قد يؤثر بركان ايسلندا الذي جعل شمال أوروبا "منطقة حظر طيران" علي الرحلات الجوية الدولية لعدة أشهر مما يطرح سؤالين مهمين.. إلي متي ستستمر ثورة البركان وهل سيواصل إطلاق سحب الغبار؟ تسببت ثورة البركان تحت منطقة إيافيالايوكول بشكل أقوي عشر مرات من ثورة في منطقة قريبة الشهر الماضي- في انطلاق سحب من الغبار وأحدثت فيضانا خطيرا خلف أضرارا كبيرة وشرد مئات الأشخاص. ثم انتشرت سحابة الرماد في اتجاه الجنوب الغربي نحو أوروبا علي ارتفاع نحو 18 كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر مما دفع السلطات لوقف حركة الطيران في أنحاء المنطقة. قالت سلطات الطيران المدني في بريطانيا إن المجال الجوي للمملكة المتحدة سيغلق بتوقيت علي أن تواصل هيئات الأرصاد الجوية في أنحاء أوروبا مراقبة السحابة. والتكهن بمدة ثورة البركان والسحابة أمر صعب. ولكن ثورة سابقة استمرت أكثر من 12 شهرا. كما أن كثيرا من الأمر يعتمد علي ما إذا كان البركان سيواصل إطلاق الغبار وما إذا كانت الرياح ستواصل دفع هذا الغبار إلي أوروبا. وقال البروفسور بيل ماجواير من مركز أبحاث المواد الخطرة في أيون بينفيلد "أتوقع أن يستمر هذا الإغلاق لمدة يومين.. ولكن إذا استمر انبعاث الغبار يمكن أن نري اضطرابا (في رحلات الطيران) علي مدي الأشهر الستة القادمة أو نحو ذلك". ويقول معظم الخبراء أن أكثر السيناريوهات ترجيحا هو أن تتباين قوة ثورة البركان مما يسبب تهديدات من وقت لآخر لحركة الطيران في أوروبا. وقال ماتيو واطسون المحاضر في مجال المخاطر الطبيعية الجيوفيزيائية بجامعة بريستول "ما حدث ليلا هو أن البركان انفجر بشكل أكثر عنفا وأطلق الغبار لارتفاعات عالية جدا". وأضاف "إذا عاد إلي ما حدث من قبل -وأنا لا أملك بلورة سحرية للتنبؤ- فعندئذ سيكون لزاما الانتظار حتي يصبح المجال الجوي صافيا". وفي عام 1783 أطلقت ثورة بركان لاكي في أيسلندا سحابة من الغبار والغازات الكبريتية في أنحاء أوروبا معظم أيام صيف ذلك العام وحتي عام 1784 مما تسبب في ارتفاع درجة الحرارة أثناء فصل الصيف وتلوث الهواء الأمر الذي زاد من معدل الوفيات في عدة دول. وليس من المتوقع هذه المرحلة أن ينجم عن ثورة البركان الحالي انطلاق غازات كبريتية مشابهة لذا فإن الآثار ستكون أقل. كما سيتوقف الأمر علي ما إذا كانت الثورة الحالية ستؤدي إلي ثورة بركان كاتلا القريب. وفي حالة حدوثه فستكون الآثار أكبر. موقع ايسلندا يعني أن ثورة البركان يمكن أن تؤدي إلي اضطراب أوسع ناقا في الرحلات الجوية الدولية مما يضر بصناعة الطيران بعد بضعة أيام فقط من إعلان المنظمة الدولية للطيران المدني أن شركات الطيران تتعافي ببطء من أثار الركود العالمي. وقال جون سترايكلاند مدير (جيه.إل.إس. كونسلتينج) لاستشارات النقل الجوي "ايسلندا تقع علي واحد من الممرات الرئيسية بين أوروبا والولايات المتحدة.. وحسب الأحوال الجوية يمكن أن يؤثر الغبار أيضا علي الرحلات من أوروبا إلي أسيا. لذا فهناك اتجاهين دوليين كبيرين يمكن أن يتأثرا بذلك". "حتي إذا بدت السماوات فوق شمال أوروبا صافية يمكن أن تحدث حالات اضطراب لرحلات أخري أو تضطر بعضها لاتخاذ مسارات أطول مما يزيد التكلفة أو يستدعي هبوط الطائرات لأنها لا تستطيع القيام برحلة مباشرة". وإغلاق المجال الجوي علي هذا النطاق غير مسبوق نسبيا وعلي المدي القصير سينجم عنه خسائر مالية وزيادة في التكاليف بالنسبة لشركات الطيران يصعب تحديدها بدقة. وقالت شركة بريتش ايروايز إن اضطراب الطيارين علي مدي سبعة أيام في مارسر -الذي تسبب في الغاء 20% من رحلاتها الطويلة و40% من رحلاتها القصيرة وهي نسبة أقل بكثير مما أحدثته السحابة البركانية -كلفها نحو عشرة ملايين دولار يوميا. وتقدر جمعية وكالات السفر والسياحة البريطانية إن السحابة تؤثر علي خطط السفر لنحو 200 ألف بريطاني يوميا. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية إن الرحلات إلي أفغانستان تأثرت وأن الرحلات الخاصة بإعادة الجنود أو إجلاء الجرحي قد تحول إلي دول أخري إذا لزم الأمر. وأضاف المتحدث أن طائرات الهليكوبتر الخاصة بالبحث والإنقاذ تطير علي مستوي منخفض دون السحابة. وتسببت ثورات براكين سابقة مثل جبل بيناتوبو بالفلبين عام 1991 وجبل تشيتشون بالمكسيك عام 1982 في إطلاق الكثير من الغبار إلي الغلاف الجوي مما أدي إلي خفض درجة حرارة الكوكب لعدة أشهر. ولكن العلماء يقولون إن هذه الثورة صغيرة للغاية لدرجة أنها لا يمكن أن يكون لها أي أثر عالمي. وقال هانز أولاف هايجين باحث المناخ بمعهد الأرصاد الجوية النرويجي "هذا (البركان) ليس مثل بيناتوبو -حتي الآن حجمه ليس كبيرا بما يكفي لإحداث أثر عالمي".