مع بداية موسم جني القطن المصري سادت حالة من التفاؤل لدي الفلاحين والمصدرين بعد ارتفاع أسعار التوريد بسبب نقص الانتاج العالمي وعدم وجود مخزون من العام الماضي سواء في مصر أو الدول الموردة ومكاسب هذا العام تعوض خسائر العام الماضي والذي اتسم بالكساد بسبب الأزمة المالية ونقص السيولة، الأمر الذي أدي إلي انخفاض حركة التداول للقطن علي مستوي العالم بنسبة وصلت إلي 20% نظرا لانخفاض الطلب علي القطن والانخفاض في استهلاك القطن في صناعة الغزل والنسيج بنسبة تصل إلي 10% وهي نسبة ضخمة. ورغم ارتياح معظم العاملين بقطاع القطن لارتفاع أسعار التوريد هذا العام وبالتالي التصدير بعد زيادة المساحة المزروعة 25% وبالتالي زيادة الانتاج الكلي 8.2 مليون قنطار حيث وصل سعر القنطار الي 1160 جنيها مقابل 600 جنيه الموسم الماضي فإن هناك بعض التخوفات أبداها بعض العاملين سواء في مجال التصدير أو بقطاع الغزل والنسيج المحلي حيث إن ارتفاع الأسعار هذا من شأنه التأثير علي الصناعة الوطنية مما قد يهدد بعضها بالاغلاق نظرا لعدم قدرة العديد من المصانع علي استيعاب هذه الزيادات المتتالية في الوقت الذي يصعب فيه زيادة أسعار الغزول أو المنتج النهائي بنفس النسبة وفي نفس السياق أبدي بعض المصدرين تخوفهم من الارتفاع الهائل في أسعار التوريد والتي استفاد منها الفلاح بشكل كبير حيث حقق مكاسب حوالي 70% فرق سعر عن العام الماضي ورغم كونها ميزة في بعض الأوقات فإن استمرار الوضع الحالي قد يسبب مشكلة لأن موسم التصدير مازال طويلا وحدوث مضاربات سعرية بالسوق المصري من شأنها إلحاق الضرر بالفلاح والمصدرين علي المدي البعيد. يوضح أحمد البساطي رئيس شركة النيل الحديثة ورئيس اتحاد مصدري الاقطان ان الموسم الحالي الأفضل منذ عدة سنوات خاصة انه جاء بعد عام صعب انهارت فيه زراعة القطن محليا بسبب حالة الكساد العالمي في أعقاب الأزمة المالية العالمية ووجود مخزون كبير لم يتمكن المزارعون أو المصدرون من تصريفه مضيفا ان هذا العام تغير الوضع بشكل كلي ورغم زيادة المساحة المزروعة عن العام الماضي بنسبة 25% فإن الأسعار في ارتفاع مستمر منذ بداية الموسم في النصف الثاني من سبتمبر المنقضي إلي جانب توافر سوق صحي خارجي، الأمر الذي لم يكن متوافرا العام الماضي. البساطي يتخوف من زيادة الأسعار هذا العام ويتوقع أن تسبب مشكلة للمصانع المحلية خلال الموسم الحالي مشيرا إلي أن هذا الأمر لا يمكن تغييره لأن السوق المحلي مرتبط ببورصة القطن العالمية وقد يكون ما يحدث حاليا فرصة للمصانع لتعيد تفكيرها في أسلوب العمل حيث تلجأ معظم المصانع إلي الاعتماد علي القطن المصري قصير التيلة "مرتفع التكلفة" لانتاج منتج رخيص مما يعني سوء استخدام للقطن حيث يتم الاعتماد علي مدخل غالي لعمل منتج رخيص في الوقت الذي يمكن فيه الاعتماد علي أنواع أخري من القطن المستورد الذي يتناسب سعره وإمكانياته مع الآلات والماكينات المتوافرة بالمصانع المصرية. يضيف البساطي ان مشكلة اعتماد المصانع المصرية علي القطن المصري رغم عدم ملاءمته للماكينات قديمة وكان يتم التعامل معها قبل عام 1994 عن طريق قيام الحكومة بتقديم دعم للمصانع لتحمل الفرق بين سعر القطن المرتفع والمنتج النهائي منخفض السعر ولكن بعد عام 1994 قررت الحكومة تحرير أسعار القطن مما اضطر المصانع إلي دفع المقابل الحقيقي لسعر القطن وهنا تراكمت ديون القطاع العام والتي قاربت ال21 مليار جنيه، في الوقت الذي تعاملت فيه مصانع القطاع الخاص مع الموضوع بشكل أكثر موضوعية علي طريقة استخدام اقطان اخري تتناسب وإمكانيات مصانعها ولكن المشكلة زادت تعقيدا خلال الموسم الحالي لأنه تزامن مع ارتفاع اسعار القطن المصري طويل التيلة وارتفاع اسعار القطن المستورد قصير التيلة حيث شهدت الأشهر الثلاثة الماضية طفرة في سعر المستورد حوالي 40% في الوقت الذي لم تتمكن فيه المصانع من زيادة سعر المنتج النهائي بنسبة أكثر من 7%. ويوضح البساطي ان السوق جيد هذا الموسم والتعاقدات المبدئية تشير إلي حدوث انفراجة لتجاوز مشكلات الموسم الماضي ولكن هذا التفاؤل يشوبه الكثير من الحذر كونه تفاؤل زائد، الأمر الذي جعل الموردين يقومون برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه ورغم توقعنا أن يستوعب السوق العالمي الكميات المخطط تصديرها لكن المشكلة ان هناك آليات تتحكم في السوق الخارجي وقد تحدث مفاجآت في أي لحظة من شأنها تغيير الوضع الحالي مشيرا إلي ان المشكلة التي وقع فيها العاملون بقطاع القطن بمصر هو التعامل مع ارتفاع الأسعار الحالي بتفاؤل أدي لحدوث طفرات سعرية