ايجاد الوظائف هو اهم مشكلة تواجه الاقتصاد الامريكي في الوقت الراهن فمنذ بداية الركود في ديسمبر 2007 فقد الامريكيون 4.8 مليون وظيفة وصعد معدل البطالة الي نحو 10% وعند اضافة ارقام البطالة المقنعة يقفز هذا المعدل الي 8.16% ومع استعراض مختلف مشاكل امريكا الاقتصادية من تعثر الرهونات العقارية وحتي عجز الموازنة الفيدرالية سنجد ان انخفاض مستوي التشغيل هو القضية البارزة في خلفية الصورة. وتقول مجلة "تايم" ان سوق العمل لا يزال هو المنطقة المظلمة في الاقتصاد الامريكي علي الرغم من عودة النمو الايجابي الي كثير من المؤشرات الاقتصادية وفي شهر فبراير بلغ صافي ما تم فقدانه من وظائف 36 ألف وظيفة وبرغم ان هذا وضع افضل مما حدث في فبراير 2009 حيث بلغ عدد الوظائف المفقودة في ذلك الشهر 726 ألف وظيفة فإن مؤشر التوظيف علي اية حال لا يزال يسير في الاتجاه الخاطئ وحتي لو افترضنا ان عصا سحرية حست سوق العمل وجعلته يعود الي ايجاد 200 ألف وظيفة شهريا او نحو ذلك فإن الامر سيحتاج الي ثلاث سنوات ونصف اي 42 شهرا ليعود معدل البطالة الي ما كان عليه من انخفاض قبل بدء الركود ولكن من دون حساب ما هو مطلوب من وظائف خلال تلك الفترة لتشغيل القادمين الجدد الي سوق العمل. وقد حظيت هذه المشكلة باهتمام سياسي كبير من الرئيس اوباما وفريقه لان نتائج اية انتخابات تتوقف غالبا علي حالة الاقتصاد والحالة العقلية لاصحاب الاجور وفي خطاب حالة الاتحاد 30 يناير الماضي قال اوباما ان التوظيف هو همه الاول وفي 17 مارس الماضي اصدر الكونجرس قانونا لايجاد الوظائف رصد ضمن اجراءات اخري نحو 13 مليار دولار من الاعفاءات الضريبية لتحفيز الشركات علي تشغيل المزيد من العمالة والحقيقة المهمة دون شك هي ان الحكومة لا تملك الكثير الذي يمكن ان تفعله لكي تنشط عدد الوظائف الدائمة خاصة علي المدي القصير عدة شهور او سنوات قليلة وان ماكينة التوظيف الاساسية في امريكا كانت ولا تزال هي المشروع الخاص والمشكلة هي ان الشركات الخاصة خارجة لتوها من اسوأ انكماش منذ الكساد الكبير عام 1929 وبرغم ان كثيرا من الاقتصاديين يرون ان الاسوأ قد مضي وانقضي فإن عدم التعيين بشأن سرعة تعافي الاقتصاد لايزال يغل ايدي الشركات. كما ان الشركات حتي تلك القوية ماليا لن تنشط في مجال التوسيع مالم تعرف حجم الاعباء التي سيتحملها الاقتصاد الامريكي جراء المبادرات الحكومية في شأن التأمين الصحي وخفض الانبعاثات الكربونية. صحيح ان هناك ضغطا سياسيا علي البنوك من اجل زيادة الائتمان ولكن المشكلة في رأي واحد مثل ديك ايفانز الرئيس التنفيذي لبنك فروست هي ان الشركات عازفة عن الاستدانة وهذا معناه في رأي ميشيل بورتر خبير الاستراتيجية في كلية تجارة هارفارد ان اول شئ يساعد علي ايجاد الوظائف في مثل هذه الحالة هو بث الثقة في ان الاقتصاد سيعود الي النمو من جديد. ولعله من حسن الحظ ان اوضاع التشغيل نظريا وعمليا اخذت تتحسن في بعض اتحاد الولاياتالمتحدة حيث تشير تحليلات "موديز ايكونومي دوت كوم" لما يصدر عن مكتب احصاءات العمل الامريكي من بيانات الي زيادة التشغيل في 72 مدينة امريكية خلال الشهور الستة الاخيرة وذلك من بين 384 منطقة حصرية في الولاياتالمتحدة والدرس المستفاد من تجارب هذه المدن المحظوظة هو ان ايجاد الوظائف يبدأ بايجاد شئ ما "سلعة او خدمة" يرغب الناس في شرائها صحيح ان هناك اسبابا متنوعة لاحجام الشركات عن ايجاد الوظائف منها عدم توافر الائتمان المصرفي وارتفاع تكاليف تشغيل عمالة جديدة بسبب اعباء الضرائب والتأمين الصحي ولكن المعوق الحقيقي لآلة التوظيف الامريكية هو نقص الطلب علي السلع والخدمات ويذكر استطلاع للرأي اجرته امريكان اكسبريس في يناير الماضي حول اهم محفز للشركات علي التوظيف ان زيادة الطلب هو الاهم حيث حظي بموافقة 42% من افراد العينة اما الحوافز الضريبية وسهولة الاقتراض فكانت نسبة الموافقة عليها 11% ثم 5% علي التوالي ويقول جيمس مينيكا مدير الابحاث الاقتصادية في "مكنزي جلوبال انستيتيوت" ان الناس تتحدث كثيرا عن ايجاد الوظائف ولكنها لا تفكر بما يكفي في كيفية ايجاد الطلب والسبب في ذلك كما تقول مجلة "تايم" هو ان التركيز علي الطلب أمر يحتاج الي براعة. ومن المعروف ان المستهلكين الامريكيين ظلوا عدة عقود هم الماكينة الاساسية لايجاد الطلب ولكنهم الآن غارقون في الديون والبطالة كما أصبحوا أكثر ميلا للاقتصاد في الانفاق ويشير التوسع الشديد قبل الأزمة في استخدام بطاقات الائتمان والاقتراض من اجل شراء المنازل عن طريق انظمة الرهن العقاري الي ان الطلب الامريكي لم يكن قائما علي دعامات ذاتية ولعل هذا هو سبب دعوة الرئيس اوباما الي مضاعفة الصادرات الامريكية خلال السنوات الخمس