلات زيادة عددهم. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن معدل الخصوبة يعني متوسط ما تنجبه المرأة من أطفال خلال فترة قدرتها علي الحمل والتي تقدر بنحو 15 49 عاما وهو يختلف عن معدل المواليد الذي يعني عدد الاطفال الذين يولدون سنويا كنسبة من اجمالي عدد السكان - وإذا افترضنا عدم حدوث وفيات مبكرة للاطفال فإن معدل الخصوبة اللازم للاحلال يكون في حدود شخص أو أكثر قليلا لأن عدد المواليد من الاناث أقل من عدد المواليد الذكور، فالأبوين يحل محلهما طفلين، ولكن الانثي قد تموت قبل بلوغ سن الحمل ولأن معدل وفيات الاطفال يكون أعلي في الدول الفقيرة فإن معدل الخصوبة اللازم للاحلال يكون اعلي هو الآخر في تلك الدول ليصبح 1.2 وربما ،3 أما المستوي العالمي فهو 33.2 مع حلول عام ،2020 وفي هذا التاريخ سيصبح معدل الخصوبة العالمي لأول مرة أقل من معدل الاحلال ولكن المالتوسيين الجدد لا يعتقدون كثيرا باتجاه معدل الخصوبة إلي الانخفاض ويركزون علي الارقام المطلقة، حيث يرون ان تعداد العالم كبير وانه لايزال يتزايد حيث يتوقع ان يضاف إلي التعداد الحالي 4.2 مليار نسمة جدد في غضون الاربعين سنة القادمة أي حتي عام ،2050 ويقول خبراء الاممالمتحدة إن تعداد العالم سيظل يزيد رغم انخفاض معدل الخصوبة حاليا لأن الاناث اللاتي ولدن من قبل ستظل خصوبتهن عالية قبل ان تميل إلي الانخفاض بمرور السنين ولذلك فهم يقدرون ان تعداد العالم سيزيد من 8.6 مليار نسمة حاليا ليصبح 2.9 مليار نسمة مع حلول منتصف القرن الحالي وذلك مع افتراض استمرار معدل الخصوبة في الانخفاض بنفس التدرج الراهن. وتجدر الاشارة إلي ان معدل الخصوبة ينخفض حاليا بسرعة أكبر، ففي سبعينيات القرن الماضي كانت هناك 24 دولة فقط يقف معدل الخصوبة فيها عند 1.2 أو أقل وكانت كلها من الدول الغنية أما عدد هذه الدول حاليا فهو 70 دولة موزعة علي كل القارات بما فيها افريقيا، وفيما بين 1950 وعام 2000 انخفض معدل الخصوبة في البلدان النامية بمقدار النصف من 6 ليصبح 3 أطفال فقط أي ان متوسط عدد افراد الاسرة هبط إلي النصف في 50 عاما وخلال نفس الفترة انخفض معدل الخصوبة في أوروبا بمقدار النصف ايضا من 65.2 ليصبح 42.1 طفل، ولكن هذا كان معناه انخفاض متوسط عدد الاسرة الاوروبية بمقدار 23.1 طفل فقط، والحقيقة ان الوضع السكاني في العالم النامي الآن يشبه الوضع السكاني الذي كان سائدا في أوروبا خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أي خلال فترة التصنيع ولكن ما حدث في بريطانيا خلال ال 130 عاما "1800 1930" حدث في كوريا الجنوبية خلال عشرين سنة فقط "1965 1985"، فالتطورات تجري بسرعة أكبر وما كان يحدث في عقود عديدة صار يمكن انجازه خلال عقد واحد أو اثنين.