شهدت البورصة المصرية خلال الأيام الأخيرة مزيدا من الحيرة مع تصفية المراكز وتحقيق الأسهم تقدما بطيئا يميل نحو التقلب. ويبدي العديد من المراقبين قلقهم إزاء تباطؤ النمو الواضح في معدلات الأداء. ويتردد الخبراء في النصح بمواصلة الاستثمار في أصول الأسواق الناشئة وسط هذا التزاحم علي المتاجرة بها إلا أنه ثمة عدد قليل جدا من الخبراء ممن يحملون رأيا سلبيا إزاء المنطقة. ورغم أن الأسواق الناشئة مازالت تشهد تدفقات كبيرة للسيولة، غير أن هذه التدفقات تصبح مع الوقت أكثر فطنة وانتقائية، إذ بلغ إجمالي حجم التدفقات المالية إلي أسهم الأسواق الناشئة أعلي مستوياته مطلع أكتوبر الجاري. وكتأثير السحر، عادت ارتفاعات الأسهم للسيطرة علي الراغبين بجموح لتعويض خسائرهم بسرعة وعلي محبي الثروة السريعة، مدفوعة بحماسة غير مسبوقة من المحللين والمسئولين في الشركات، والتقارير المتخصصة بالأسهم للاستفادة من الفورة الجديدة. وتسربت هذه الحماسة لحث من لم يجرب طعم الأسهم الرابحة والتوجه سريعا إلي البورصة المصرية. ووسط هذه الموجة اللاهثة، والتي يتوقع لها الاستمرار إلي نهاية السنة للاستفادة من التوزيعات النقدية والمنح، باتفاق بين المحللين الفنيين والماليين، لا يختلف المراقبون أن صفقة شركة ويذر فيمبلكوم هي المحك الأكبر لاستمرار الموجة، حيث إن أي عرقلة في اتمام الصفقة ستعود بالمؤشرات إلي نقطة الأزمة، لأن الصفقة نفسها هي التي حفزت علي العودة إلي الاستثمار في الأسهم، وخير دليل ما جري من هبوط للسوق ولأسهم مجموعة ذات صلة تحديدا بعد تردد أخبار عراقيل. ثمة اجماع اليوم علي أن الهجمة المقبلة تذهب نحو قطاعات معينة كأسهم الخدمات والصناعة ومن خلفهما البنوك، والرأي الذي يشجع علي هذا الاستثمار يعتبر أنها قطاعات تشغيلية وقد وصلت أسعار معظم أسهمها إلي مستوي جذاب للاستثمار، خصوصا في القطاع المصرفي، إذ تعتبر أسعار أسهمه في منطقة الوسط فلا هي مرتفعة وغير منطقية للشراء ولا هي تحت القيمة الاسمية ولكن تبقي التساؤلات حول تأثره باتفاقية بازل 3. إن الإصلاحات المقترحة بموجب اتفاقية بازل 3 تهدف إلي زيادة متطلبات رأس المال وإلي تعزيز جودة رأس المال للقطاع البنكي حتي يتسني له تحمل الخسائر خلال فترات التقلبات الاقتصادية الدورية كما أن الانتقال إلي نظام بازل الجديد يبدو عمليا إذ أنه سوف يسمح للبنوك بزيادة رؤوس أموالها خلال فترة ثماني سنوات علي مراحل، ورغم أن تبني المعايير المقترحة سوف يتطلب من البنوك الاحتفاظ بنسب عالية من رأس المال وكذلك برأسمال ذي نوعية جيدة، فإن هذا الانتقال سيتم بشكل سلس بالنسبة للبنوك المصرية التي تتمتع برسملة جيدة، وهذا الأمر له مدلولاته الايجابية للاقتصاد المصري وسوق الأسهم. وأري أن تأثير الإصلاحات المقترحة علي القطاع البنكي المصري من المحتمل أن يكون محدودا نظرا لأن القطاع يتمتع بمستوي جيد من كفاية رأس المال البنك المركزي المصري تتطلب من البنوك الاحتفاظ بنسبة رسملة قوية وفقا لما هو مقرر في اتفاقية بازل 2. وفي حقيقة الأمر، فإن البنوك في مصر ظلت تحتفظ بنسبة أكبر من نسبة رأس المال المطلوبة من قبل البنك المركزي واتفاقية بازل 2. حيث كانت نسبة كفاية رأس المال (معايير بازل) للنظام البنكي كله أكثر ارتفاعا من متطلبات معايير بازل 2 التي حددت نسبة 8%. ونري هنا بوضوح حقيقة أن البنوك الأكبر حجما في مصر لديها نسبة كفاية رأس مال أعلي من نظيراتها من البنوك الأصغر حجما وتعتبر هذه إضافة أخري للوضع القوي من حيث كفاية رأس المال للقطاع البنكي في مصر.