وفيما يخص رؤية خبراء الاقتصاد الزراعي لتلك التعديلات ومردودها علي حركة الاستثمار والتنمية الزراعية أكد دكتور محمود عيسي منصور مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي الأسبق أن ما شملته إعادة الهيكلة بخصوص قصر دور وزارة الزراعة علي البحوث والإرشاد والرقابة.. هو أمر ليس جديدا، حيث إن تلك القواعد والمهام تم ارساؤها لعمل الوزارة منذ عام 1986 مع بداية تطبيق الإصلاح الاقتصادي بالزراعة المصرية، حيث إن هناك برنامجا يتم السير عليه منذ ذلك لحين إلا أن المشكلة الأساسية أن إدارة القطاع الزراعي لا يقتصر علي وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي فحسب وإنما تقوم بها وزارة الموارد المائية والري بطريق مباشرة، ووزارات التجارة والصناعة والاستثمار، والداخلية، والعدل، والمجتمعات العمرانية.. وجميع الوزارات الأخري بطريقة غير مباشرة. وبالتالي فإن أي قرار يتخذ بخصوص إدارة القطاع الزراعي والسياسة الزراعية لابد أن يراعي التنسيق بين تلك الوزارات.. فالإدارة الزراعية عملية ليست هينة وذلك لاحتياجها لتعاون الجهات الأخري، فالأمن الغذائي مثلا تحقيقه لا يتوقف علي إدارة القطاع الزراعي وإعادة هيكلة مؤسساته وإنما يتوقف علي قرار وزارة الموارد المائية والري بصفة خاصة والتي لم تخضع حتي اليوم لأي برنامج للإصلاح الاقتصادي ولهذا فإن ذلك الأمر سيظل عقبة كبري أمام إدارة أي شيء بالقطاع الزراعي. وبسؤاله تحديدا حول ما تضمنته التعديلات من دمج بعض الهيئات وتحديد مهام جديدة للأخري أثني منصور علي ذلك وقال إنه لا جدال في أن هناك تداخلات كثيرة بعمل العديد من الهيئات وذلك لأن الهيكل الإداري للوزارة شديد التعقيد وكان معمولا به منذ فترة تدخل الدولة بالنشاط الزراعي، فعلي سبيل المثال هناك إدارة شئون المناطق الزراعية وأحد مهامها متابعة نمو الحاصلات ومدي تطورها ونشر بيانات عن مساحات المحاصيل وتطور إنتاجها. وفي نفس الوقت لدينا قطاع الشئون الاقتصادية بالوزارة يقوم هو أيضا بنشر احصاءات عن القطاع الزراعي مما يجعل هناك تداخلا في عمل الجهتين. وأضاف أنه بإحدي الدراسات التي أعدها قام بعمل رسم بياني للهيئات التابعة لوزارة الزراعة وأوضح كيف أنها معقدة ومركبة وتتواجد علي خمسة مستويات بدأ من مستوي التعاونيات في القري وحتي وزير الزراعة ومرورا بالمراكز والمحافظات والإدارات بالقاهرة. تضيع وقت ويضف دكتور جمال صيام رئيس مركز الدراسات الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة الإعلان عن إعادة هيكلة وزارة الزراعة وما شمله من تعديلات بأنه ليس سوي تضيع وقت ولا فائدة منه خاصة وأن ما تضمنه من تحديد لمهام واختصاصات للوزارة هي بالفعل أمور قد تم ارساؤها في إطار برنامج التكيف الهيلكي والذي كان من المقرر وفقا له أن يتم تحرير كل شيء.. الدورة الزراعية وأسعار المنتجات الزراعية، وكل هذا تم بالفعل منذ عام ،1993 ومن هذا التاريخ لا دخل للوزارة في أي شيء ماعدا ا ستلام القمح. فالوظيفة الأساسية للوزارة هي الارشاد والدراسات والمعلومات وهذا أعلنه الدكتور يوسف والي عندما كان وزيرا للزراعة منذ عام 1986. مشيرا إلي أن القضية ليست إعادة هيكلة مؤسسات وإنما تمويل وسياسات، فما هي فائدة دمج معاهد بحوث مع بعضها البعض في الوقت الذي لا توجد فيه من الأصل ميزانيات داعمة لجهودهم. فمعاهد البحوث الزراعية حاليا مخصصاتها تقدر ب 215 مليون جنيه فقط، وهو قطعا مبلغ هزيل ويجب أن يعاد النظر به بحيث لا يقل عن 500 مليون جنيه سنويا أي ما يوازي خمس الناتج الزراعي. ويضيف أن الأجدي من عمليات الهيكلة واللعب بالوزارة "علي حد تعبيره" وما يتطلبه ذلك من انفاق أموال طائلة أن يتم تعديل التشريعات المرتبطة بالزراعة ومن أهمها ايجاد قانون بديل للتعاونيات الزراعية وإصدار القانون الجديد لبنك التنمية والائتمان الزراعي والذي لا يزال معطلا، وكذلك قانون الزراعة والذي لم يتم تحديثه منذ عام ،1966 وقوانين الموارد المائية والري، وقانون الصيد، والأراضي الصحراوية. مؤكدا أن القطاع الزراعي بالفعل بحاجة لسياسات وتعديلات تشريعية حاسمة أكثر من احتياجه لعمليات الهيكلة التي يتم الإعلان عنها خاصة بالنسبة لبعض القضايا المهمة المرتبطة به والتي يعد أكثرها إلحاحا ايجاد قواعد واضحة تتسم بالشفافية لضبط عمليات الحصول علي الأراضي ولاسيما الجديدة والتي تقدر ب 3 ملايين فدان ويتم نهبها بطريقة عشوائية والمياه الجوفية بها تستنفد لأغراض غير زراعية.