سنوات عجاف تحملها الفلاح المصري من جراء زراعته القطن بعد أن تحول من ذهب أبيض إلي عبء لايعرف كيف يتخلص منه بأي ثمن.. وحتي بأقل من سعره!. وفجأة حدثت فيضانات في باكستان والهند والصين فانخفض العرض مع زيادة الطلب ليرتفع السعر العالمي بنسبة100% فزاد الطلب علي القطن المصري. وارتفع سعره بنسبة تزيد علي90%, وعندما فرح الفلاح بذلك استقبل أصحاب المصانع الزيادة بالغضب, وبعد أن كانوا يرفضون القطن المصري ويفضلون عليه المستورد تقدموا إلي الحكومة بمطالب للحصول عليه وإيقاف تصديره بل وشرائه بسعر أقل من السعر العالمي!!,, نورت يا قطن النيل...ياحلاوة عليك يا جميل أغنية كنا نسمعها مع بدء موسم جني القطن كل عام.. ولكن بعد عزوف الفلاحين عن زراعة القطن بتنا لا نسمعها في البداية يعرب أحمد منسي أمين الفلاحين عن أسفه لما وصل إليه حال الفلاح بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها خلال السنوات الماضية جراء زراعته لمحصول القطن, فالدعم الذي قدمته الحكومة في العام الماضي لمحصول القطن لم يستفد منه الفلاحون وتم إعطاؤه للمحالج والتجار, وكان الهدف من هذا الدعم التخلص من المخزون الاستراتيجي الذي أطلقوا عليه الفضلة, وكان التخلص منه هو السبب في الأزمة التي تعاني منها المحالج نظرا لعدم وجود قطن في السوق. ويطالب منسي بالاهتمام بالفلاح والتعاقد معه قبل بدء الموسم الزراعي وإعلان أسعار التسليم بأسعار تحقق عائدا مجزيا للفلاح وأن يكون هناك تنسيق كامل بين ثلاث جهات أساسية هي وزارات: الزراعة والتجارة والصناعة والاستثمار حول احتياجات السوق المحلية ومتطلبات التصدير وبالتالي المساحة الواجب زراعتها, والاتفاق أيضا علي سعر التوريد ويكون هذا السعر ملزما لجميع الأطراف بغض النظر عن السعر العالمي سواء انخفض أو ارتفع. ويوضح أن ارتفاع سعر القطن أرجع الروح للفلاح بعد أن كان عزف عن زراعة القطن. لغة الأرقام يشير الدكتور محمد عبدالمجيد رئيس مجلس القطن إلي أن القطن يزرع عالميا في مساحة30 مليون هكتار بما يوازي75 مليون فدان ويعطي إنتاجا يتراوح بين23 و26 مليون طن, وأكبر الدول إنتاجا هي الصين والهند وباكستان وامريكا وأوزباكستان والبرازيل وتركيا, ويصل إنتاج مصر إلي حوالي1% من الإنتاج العالمي, وهناك نوعان من القطن يتم زراعتهما عالميا الأول قصير التيلة والمتوسط والثاني طويل التيلة المصري, وتصل نسبة النوع الثاني حوالي3% من إنتاج القطن, ومصر تستحوذ علي35% من النوع طويل التيلة بحوالي105 آلاف طن. ويضيف الدكتور عبدالمجيد أن حجم التجارة البينية للقطن عالميا تصل إلي7 ملايين طن في حين يصل حجم الاستهلاك إلي حوالي24 مليون طن وأن الدعم موجود في مصر ولكن يوجه إلي التجار, وقد تقدمت اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن بمذكرة في العام الماضي إلي مجلس الوزراء حصلت علي دعم325 مليون جنيه عبارة عن فرق سعر يحصل عليه المورد بواقع270 جنيها علي كل قنطار جيزة86 الذي يمثل70% من مساحة محصول القطن في مصر وحوالي170 جنيها علي قنطار قطن جيزة80 وجيزة90 الذي يزرع في الوجه القبلي. وبذلك يكون الدعم ذهب إلي التجار ولم يستفد منه الفلاحون, والعام الماضي هو عام استثنائي في تاريخ زراعة القطن حيث شهد زراعة مساحة أقل من285 الف فدان في حين وصل في نهاية الستينيات والسبعينيات الي اكثر من مليوني فدان بما يقارب35% من المساحة الزراعية وكان المحصول يزرع بشكل إجباري. ويتابع رئيس مجلس القطن أن الأسباب السابق ذكرها أدت الي ارتفاع الاسعار من40 سنت للرطل بالنسبة للقطن المستورد قصير التيلة إلي105 سنتات للرطل, أما القطن المصري فكان يتراوح سعره في العام الماضي ما بين75 و100 سنت للرطل ووصل العام الحالي إلي170 سنتا للرطل. ويرجع السبب وراء انخفاض السعر العالمي إلي الدعم الذي يحصل عليه مزارعو القطن الذي يصل في دولة مثل اليونان إلي100% وايضا في أمريكا وسوريا وأورباكستان في شكل دعم للصادرات, بينما يرجع السبب وراء الازمة العالمية في القطن لعدة أسباب الاول انخفاض الإنتاج العالمي خلال السنوات الماضية ليصل الي23 مليون طن بدلا من26 مليون طن, والثاني انخفاض المخزون العالمي من12 مليون طن ليصل إلي أقل من9 ملايين طن, والثالث قيام الدول التي حدثت بها فيضانات وكانت من كبري الدول المصدرة بإيقاف التصدير مثل باكستان والهند والصين لتغطية احتياجات مصانعها. ويكشف أن صناعة الغزل والنسيج وصلت إلي مرحلة التخلف في مصر فمنذ عام1994 حتي الآن لم تشهد أي تطوير أو ضخ للاستثمارات الجديدة في انتظار عمليات الخصخصة, واصبحت الماكينات القديمة لايمكنها الاستفادة من القطن المصري طويل التيلة كما يحدث في أوروبا, واعتمدت المصانع المحلية علي القطن المستورد قصير التيلة بجودة تقل كثيرا عن جودة القطن المصري, وذلك بسبب انخفاض سعر المستورد عن المصري! أين الأزمة ؟ من جهته يري عادل عزي رئيس اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن في الداخل عدم وجود أزمة في القطن حاليا وأن ما يحدث هو أمر مفتعل وأن الأسعار الحالية ليست جديدة علي القطن المصري, فقد وصل سعر القطن المصري في الثمانينيات إلي250 سنتا للرطل أي ضعف السعر الحالي, وكان هناك إقبال شديد عليه برغم ذلك خاصة من اليابانيين الذين كانوا مستعدين لشراء القطن المصري جيزة45 بهذا السعر حيث كانوا يصدرونه إلي أكبر بيوت الأزياء في فرنسا ولكن نظرا لعدم الاهتمام بالفلاح وتراجع المساحات ووقف التصدير إلي اليابان اتجهوا إلي الاستيراد من امريكا. ويوضح عزي أن لدينا إنتاجا يزيد علي العام الماضي الذي وصل الي1.9 مليون قنطار فقط في حين زاد الانتاج العام الحالي علي2.6 مليون قنطار, مشيرا إلي أن إنتاج مصر في الثمانينيات وصل الي12 مليون قنطار. وحول الدعم يوضح رئيس اللجنة التي تأسست بعد صدور القانون رقم210 لسنة1994 الخاص بتحرير القطن أن هذه اللجنة التي تضم التجارة الذين يتعاملون مع الفلاحين ويشترون منهم القطن لتوريده الي المحالج ويصل عددهم الي246 تاجرا تقدموا بمذكرة لمجلس الوزراء لطلب دعم لبيع ما لديهم من فضلة اشتروها خلال السنوات الماضية بأسعار مرتفعة وبلغ حجمها1.5 مليون قنطار وهل التجار علي هذا الدعم علي مرحلتين الأول150 جنيها للقنطار حتي مارس2010 وتبقي600 ألف قنطار ورفعت الدولة حجم الدعم بواقع70 جنيها اضافيا للقنطار, موضحا أن السبب في ارتفاع أسعار المستورد قيام بعض الدول المصدرة برفع الدعم عن القطن مثل اليونان فارتفع السعر العالمي إلي قرابة110 سنتات للرطل بدلا من55 سنتا العام الماضي للرطل متوسط للقطن الشعر. ويتابع أن التعاقدات الحالية للقطن الزهر جيزة86 وصل سعره إلي1220 جنيها للقنطار وكان سعره العام الماضي820 جنيها, ووصل سعر التصدير إلي180 سنتا بعد كان سعره العام الماضي120 سنتا فقط. الأول عالميا يدافع محمد عبد الحكيم مدير معهد بحوث القطن عن القطن المصري مؤكدا أنه الاول عالميا من حيث الجودة مهما حدث, موضحا عدم وجود أزمة ولكن هناك ارتفاع في الأسعار العالمية لانخفاض العرض عن الطلب وزيادة الطلب علي القطن المصري, وأن الإنتاج هذا العام سيصل الي2,7 مليون قنطار في حين يصل استهلاك المغازل المحلية الي3.5 مليون قنطار. ويقوم المعهد بإعداد دراسات حول إمكانية زراعة القطن في الأماكن التي لم يزرع فيها من قبل مثل شرق العوينات ومحطة بوسنمل والنوبارية ومع نجاح هذه التجارب بتلك الأماكن سيتم تعميمها خاصة أن لدينا700 ألف فدان في شرق العوينات تزرع في الشتاء ولا تزرع في الصيف يمكن استغلالها في زراعة القطن, وايضا يقوم المعهد بادخال أساليب حديثة في الزراعة باستخدام الجمع الآلي وذلك باستنباط اصناف تتناسب مع الجني الآلي لتقليل التكلفة بما يوازي40%, مع استخدام أساليب جديدة للري ولدينا تجربة حالية في محطة بحوث سخا لاستخدام الري بالرش علي مساحة40 فدانا بقطن صنف جيزة86 وجاء المحصول ممتازا وأيضا الري بالتنقيط في محطة بحوث النوبارية علي مساحة30 فدانا وسوف يتم جمعها لأول مرة آليا, كما أن مصر أول دولة تنتج القطن المعدل وراثيا لمقاومة ديدان ورق القطن وديدان اللوز بالاشتراك مع إحدي الشركات الأمريكية المتخصصة في الهندسة الوراثية, ومن المتوقع تعميم هذه البذور المعدلة وراثيا عام2012 علي نطاق تجاري.