شهد القطاع العقاري في مصر الفترة الماضية تغيرا دراماتيكيا مهما من حيث مواقع القوة بين طرفي معادلة البيع والشراء وتأثيرهم في العملية الديناميكية للقطاع، ففي الوقت الذي كانت فيه الكلمة الأولي للبائعين والمطورين من مواقعهم القيادية، إلا أن السيناريو اختلف الآن لتتحول كفة الميزان لصالح المشترين الذين أصبحوا أكثر دراية وعلما ووعيا للقيمة المرادة مقابل المبلغ المدفوع، وأصبحت توقعاتهم من شركات الوساطة والوسطاء العقاريين أعلي من أي وقت مضي. يري محمد عبدالله، العضو المنتدب لشركة كولدويل بانكر في مصر وشمال افريقيا أن القطاع العقاري في مصر يمر بمرحلة انتقالية خاصة أن مصر تعد واحدة ضمن أربع دول في العالم لم تتأثر بالازمة المالية مشيرا أن السوق المصري محصن ضد هذه الازمات بسبب الطبيعة السكانية للمجتمع. وأضاف عبدالله أن عام 2010 سيتميز بالنضج والتركيز، فالشركات العقارية التي استطاعت أن تصمد في وجه الازمة الاقتصادية ستصبح أكثر حكمة وقوة وتركيزا كما سيتوافر لها المزيد من الفرص التي يمكن انتهازها، بينما تستمر الاقتصادات العالمية والمحلية في الانتعاش، موضحا أن إنشاء صناديق استثمار عقاري أحد البدائل لحل مشكلة التمويل لشركات التطوير العقاري. خلال السطور التالية نرصد هذه القضايا وقضايا أخري في حوار "العالم اليوم" مع محمد عبدالله. * في رأيك، هل انتهت تداعيات الأزمة المالية علي قطاع العقارات المحلي؟ ** أري أن الأزمة المالية انتهت بالفعل منذ بداية العام الحالي والدليل علي ذلك اننا رأينا مطورين يرفعون أسعار وحداتهم لأول مرة منذ اندلاع الازمة في ،2008 فإذا نظرت لقطاع العقارات في مصر فستجد أنه يتمتع بالعديد من المقومات التي تجعله محصنا ضد هذه الازمات ومنها أغلبية الشريحة السكانية في مصر تقل أعمارها عن 25 عاما ويصل عدد الزيجات من 500 600 ألف زيجة، وفي الواقع لقد أجري عدد من الدراسات منذ أن نشبت ازمة الرهن العقاري في الأسواق الأمريكية وتنبأ فيها الخبراء بأن هناك 4 دول فقط ستكون بمنأي عن تداعيات هذه الازمة وهي: مصر والمكسيك والصين والبرازيل. ففي رأيي ما حدث في السوق العقاري المصري كان ناتجا عن حالة ذعر غير مبررة فالمشتري كان يحجم عن الشراء بانتظار انخفاض أسعار الوحدات بينما كان المطورون يحجمون عن التوسع في مشروعات جديدة انتظارا لانتهاء الازمة، علي الرغم من أننا كمؤسسة جولدويل بانكر قمنا بحملات توعية موسعة للمطورين في بدية الازمة بأن هذا هو أفضل وقت للاستثمار وهو الوقت الذي يتردد فيه الجميع في الدخول في مشروعات جديدة. كما أن إحدي الظواهر التي أوجدتها الازمة هي عدم قدرة المطورين علي تخفيض أسعار وحداتهم في المشروعات التي بدءوا تسويق مراحل فيها لأن ذلك كان سيعني تقويض مصداقيتهم أمام العملاء الذين دفعوا بالفعل ثمن هذه الوحدات، لذا فقد اتجه كثيرا منهم لترك هذه المشروعات القائمة والبدء في مشروعات جديدة يستند تسعيرها إلي الظروف التي أوجدتها الازمة المالية، أما الظاهرة الثانية للازمة المالية فهي توقف بعض المطورين في السوق المصري وسبب ذلك ليس له علاقة مباشرة بالازمة المالية ولكن لأن العملاء كانوا يفضلون مشروعات بعينها وقت الازمة ويضعون معايير أعلي لاختيار المطور ومنها ثقتهم بأنه سينهي هذه الوحدات في المواعيد المحددة، المصداقية التي يتمتع بها المطور في السوق وغيرها من العوامل، وبشكل عام أري أن الازمة أوجدت مرحلة انتقالية مر بها السوق العقاري المصري وقد بدأت حاليا علامات استقراره وشفائه بشكل تام من تأثيرات هذه الأزمة. * هل أدت الأزمة المالية إلي توقف ظاهرة المضاربين؟ ** قطاع العقارات يحتاج إلي المضاربين إلي جانب المستثمرين ولكن بنسبة معينة، المشكلة التي وقعت في الأسواق الأخري ومنها دبي هو ارتفاع نسبة المضاربين عن الحد الصحي المطلوب للحفاظ علي عجلة نمو القطاع العقاري، فيجب أن يظل العميل النهائي صاحب أكبر نسبة في السوق بعدها تأتي نسبة المستثمرين ثم نسبة المضاربين، فالمضارب هو الشخص الذي يتمتع برؤية ثاقبة تجعله يتوقع نجاح مشروعات بعينها وبالتالي فإنه يساعد المطور ويعتبر مصدرا تمويليا له ولكن المشكلة لو اعتمد المطور علي المضارب في أغلبية وحدات المشروع حينها يتحول المضارب منافسا للمطور، أحد التأثيرات السلبية للازمة كان في تراجع نسبة كل من المستثمرين والمضاربين بالرغم من أن ذلك كان الوقت الامثل مع تراجع حجم السيولة النقدية في السوق. * ما أكثر المنتجات العقارية التي تضررت من جراء الأزمة؟