لن ينسي المتعاملون خسارة مؤشر "داو جونز" الأمريكي اكثر من الف نقطة، قبل ان يعوض الجزء الاكبر منها بسرعة، خلال احدي جلسات التداول في شهر مايو من العام الجاري، بسبب خطأ جسيم في البرنامج الالكتروني المتحكم في عمليات التداول هناك، ومن ثم لم تتسبب أزمة الديون اليونانية الراهنة وحدها في الهبوط المفاجئ الذي شهدته اسواق المال الامريكية، والذي قاد معه السوق المصري الي تراجعات عنيفة، وباقي اسواق المال علي مستوي العالم، بل كان لانظمة التداول الالكتروني المستخدمة في بورصة نيويورك دور بارز في زيادة حدة الهبوط، كما انهارت اسهم شركة بروكتر اند جامبل، وهي من اكثر اسهم السوق الأمريكية استقرارا، لتفقد نحو 35% من قيمتها. وادي ذلك الي قيام البورصات الاخري، وشركات الوساطة المالية التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة في امريكا، وكذا هيئة الاوراق المالية والبورصات في نيويورك، باستخدام قواطع للدوائر لكل سهم علي حدة، ويكون الهدف من هذه القواطع هو ابطاء التداول في فترات التقلبات العالية، قي الاسواق، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. خبراء اسواق المال اكدوا انه ينبغي تطوير انظمة التداول الالكتروني المستخدمة في الوقت الحالي قبل فقدان ثقة المستثمرين، فيكفي علي المستثمرين حملا ثقيلا هو تحمل صدمات الانهيار التي تشهدها الاسواق يوما بعد الاخر، وكما اشارت الصحيفة الي ان في مقدمة تلك التحديثات ضرورة تصميم دائرة كهربية سريعة وتطوير نظام شامل من شأنه ان يتيح للمنظمين رؤية ما يجري بشكل اكثر وضوحا علي امتداد اسواق الاسهم وغيرها من شاشات التداول، فضلا عن ضرورة تفعيل دور الاشراف علي منظمي تلك الدائرة الكهربية، لان تلك الصناعة مليئة بالخدع. يعلق احمد زينهم مدير شركة تي. إم. تي للأستشارات المالية قائلا ان اعطال التداول الالكتروني ليست وليدة اليوم، فمنذ فترات كبيرة شوهد عدم ثقة الكثير من المستثمرين في التداول الالكتروني للأسهم، خاصة بعد الاعطال المتكررة بتنفيذ اوامر البيع والشراء مما كبدهم خسائر كبيرة، تجعلهم يتساءلون عن اسباب عدم التنفيذ فتكون المفاجأة من قبل الموظفيين بأن عطلا اصاب نظام التداول، وبالتالي تطرح عدة تساؤلات منها ماذنب المستثمر، ومن يتحمل مسئولية خسائره، وما البدائل التي يمكن ان تحميه من تلك الانظمة؟ ويضيف انه بالنظر الي شبكة الانترنت فهي شجعت علي تسهيل عمليات عقد الصفقات للمشتقات المالية دون اي تكلفة، مما ضاعف من حجم هذه العمليات وسهل توزيعها علي مختلف مناطق العالم، وفي ظل النمو الكبير لهذه العمليات واهميتها، طالب مراقب الخزانة الامريكي بالرقابة علي هذه الصفقات، لكن طلبه واجه رفضا شديدا من رئيس الاحتياط الفيدرالي الامريكي الاسبق آلان جرينسبان، حيث اعتبر الانترنت اداة تساعد علي اعادة توزيع المخاطر علي مستوي العالم، ومن ثم فان رؤية جرينسبان في الانترنت بانها الطريقة السريعة والمثلي لاعادة صياغة الرهن العقاري في شكل اصول جديدة يتم عرضها علي مؤسسات الاستثمار حسب الطلب، داخل الدولة وعلي مستوي العالم، جعله يتناسي المخاطر التي تحيط بمثل هذه المشتقات المالية، حتي تسببت في انفجار الأزمة المالية العالمية الاخيرة، لذلك يعد جرينسبان سببا وئيسيا في حدوث أزمة الرهن العقاري. وأوضح ان حدوث ذلك الانهيار يكشف عن عدم وجود آلية في نظام التداول الالكتروني الحالي، لمنع خطأ جسيم من حدوث انهيار في سهم، ومن ثم ينبغي علي المنظمين ضرورة البحث عن سبل تعمل علي تقييد استخدام اوامر الاسواق، والا فالسبب الاوحد هو تطوير شامل لجميع الانظمة يعمل علي حماية الاسهم، والذي يعد في الاصل حماية للمستثمرين. ويشير الدكتور احمد جلال خبير اسواق المال الي ان انتقال التداولات من يد البشر ممثلة في تنفيذ اوامر البيع والشراء، الي انظمة الكترونية ممثلة في الكمبيوتر بالكامل تقريبا، وبالتالي فهو في يد الكثير من المتلاعبين، وبهذا الاسلوب فانه يصعب علي المسئولين والمنظمين امكانية القدرة علي مراقبة العديد من المتلاعبين بصورة مباشرة، موضحا ان ما حدث لمؤشر داو جونز ولاسهم مثل بروكتر آند جامبل وشركة الاستشارات الامريكية العملاقة اكسنشر لهو اكبر برهان علي اوجه القصور التي تعتري النظام الالكتروني الحالي، ومن ثم يجب التعلم من ذلك، فيكفي ان المستثمرين لديهم القدرة حتي الوقت الحالي علي الاستمرار في ظل الأزمات المتتالية التي يشهدها الاقتصاد العالمي.