شهر الصوم يقدم لنا فرصة اضافية لتصفية النفوس، وتهدئة الخواطر، وتعميق المشاعر الانسانية التي طغت عليها الاحتياجات المادية وكادت أن تطمسها طمسا، تقطعت الأرحام وتدمرت الصداقات وزادت العداوات، ضاع حق الأخ والجار والصديق، ولا حول ولا قوة الا بالله. شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري. شهر مميز عند المسلمين عن باقي شهور السنة الهجرية. فهو شهر الصوم، يمتنع في أيامه المسلمون عن الشراب والطعام والعلاقات الجنسية من الفجر وحتي غروب الشمس. كما أن لشهر رمضان مكانة خاصة في تراث وتاريخ المسلمين، بدأ فيه الوحي وأول ما نزل من القرآن علي النبي عليه الصلاة والسلام كان في ليلة القدر من هذا الشهر في عام 610 م، حيث كان رسول الله في غار حراء عندما جاء إليه جبريل، وقال له "اقرأ باسم ربك الذي خلق" وكانت هذه هي الآية الأولي التي نزلت من القرآن. القرآن الكريم - في رواية معظم المفسرين - أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا في رمضان، ثم كان جبريل ينزل به علي سيدنا محمد مجزءا بالأوامر والنواهي والأسباب، علي مدي عشرين سنة. اختلف العلماء في اشتقاق كلمة رمضان فقيل إنها من الرمض وهو شدة الحر، فلما وافق الشهر التاسع من التقويم وقت الحر الشديد أطلقوا عليه اسم رمضان، سواء جاء وقته في الحر أو البرد فيما بعد. قبل أن يأتي رمضان تجري استعدادت خاصة، تعلن حالة الطواريء في البيوت، في الأجهزة الحكومية في مواقع الانتاج، المواعيد تتغير في المخابز، وأماكن العمل، يرفع التجار الأسعار، تتوالي الاعلانات عن المسلسلات، الليل يستولي علي كل مساحة الاهتمام مع انفجار قذيفة الافطار، وانطلاق المآذن ترفع آذان المغرب يعلن للناس أن صوم يوم من رمضان قد انتهي، كما يعتقد معظم الناس. الحقبقة أن صوم يوم من رمضان لا ينتهي ساعة المغرب من كل يوم، ما ينتهي هو الامتناع عن المفطرات مثل الطعام والشراب، لكن حالة الصوم تظل باقية يوما بعد يوم وليلة بعد أخري حتي ينتهي الشهر الكريم، أما ما اصطلح عليه بعض الناس وروجوا له من أن الصوم ينتهي كل مغرب ويبدأ من جديد مع كل فجر فانه يندرج تحت التفسير المادي للصوم ويبتعد كل البعد عن مفهوم الفريضة التي وضعها الله عز وجل لتكون معبرا خاصا جدا وعلاقة مباشرة بين الله وعباده وخصص لها من الوقت شهرا من كل سنة ومن الشهور، شهر رمضان.