سائق سيارة نقل قاد سيارته في الصباح الباكر بسرعة جنونية فتسبب في تحطيم 17 سيارة وإصابة 35 من ركابها في حالة خطيرة في حادث مروري علي الطريق الزراعي! والحادث لا غرابة فيه، ولا جديد أيضا، فهو من حوادث المرور القاتلة المتكررة التي أصبحت تشكل خطرا علي المجتمع يتجاوز كثيرا خطر الإرهاب الذي من أجله تم مد العمل بقانون الطوارئ! وحقيقة لا نعرف ما الذي يمكن أن نفعله في مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يجعل الموت متربصا بنا في كل مكان وفي أي وقت.. فقد ثبت أن قوانين المرور لم تفلح في الحد من حوادث المرور والفوضي المرورية، كما أن تطبيق هذه القوانين لم يكن أبدا بالكفاءة المطلوبة أو بالحزم الذي يعيد الانضباط إلي الشارع.. فقد كنا نشكو من "الميكروباصات" وما تسببه من رعب في شوارعنا، وقبل أن نعالج مشكلة الميكروباصات واجهنا زحف "التوك توك" والآن تتزايد المشكلة مع سيارات النقل القاتلة التي تنطلق علي الطرق السريعة في غرور وغطرسة تتحدي كل الضوابط والقوانين والأخلاقيات. ففي كل طريق من الطرق الدائرية والسريعة هناك لافتات تطالب قائدي سيارات النقل بالتزام المسار الأيمن اثناء السير، وتحذر من تجاوز المسار المحدد لها، ومع ذلك فإن كل الطرق تشهد سباقا مجنونا لسيارات النقل وإغلاقا كاملا للمسار الأيمن والمسار الأيسر، وحجبا للرؤية لبقية السيارات واستخداما للأضواء المبهرة للعبور من السيارات الصغيرة، وتساقطا مستمرا من حمولة هذه السيارات الضخمة علي السيارات المجاورة! ولقد كتبنا في هذا مرارا وتكرارا وقلنا ان المنظومة المرورية في مواجهة هذا التسيب علي الطرق السريعة في حاجة إلي تعديل وتطوير فأسلوب الكمائن المرورية الثابتة لا قيمة له لأن السائقين يحذرون القادمين من الاتجاه الآخر بوجود الكمين بإشارات عن طريق أنوار السيارات. وقلنا إنه لابد من زيادة ووجود الدوريات المرورية المتحركة علي جانبي الطرق والتي تقوم بملاحقة أي سيارة مخالفة واتخاذ الإجراء القانوني اللازم معها في الحال. ولابد في هذا أن نعيد التشديد علي أهمية مراقبة ومراجعة طرق ضبط المخالفات المرورية التي لم تعد تتم من أجل الحد من الانفلات المروري بقدر ما أصبحت لدي بعض ضعاف النفوس وسيلة للتربح وقبول الرشوة للتغاضي عن المخالفات، وصارت أسلوبا متعارفا عليه يشجع المخطئ علي تكرار فعلته ما دام قادرا علي التفاهم مع رجال المرور! إن الرئيس مبارك عقد اجتماعا خاصا لبحث المشكلة المرورية التي أصبحت مستعصية ومزمنة في ظل عدم تنفيذ التوصيات والأفكار التي طرحت للإسهام في تخفيف الأزمة التي لم يتم التعامل معها بجدية لازمة، ولم تتحرك الحكومة في مواجهة هذه الأزمة بما تستحقه من اهتمام وأولوية. ولابد في هذا أن تعلن الحكومة أن القضية المرورية هي القضية القومية الأولي لهذا الوطن، وأن يكون هناك استنهاض وبعث جديد للأمة في مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتربص بنا والذي جعل من شوارعنا ساحات للموت، وحول طرقنا إلي مقابر لنزيف مستمر علي الأسفلت في سلوك غير حضاري لشعب ينتحر ولا يلتزم بأي قواعد أو آداب مرورية، لأنه علي ما يبدو لا يعرف ولا يريد أن يعرف أن هناك قواعد وآدابا وسلوكا مرورية غير الذي يمارسه تماما.. وأن أحدا أيضا لم يعلمه ذلك..! ويكفي أن نشير هنا إلي ما قيل من قبل عن سائق النقل الذي يقود سيارته بساق مبتورة، وآخر يقودها وهو يدخن الشيشة داخلها، وصبية يقودون جرارات زراعية علي الطرق السريعة، ومطبات صناعية مفاجئة بلا أي علامات تحذيرية لا تحمي المشاة بقدر ما تسبب الحوادث القاتلة عند الوقوف المفاجيء لتجنبها وحيث يحدث الاصطدام من الخلف للقادم بسرعة وحيث من الممكن أن يؤدي وجود هذا المطب إلي تصادم العديد من السيارات في ثوان قليلة..! إن الأمثلة كثيرة التي تدل علي أن كل شي علي طرقنا لا يقود إلا إلي وقوع حوادث مرورية قاتلة أصبحت الآن مجرد أخبار عادية، وقد لا تنشر أيضا لأن الناس قد ملوا قراءتها ولأن الناس لم يعودوا تستغربون حدوثها ولأن الناس ينتظرون حدوث ذلك لهم وبنفس الطريقة..!